الدكتور رياض حجاب والمطالبة بإعادة هيكلة المعارضة.. لماذا الصمت؟
حين طالب السوريون بتصحيح وضع مؤسسات الثورة والمعارضة لم يكونوا على خطأ، فهذه المؤسسات لا تعمل ككلٍ متسق، وليس لها مرجعية قرار واحد، ولهذا تأتي قراراتها وكأنها تلبية لحاجات أشخاص أو قيادات فيها، وهذا ما يجعلها تلهث وراء الحدث محاولة الإمساك بتلابيبه، كي لا تظهر بمظهر غير الفاعل وغير المهتم بالحدث وتفاصيله.
ولعل أهم المطالبين السوريين بإعادة هيكلة المعارضة هو الدكتور رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري السابق المنشق عن نظام بشار الأسد، حيث قال حجاب في محاضرة ألقاها في مركز السياسات الدولية بالعاصمة الأمريكية واشنطن: “إن الاهتمام تراجع بالملف السوري بشكلٍ كبيرٍ، كما تراجع معه دعم المعارضة على خلفية التنافس الكبير من قبل الداعمين والممولين، ما أدى لتفريق الصفوف، وتشتت المعارضة، وحصول انقسامات فيما بينها”.
وأوضح حجاب على أن أحد الحلول يتمثّل بإعادة هيكلة الائتلاف الوطني والمعارضة، وهيئة التفاوض وتوسيع تمثيلها، وتقوية علاقاتها بشكلٍ أكبر من الوضع الحالي، وأن تكون بعيدةً كل البعد عن الخلافات الدولية والإقليمية، وأن تبني علاقاتها مع جميع الأطراف بشكل متناسبٍ وعلى نفس المسافة”.
حديث حجاب ولقاؤه مع جويل رايبورن في واشنطن، ليسا بلا هدف سياسي يعرف شروطه وأبعاده السيد حجاب، ولكن بعد مرور قرابة خمسة أشهر على الحدثين، لا يزال الغموض والصمت يلف موقف رئيس الوزراء السوري المنشق، الذي ترأس الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض1.
فما الذي يعرفه حجاب، ويخفيه عن الحاضنة الثورية وعن السوريين، ولم يحن وقت التصريح به؟. وهل ما تقع به مؤسسات المعارضة من أخطاء ذاتية له علاقة بما يعرفه السيد حجاب؟.
لقد حدّد حجاب أحد الحلول بقوله: “أحد الحلول يتمثل بإعادة هيكلة الائتلاف الوطني والمعارضة وهيئة التفاوض”. ولكن إعادة الهيكلة لم تتم بعد، فالاستعراض الإعلامي الذي قامت به إدارة الائتلاف في ظل رئيسها نصر الحريري، لا يدل على توجه حقيقي لتفعيل وتطوير عمل هذه المؤسسة، بل كانت الغاية شدّ الانتباه إلى أن الرئيس الجديد لديه رغبة في الظهور بأنه يضع برنامج تغيير لم يحدث بعد، وعلى ما يبدو أنه لن يحدث.
إن بقاء انقسام هيئة التفاوض يضرّ بالقضية السورية وبثورتها ومصالح شعبها، وهذا الانقسام يخفي خلفه تنازعات منها ولاءات إقليمية، وهو ما يجعل الثقة بين الطرفين المنقسمين في حالة انتظار ريثما تتم عمليات التقارب بين السعوديين والمصريين من جهة، وبين الأتراك من جهة أخرى.
إن اتهام هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي للطرف الآخر الذي يقوده أنس العبدة، بأنهم يتبعون أجندة ذات بعد أيديولوجي، غايته تبرير موقفهم، الذي لا ينبغي أن يبقى بلا تحمل مسؤولية وطنية، فهؤلاء جميعاً، لم يستطيعوا إعادة هيكلة هيئتهم، على قاعدة وحدة وهدف التفاوض مع النظام السوري، وهو الهدف المحدد بالقرارات الدولية التي تنص على أولوية الانتقال السياسي، ثم الاتفاق على نص وثيقة دستورية تخضع للاستفتاء في ظل شروط آمنة وحقيقية ودون تدخل، ثم إجراء انتخابات على مستوى البلاد تتضمن انتخاب برلمان ورئاسة حكومة ورئاسة بلاد.
إن صمت الدكتور رياض حجاب وهو الخبير الأكبر بوضع المعارضة يجب أن ينتهي، وأن يظهر حجاب على الملأ الوطني عبر وسائل الإعلام، فيقول ما لديه، وما يعرفه، بما يخصّ حالة المعارضة بصورتها الحالية، وحالة التفاوض، وإلى اين تتجه الأمور في ظل عبث دولي صريح.
رياض حجاب يتحمّل مسؤولية تسمية الأشياء بأسمائها، حتى لو أغضب كلامه جهات إقليمية أو دولية تشتغل على الصراع السوري، خدمة لغير أهداف السوريين بالانتقال السياسي.
فهل يخرج الدكتور حجاب من شرنقة صمته، ويشرح للسوريين ما الذي يحدث؟ أم أنه يؤثر سلامته الشخصية على حساب الشعب السوري وقضيته؟. لقد بلغ صمت السيد حجاب درجة الريبة لدى قطاعات واسعة من السوريين الذين جهروا بضرورة أن يظهر حجاب ويقول الحقيقة للناس.
خروج حجاب عن صمته، سيلعب دوراً في تفعيل مؤسسات المعارضة، رغماً عن معطلي فعاليتها، فهو معني اليوم بقيادة حملة التصدي للمشروع الروسي الباطل لإعادة إنتاج نظام بشار الأسد، فالمطلوب قلب الطاولة على المشروع الروسي الذي يعني استمرار الكارثة الوطنية السورية.
إن قلب الطاولة على المشروع الروسي كان جزءاً من صلب محادثات رياض حجاب مع جويل رايبورن، فلماذا الصمت حتى اللحظة؟، في وقت المطلوب فيه هزيمة الخيار الروسي المتصف بالسوء، ومنع تمرير الهزلية الروسية.
فهل سيطلّ حجاب على السوريين ويخبرهم بما يجب أن يعرفوه عما يحاك ضدهم؟، أم أن الصمت ثلثا راحة البال لديه وخير الكلام هو الصمت؟
أسئلة بحاجة أجوبة من الدكتور رياض حجاب. والناس في انتظار.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”