الدستور والديمقراطية هما الضمان للحد من خطاب الكراهية
في غياب الديمقراطية والدستور الضامن لحقوق المواطنين أفراداً وجماعات، تتنامى ظواهر عديدة في المجتمع حيث الظلم ينال القسم الأعظم من المواطنين، وتتكرس قوانين مراكز القوى من الأعلى الى الادنى، وكذلك افقيا في المجتمع ، وبالتعبير الشعبي المتداول منذ القدم ( القوي يأكل الضعيف )، ولا شك ان هذا الأمر مع الزمن والتراكم في نتائجه السلبية يفرز مواضيع أخرى تأتي في سياق تبرير هذا الظلم ،والقمع وعدم التساوي في المجتمع وحسب التعددية القائمة في أي مجتمع تظهر تلك التبريرات بالموازاة معها، ففي إطار التنوع القومي تبرز المفاهيم العنصرية لتبرير سياسة التمييز القائمة في المجتمع، وكذا في حالة التنوع الديني والثقافي والطبقي ،مما يخلق حالة من العداء الكامن في المجتمع تظهر لدى الأغلبية، وتستتر لدى الأقلية ومع الوقت تنمو لتصبح حالة مرضية تسود الخطاب في المجتمع على حساب الخطاب السوي والحكيم.
هذا الخطاب المدمر للمجتمع بقيمه الإيجابية في العيش المشترك والسلم الأهلي سيؤدي إلى إغلاق كل السبل أمامه للتطور والتنمية والعدالة و يزيد من ازماته القائمة بدلاً من البحث عن حلول لها.
وفِي التجربة العامة لنا كسوريين، وخلال الأزمة الحالية نعيش هذا الخطاب بأسوأ اشكاله ،ولَم يعد في إطار الخطاب بل تجاوز إلى الممارسة الفعلية لها، ومن هنا نرى القتل على الهوية أو الدين أو الطائفة أو الأثنية وحتى الثقافة والفكر ،وهذا القتل لم يعد في إطار التنوع فحسب بل تعمق أكثر ليشمل أبناء الطائفة الواحدة او الإثنية الواحدة أو الدين الواحد ،وذلك لأن هذا الخلاف هو مُبرر ليس إلا ويخفي خلفه السبب الحقيقي للخلاف ،والذي يعود كما قلت إلى غياب دستور ضامن للحقوق ونظام ديمقراطي يحمي هذا الدستور وينظم آلية العمل في المجتمع وبين المواطن والسلطة.
وفِي التجربة الخاصة وفِي الإطار القومي الكردي فإننا نعاني بشكل مزدوج مرة كمواطنين سوريين كما أوردته أعلاه ومرة اخرى في إطار العلاقة بين المجتمع الكردي سياسياً واجتماعياً، حيث ان الحركة السياسة رغم انها جاءت نتيجة التمييز وبهدف إزالته عن الكرد وللأسف فشل في تحصين الحركة الكردية من خطاب الكراهية بل حاول في الكثير من الأحيان نقل أزمات الآخرين إليها عبر التقليد أو التبرير ولكن مع الوقت وخاصة بعد تمكن قسم منها في تبوء السلطة محلياً وامتلاكها للقوة والنفوذ والاقتصاد وبدلا من الإستفادة من التجارب المريرة للآخرين وحل مشاكلها الداخلية عبر وسائل ديمقراطية اتجهت نحو أستنساخ تجارب الأنظمة المتخلفة في المنطقة أما القوى الأخرى خارج السلطة بدورها لم تُقّدم على اأي عمل معارض بناء، بل تتحين الفرص لالتقاط الأخطاء لدى السلطة ، وبقيت على التمترس خلف شعارات كبيرة من المراحل السابقة ، وتمادو البعض منها في النفخ في قربة المسيئين للقضية الكردية من المحليين والقوى الإقليمية المتدخلة في الشأن السوري والكردي السوري ضمناً.
ومن هنا فإن تجاوز هذا الخطاب المدمر يحتاج مستويات للحل في ثلاث أطر (عالمية وإقليمية وداخلية وطنية ) والمهم، ورغم صعوبته البدء بالخاص وتوسيع الدائرة رغم الحالة السوداوية القائمة إلا أن المجتمع بمعظمه خيّر ولكن مُصادر في قراره من قبل المهيمنين على إرادته من تلك القوى التي من مصلحتها استمرار هذا الخطاب والنزاع والتمييز ،ولكن في إطار تضافر جهود الخيرين وإفساح المجال أمام قوى المجتمع يمكن التغلب على هذا الواقع، وليكن الهدف أولا وأخيراً دستور ضامن للحقوق ونظام ديمقراطي ينظم العلاقة في المجتمع.
مساهمة الأستاذ احمد سليمان في مبادرة “معاً في مواجهة خطاب الكراهية”, التي أطلقها اللقاء الوطني الديمقراطي وتمّ نشرها في صحيفة نينار برس بالاتفاق مع الأستاذ احمد سليمان.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”