الدوامة السورية.. متى ينتهي زمن التضليل
لا أحد ينكر أن السوريين، بعد انسداد أفق التغيير مؤقتاً، قد وقعوا أسرى لدوامات التصريحات الأجنبية، التي يحمل بعضها شحنة من التفاؤل لهم، هذه التصريحات، بعضها يتفوه بها موظف أمريكي أو روسي بسيط، فيحدث لدى الناس نوع من الفرح الكاذب، يقوم بدور مسكّنٍ لأوجاعهم المستمرة.
فلو عدنا إلى الوراء مع بدء الثورة السورية العظيمة، وتفحصنا حجم هذه التصريحات، لوجدنا أننا أهدافٌ لتصريحات مضللة، غايتها، منعنا من اكتشاف حقيقة ما يحاك لثورتنا وشعبنا المهجّر في أصقاع الأرض.
هذا التفحص لمسار التصريحات المرتبطة بتطور الأحداث، يقود بالضرورة إلى إنارة حجم الكذب الإعلامي الذي تضخه أجهزة إعلام مختلفة، تريد من ذلك إبقاء الشعب السوري في حالة تأرجح بين أوجاعه واحتمال حدوث نهاية لهذه الأوجاع.
لكنّ الذي يجري على الأرض، أن الفئة الحاكمة في سوريا، لا تزال تعمل من أجل الحفاظ على مكانتها لدى جمهور حاضنتها المضلل به.
فمثلاً، شبعت حاضنة النظام، لا بل أتخمت، من شعارات لا قيمة لها، تصوّر أن الشعب السوري في غالبية مناطقه هو حاضنة الإرهاب، وهي بذلك، تعمل على جعل جمهور هذه الحاضنة، لا يرى الفروق بين مستوى عيش أبناء قيادات وناهبي الاقتصاد الوطني، وعيش أبنائهم، فأبناء هؤلاء القيادات يدرسون في أفضل المعاهد الأجنبية، ويتعلمون اللغات، ولا ينقصهم شيء، بينما أبناء حاضنة النظام يعانون العوز والفقر، ويدرسون في مدارس بائسة لا قيمة فيها للعلم بشكل حقيقي.
أما على الطرف الآخر، فهناك شعب لا يزال يحلم بالعودة إلى دياره وعودة الحياة الطبيعية إلى مناطقه، هذا الحلم تحول إلى دوامة، يعمّق من فعلها المستفيدون من استمرار المقتلة السورية.
إن واقع الحال سيء على السوريين جميعهم، فهل فكّر هؤلاء السوريين أن طريق الخلاص بالنسبة لهم هو طريق وحدتهم من جديد ضد الظلم والقهر والمقتلة التي صاروا حطباً لها.
هذا التفكير الجديد يجب أن يضيء لحاضنة النظام أن بشار الأسد ومجموعة ضباطه لم يعودوا بغير هذا الوجع والألم عليها، هذا الوجع الذي لن ينتهي، ولهذا وجب التفكير بطريق أخرى تقود إلى السلام وردم الهوة التي حفرتها الأكاذيب. وحين نقول السلام فهو دعوة للعودة إلى مربع الوطنية خارج أوهام الطوائف وأكاذيب السياسة المدمرة.
التفكير الجديد ينبغي أن يشمل حاضنة الثورة أيضاً، التي باتت أسيرة دوامة من سلسلة آمال وأكاذيب إعلامية لا تخدمها بل تخدم من يستفيد من استمرار الحال على ما هي عليه.
لذلك نحن لن نصدق بعد اليوم أكاذيب الإعلام التي تصور لنا أن التطبيع مع إسرائيل سينقذ الأمة، ولن نصدق أن النظام العالمي سيلبي متطلبات السوريين في حالتهم التي تؤكد أنهم شراذم غير فعالة.
لهذا وجب التغيير وإضاءة الحقيقة، ووجب تغيير الأدوات والوسائل، بحيث تكون للشعب كلمته، وليس الكلمة لمن نصّبته القوى الدولية واجهة قيادة للسوريين.
هذا الكلام يتشاطر به الشعب السوري المهجّر، والشعب الذي يئن تحت سياط نظام استبدادي لا يرحم. فهل يجد هؤلاء على الضفتين من يمد الجسور بينهما ليبدأ زمن سوري جديد؟.
إن هذا الاتجاه هو الحقيقة الوحيدة التي تنهي دور دوامات التصريحات المخدرة وأكاذيب الإعلام الذي يلعب دور خادم للأنظمة المستبدة التي تستعبد الشعوب.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”