
الساحل السوري في مواجهة الثورة المضادة.. صراع على مستقبل البلاد بين قوى التغيير وبقايا الاستبداد
شهد الساحل السوري في الآونة الأخيرة تحركات تهدف إلى تقويض الاستقرار السياسي في البلاد وإعادة فرض هيمنة قوى معادية لتطلعات الشعب السوري، وعلى رأسها بقايا نظام الاستبداد وحليفهم الإيراني. تُعتبر هذه التحركات محاولة لثورة مضادة تستهدف إسقاط حكومة الشرعية والتحولات السياسية التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
بعد عقود من القمع والظلم تحت حكم نظام الأسد، نجح الشعب السوري في الإطاحة بالنظام في ديسمبر الماضي، مما فتح الباب أمام بناء “سوريا الجديدة” التي تسعى لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. إلا أن هذا التحوّل لم يكن خالياً من التحديات، حيث ظهرت مخاوف من قيام “ثورة مضادة” تعيد البلاد إلى حقبة الاستبداد.
وتُشير تقارير إلى أن بقايا نظام الأسد، بالتعاون مع حليفهم الإيراني، يسعون لإعادة بسط نفوذهم في المناطق الاستراتيجية، وخاصة الساحل السوري. وقد لعبت إيران دوراً ميدانياً كبيراً في دعم النظام السابق من خلال توفير دعم غير محدود، بما في ذلك جلب الميليشيات الشيعية وزجها في سوريا لمحاربة فصائل المعارضة، مما جعلها الدولة الأكثر نفوذاً في سوريا من الناحية الميدانية.
تُعتبر منطقة الساحل السوري ذات أهمية استراتيجية، وقد شهدت محاولات من قبل بقايا النظام السابق وحلفائهم لإثارة الاضطرابات وتقويض الاستقرار. وتهدف هذه المحاولات إلى استغلال التوترات الطائفية والعرقية لخلق حالة من الفوضى تمكنهم من استعادة السيطرة على سوريا مجدداً. إلا أن الوعي الشعبي والتماسك المجتمعي في هذه المناطق حال دون تحقيق هذه المخططات.
كما لعبت القوى الإقليمية، وخاصة تركيا، دوراً محورياً في دعم الثورة السورية والإدارة الجديدة، من خلال الاعتراف بها وتقديم الدعم اللوجستي والسياسي لها. ويسهم هذا الدعم في تعزيز الاستقرار ومنع أي محاولات لثورة مضادة، خاصة مع اهتمام تركيا بضبط الأوضاع الأمنية على حدودها الجنوبية.
بالإضافة إلى التحديات الأمنية، يواجه الساحل السوري تحديات اقتصادية، أبرزها أزمة تسويق الحمضيات التي أدت إلى خسائر كبيرة للمزارعين. ورغم الجهود الحكومية المتأخرة لإنقاذ الموسم، إلا أن هذه الأزمة تعكس الحاجة إلى سياسات تنموية فعّالة تدعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.
تُظهر الأحداث في الساحل السوري أن بقايا النظام السابق وحلفاءهم الإقليميين لا يزالون يسعون لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإفشال التحولات الديمقراطية في البلاد. إلا أن الوعي الشعبي والدعم الإقليمي للإدارة الجديدة يشكلان حائط صدٍ أمام هذه المحاولات، ما يعزّز الأمل في بناء مستقبل أفضل لسوريا بعيداً عن الاستبداد والتبعية.