الدوحة تمنحنا الفرح المفتقد
كلما مررت من ذاك الطريق يفتح خيالي بواباته على مصراعيها ويأخذني الى “افتح يا سمسم” وإلى “الأميرة النائمة والأقزام السبعة” كمن يهبط مصعداً في برج شاهق العلو. فقررت أن أكتب عنه وأرتاح…
في الطريق المؤدي إلى (الوعب) على تقاطع (السدّ) مع شارع (جوعان) يجلس صندوق أثريّ كبير من التُحف، أود لو أرسل من يُلمّعه وينظفه لأنه يحوي خزين من خيالنا الذي كنّا نملكه في الطفولة من كنوز علي بابا والأميرات… يخطر ببال الصغيرات أنه مملوء بالمجوهرات والأقراط وسلاسل الذهب واللآلئ المكشوفة المتهدلة، كم يحوي هذا الصندوق من خيالاتنا وأحلامنا، لماذا فتحتموه نصف فتحة على أرجاء طفولتنا المفتقده منذ جرحين وحرب طاحنة؟!. إنه تحفة فنية أودّ لو أحملها معي إلى الشام وأترك مكانها قلبي وديعة، ثم أدندن لها: “بيلبقلك شك الألماس، دروب دروب”. فالمدن كالصبايا تفرح بحُليّها وفساتينها وأدوات زينتها، تفرح بنظافتها ونسائمها وموسيقاها وعطورها.
تمرُّ وأنت تفتح زجاج سيارتك هذه الأيام في الطرق المؤدية الى البحر فتتغلغل برودة هادئة النسمات في مدينة تُغيظ كل المدن الغارقة الآن في بردها وأمطارها..
على الكورنيش تقع صدفة كبيرة بلؤلؤة فاخرة أترك لها مقاماً آخر لأتخلص من عبء جمالها عليّ.
في الدوحة تحتفل بك الأسواق فيحضرون لك الفنّ في المدارج والساحات، لتستمع الى مطربيها وتحضر مبارياتها ولا يمنعك شرطي من الفرحة بل يوزعها الأطفال في “القرنقعوة” بنكهة مختلفة عن “الهولاوين” في الغرب مع أنها تشبهه كثيراً لكن الفرق أن أطفالنا يقرقعون أيامك وضحكاتك.
في سوق واقف، تقف لتتفرج على الفنانين التشكيليين أمام مبنىً مشغول بسنارة امرأة من القرون الوسطى، وهم يرسمون بالأسود والأبيض وجوه جميلة ووجوه غريبة…تتفرج على مقاهٍ تحمل أسماء لعواصم عربية عديدة بكل أكلاتها الشعبية، من الكبة الشامية في “داماسكا” إلى الطاجن المغربي والمندي اليمني مروراً بطعمية القاهرة الى المسقوف العراقي ومناقيش الجبل اللبناني و… إلخ تجمعنا كل هذه العواصم بالتذوق والطعم، بالثقافة الواحدة، باللغة والأرض والدين…
وتفرقنا “فيزا” الدخول!؟..