fbpx

الدكتورة سميرة مبيّض لـ نينار برس: المعارضة تعمل على إيجاد مسارٍ لتقاسم السلطة مع نظام الأسد

0 300

القضية السورية قضية مفتوحة على احتمالات كثيرة، فالصراع بين قوى الثورة والمعارضة وبين النظام الأسدي الاستبدادي، هو صراع كشف عن بنية هذا النظام بصورة علنية وواضحة، على أنه نظام استبدادي مغلق على بنيته، وكشف عن بنية قوى المعارضة، التي تصدّرت مشهد الصراع باسم الثورة، فظهرت كمعارضةٍ ضعيفةٍ، لم تستطع أن تمسك بدفة الصراع مع عدوها، وصارت تبحث عن تسويات، بسبب عجزها عن تعديل ميزان القوى لمصلحتها.

نينار برس التقت الدكتورة سميرة مبيض عبر الفضاء الالكتروني، وهي باحثة وأكاديمية بالعلوم البيئية والإنسانية، وطرحت عليها بعض الأسئلة، فكان هذا الحوار.

س1- حين تمّ تشكيل اللجنة الدستورية كان الأمر يرتكز على مخرجات مؤتمر سوتشي، فإعداد دستور برعاية الأمم المتحدة أهمل التفاوض بالسلال الأخرى، ألا تعتقدين أن (خطوة مقابل خطوة) هي تفريغ جدي للقرار 2254 من قيمته والتفاف عليه للوصول إلى حكومة موسعة نسبياً يرأسها الأسد؟

سلال التفاوض معطّلة

تقول الدكتورة سميرة مبيّض في إجابتها عن سؤالنا حول مقترح بدرسون (خطوة مقابل خطوة):

“في الواقع فإن تشكيل مبادرة خطوة مقابل خطوة التي أطلقها السيد بدرسون مؤخراً، لم تخرج عن إطار السعي لتسويةٍ وتوافقاتٍ ومقايضاتٍ سياسية، وهو ما كان الأمر سائداً عليه خلال عقد من المفاوضات تحت رعاية الامم المتحدة، وذلك يبتعد كلياً عن مضمون القرار 2254 القاضي بالتغيير السياسي والذي يُفترض احترامه وتطبيقه من قبل أي مبعوث دولي يوُفد لهذه المهمة”.

وتضيف مبيّض: “بما يتعلق بالسلال الأخرى، فلا يوجد فيها أي تقدم على الصعيد الدولي أيضاً، وذلك مرتبط بشكل مباشر بجمود وتعطيل العملية الدستورية، فجميع السلال المُفترضة هي في الواقع مترابطة، ولا يمكن عزلها عن بعضها”.

س2- النظام الأسدي نظام استبدادي ونظام إبادة وقد مارس ذلك علناً من قتل بكل أنواع الأسلحة بما فيها السلاح الكيماوي. فهو نظام مغلق على ذاته. لماذا وافقت المعارضة على التفاوض مع نظام لن يتفاوض على وجوده؟ كيف تقرأين موقف المعارضة في هذا الشأن؟

 المعارضة تسعى لتقاسم السلطة

وحول سؤالنا الثاني المتعلق بالتفاوض مع نظام مغلق على ذاته، تقول الدكتورة سميرة مبيّض الباحثة في الشؤون البيئية والإنسانية: “تبيّن أن المعارضة تعمل على إيجاد مسار لتقاسم السلطة مع نظام الأسد، عبر السعي لمقايضات سياسية، وتوافقات غير معلنة، وهو موقف يناقض مساعي السوريين وأهداف الثورة ببناء دولة المواطنة والقانون، وينهي الحقبة الشمولية بأطرها كافة”.

وتوضح مبيّض فكرتها فتقول: “أعتقد أن اتضاح موقف المعارضة هو منعطف في مسار الثورة السورية، لأن التغيير في سوريا هو تغيير جذري وحتمي، كي يشكّل مرتكزاً لتحقيق الاستقرار والأمن في الإطار المحلي والاقليمي وفي العالم، بينما مساعي المعارضة تسعى لإعادة تأهيل منظومة مُخلة بالأمن للمدنيين والآمنين محلياً، ولدول الجوار إقليمياً وذلك أمر مرفوض من الأطراف كافة”.

س3- هناك من يقول: لتغيير واقع حال الصراع مع النظام الأسدي وحلفه يحتاج الأمر لإعادة إنتاج أدوات ووسائل هذا الصراع بصورة بنيوية مختلفة.

هل ترين أن هناك إمكانية لإزالة هذه المعارضة الجاثمة على صدر السوريين، الممثلة لأجندات إقليمية ودولية؟ وهل تعتقدين بضرورة خلق مرجعية سورية لقوى الثورة والمعارضة عبر مؤتمر سوري جامع؟ ما اقتراحكم حول هذا الشأن؟.

السوريون ضد الدفع الأيديولوجي

الصراع في سوريا يحتاج لأدوات ووسائل جديدة، حول ذلك تقول الدكتورة سميرة مبيّض، التي ساهمت في مفاوضات اللجنة الدستورية: “تشكّلت أطر المعارضة منذ عقد من الزمن بناء على تحقيق مصالح كلاً من الأطراف المتدخلة بالشأن السوري، وكاستمرارية لأطر المنظومة القديمة، بحكم عدم توفر مناخ سياسي ومدني سوي، يسمح بنشوء تيارات تعبّر فعلياً عن الشارع السوري طوال عقود زمنية طويلة”.

لكن اليوم تضيف مبيّض: “الوضع مختلف، والسوريون يتمسكون بتحقيق مصالحهم وضمان أمن ومستقبل أبنائهم، وليس بالدفع لتيارات أيديولوجية، لا تمثّل إلا مصالح ضيّقة، وتمتلك نفس ممارسات وسلوكيات النظام السابق”.

وترى مبيّض: “أن الاجدى اليوم، هو تبني رؤية موحدة بعيداً عن الاستقطابات القائمة، المؤتمر السوري سيأتي في خطوات قادمة، كنتيجة بديهية للسير بمسار موحد بانٍ لدولة سوريا الحديثة”.

س4- الوضع الثوري السوري في حالة تشظ، ما الممكن الأقرب لبرنامج ثوري سوري بحده الأدنى؟ ومن هي القوى السياسية الأكثر حضوراً وفعالية لحمل هذا البرنامج؟

ضرورة تبنّي رؤية موحدة

وحول برنامج ثوري سوري ينهي التشظي تقول مبيّض: “أعتقد أن الأقرب لتحقيق أهداف الثورة السورية اليوم، هو العمل في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وأعتقد أن الأجدى اليوم، هو تبني رؤية موحدة بعيداً عن الاستقطابات القائمة”.

وترى مبيّض: “أن سيطرة النظام وفق مرحلة تمهيدية للتغيير السياسي، تنطلق من هذه المناطق، وبناء نواة تؤسس لمستقبل سوريا، ويتطلب ذلك تحييد الأطر التي تتبنى الأيديولوجيا الفاسدة والمرتهنة، والاعتماد على ما تأسس في العقد المنصرم من حراك حديث، ومن كفاءات وتكنوقراط، ومن إمكانات علمية ومعرفية، قادرة على الإدارة والتنمية، وصولاً لتطبيق نموذج الدولة الحديثة على عموم الأراضي السورية”.

س5- التدخلات الإقليمية والدولية في الصراع السوري خطفت القضية السورية وحولتها لصراع أجندات لا شأن للسوريين بها.

كيف يستعيد السوريون استقلالية قرار صراعهم مع النظام الأسدي، وما الشروط التي يجب أن تكون متاحة لتحقيق هذه الاستقلالية؟.

عدمية الحراك السياسي

ترى الدكتورة مبيّض أن “التدخلات الإقليمية والدولية، أدت إلى محصلة عدمية بالحراك السياسي السوري، عبر هيمنتها على أطر المعارضة والأطر العسكرية ومسارات الحل، وتحويلها لأدوات لخدمة الصراع الإقليمي والدولي”.

وتعدّد مبيّض قوى الصراع فتقول: “صراع الحكومة التركية والحزب المعارض التركي في الشمال السوري، صراع روسيا والولايات المتحدة الاميركية والغرب، صراع إيران والسعودية وغير ذلك، إضافة إلى صراعات أيديولوجية دينية لا منتصر فيها منذ آلاف السنين، وصراعات أيديولوجية سياسية مزيفة الشعارات وفارغة المضمون”.

وتعتقد مبيّض: “أن هذه الصراعات بمجملها أدّت إلى حالة شديدة السلبية، بما يتعلق بمصلحة السوريين، وإمكانية تقدم الحل”.

وترى مبيّض أن “استقلالية القرار السوري تعني تحييد الأطراف غير القادرة على الانفكاك عن أيديولوجياتهم البائدة، وعن تبعيتهم وارتهانهم ومصالحهم الضيقة، وإعادة مضمون مطالب السوريين للجوهر، حراك شعب ضد سلطة استبدادية، مطالباً ببناء دولة حديثة، وأسس مواطنة سليمة، وامتلاك وتفعيل الأدوات اللازمة لذلك، وعلى رأسها العمل الدستوري، ليفضي لعملية تغييرٍ سياسيٍ متكاملة، وناهضة بالدولة السورية الحديثة”.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني