fbpx

الريادة النسائية في تعزيز السلم الأهلي: المرأة السورية نموذجاً

0 82

في ظل التحولات العميقة التي شهدتها المجتمعات خلال العقود الأخيرة، برزت المرأة كلاعب رئيسي في جهود تعزيز السلم الأهلي. وإذا كانت النساء عموماً يشكلن ركيزة أساسية في بناء المجتمعات، فإن المرأة السورية قدمت نموذجاً خاصاً في الشجاعة والريادة، لا سيما في مواجهة آثار الحرب والصراع الممتد.

مفهوم الريادة النسائية والسلم الأهلي

تشير الريادة النسائية إلى المبادرات والجهود التي تقودها النساء في شتى المجالات لإحداث تغييرات إيجابية ومستدامة. أما السلم الأهلي، فهو حالة من الاستقرار والتعايش القائم على العدالة، والمساواة، واحترام التنوع. من هذا المنطلق، تصبح الريادة النسائية في بناء السلم الأهلي ضرورية لتحقيق مجتمع آمن وعادل، خاصةً في الدول التي عانت من النزاعات، كما هو حال سوريا.

المرأة السورية: صوت للسلام رغم الألم

لقد عانت المرأة السورية من ويلات الحرب بكل تفاصيلها المؤلمة، لكنها في المقابل، أثبتت أنها قادرة على أن تكون صانعة سلام في خضم العواصف. عملت النساء السوريات في مجالات الإغاثة الإنسانية، والتعليم، والدعم النفسي، وأطلقت الكثيرات منهن مبادرات مجتمعية هدفت إلى تعزيز المصالحة بين المكونات السورية المختلفة

في كثير من القرى والمدن، كانت النساء السوريات يقدن جهود المصالحة بين العائلات المتنازعة، ويؤسسن مراكز مجتمعية تقدم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من النزاع، مما ساهم في تقوية النسيج الاجتماعي الهش.

التحديات أمام الريادة النسائية السورية

رغم دورها الريادي، واجهت المرأة السورية تحديات هائلة، من النزوح القسري واللجوء، إلى فقدان المعيل، إضافة إلى التمييز السياسي والاجتماعي، وسط بيئة مشبعة بالعنف وعدم الاستقرار. هذه العوائق لم تثنِ النساء السوريات عن متابعة دورهن في ترميم المجتمع، بل زادت من إصرارهن على المضي قدماً في مسيرة السلام.

نماذج مشرقة للريادة النسائية في سوريا

برعت العديد من النساء السوريات في تأسيس منظمات مدنية تعمل على دعم السلم الأهلي، مثل مبادرة “نساء سوريات من أجل السلام والديمقراطية”، وشبكة “النساء السوريات”، وغيرها من المشاريع التي جمعت أطياف المجتمع السوري تحت مظلة الحوار والتسامح.

كما ساهمت النساء في توثيق الانتهاكات، والدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، مما وفر أرضية ضرورية لتحقيق المصالحة الوطنية المستقبلية.

المرأة السورية في المفاوضات السياسية والعمل الإنساني الدولي

امتد تأثير المرأة السورية إلى ساحات السياسة والعمل الإنساني الدولي. فقد شاركت ناشطات سوريات في مفاوضات السلام الخاصة بسوريا مثل جنيف وأستانا، وطالبتن بضرورة إدماج قضايا المرأة وحقوق الإنسان في أي حل سياسي مستقبلي

أنشأت النساء السوريات تحالفات مثل “اللوبي النسوي السوري”، وأصبحن جزءاً من الحراك الدولي الداعي إلى إنهاء الحرب وبناء سلام عادل. وفي المجال الإنساني، أسسن منظمات لدعم اللاجئين والناجيات، وكان لهن حضور فاعل في المحافل الدولية كممثلين عن الصوت السوري الإنساني الحر.

المستقبل بين أيدي النساء

إن تجربة المرأة السورية تُظهر بوضوح أن أي عملية لبناء السلام وإعادة الإعمار لا يمكن أن تكون مكتملة من دون مشاركة حقيقية للنساء. فالريادة النسائية ليست مجرد استحقاق حقوقي، بل شرط أساسي لتحقيق مجتمع سلمي عادل وشامل.

من هنا، فإن دعم المبادرات النسائية، وتمكين المرأة السورية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، هو الطريق الأصدق نحو سلام مستدام ومستقبل أكثر إشراقاً لكل السوريين.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني