الحسكة: الواقع المائي بين مشاريع متوقفة وعطش مستمر
محافظة الحسكة الغنية بالأنهار والمياه الجوفية تعاني من أزمة مياه كبرى، في عام 2011 تم تدشين مشروع لجر مياه نهر دجلة في منطقة عين ديوار على المثلث الحدودي وكان من المقرر أن يشمل المشروع توصيل المياه من أقصى الشمال إلى أنحاء المحافظة كافةً.
وكان سيتم من خلال هذا المشروع دعم شبكات نهر الخابور وإعادة الحياة لهذه الشبكة، الأعوام التي تلت 2011 شكلت نقطة تحول في هذا المشروع حيث توقف قبل إنجازه، وبقيت كميات الماء التي يتمّ ضخها إلى المنطقة في الحدود الدنيا. واستفاد من المشروع عدة قرى وبلدات صغيرة، وتم ضخ كميات قليلة إلى مدينة القامشلي.
مدير الموارد المائية في محافظة الحسكة المهندس عبد الرزاق العواك كان قد عزا في وقت سابق توقف العمل في المشروع إلى ما أسماه بالاحتلال الأمريكي وخروج المنطقة عن سيطرة الدولة منذ عام 2012 واعتيبر العواك هذا المشروع موازياً في أهميته لمشروع سد الثورة من حيث تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وكانت الحكومة قد وقعت عقداً مع شركة روسية قبل 6 سنوات لإعادة إحياء المشروع، منذ ثلاثة عقود كانت المحافظة تعتمد في مياه الشرب على مشروع السدين الشرقي والغربي في ريف المحافظة الشمالي حيث كانت المياه القادمة للسدين من منطقة ينابيع رأس العين عبر قناة مكشوفة، بعد انعدام جريان الينابيع في عام نتيجة الجفاف 2000 بدأ ضخ المياه بشكل قسري حيث تم حفر 116 بئراً ارتوازياً لتصب في مجريي نهري الخابور والجرجب، توقف عمل السدين بعد تعرض المنطقة لغزو من قبل ما سمي بجبهة النصرة وما لحق بالمنشأة المائية من تخريب وسرقة لمضخات المياه وفيما بعد سيطرة قسد على المنطقة كما قامت الدولة السورية في عام 2000 بتنفيذ مشروع جر مياه الفرات إلى جنوب محافظة الحسكة (الشدادي وريفها) وهو أيضاً خارج الخدمة.
أعلنت مديرية الموارد المائية عن رغبتها في استكمال هذه المشاريع واعادة تأهيل المتضرر منها عن طريق المنظمات الدولية العاملة في المنطقة باعتبار هذه المنطقة خارجة عن سيطرة الدولة. وقد أدت سنوات الجفاف إلى زيادة معاناة سكان المنطقة مشروع مياه علوكه المغذي للمدينة حيث كان يعتمد على 24 بئراً ارتوازياً يضخ الماء للمدينة توقف عن العمل بسبب سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا على المشروع.
الإدارة الذاتية من جانبها أعلنت في عام 2019 عن صيانة شبكات مياه في بعض المناطق بطول 13.5 كلم و صيانة وتأهيل محطات ضخ المياه /73/ محطة و/19/ منهل و/89/ بئر. كما أعلنت عن مشروع حيوي لتأمين مياه الشرب للمدينة بدل مشروع علوكه وذلك بجر مياه الخابور إلى سد الحسكة الشرقي ومنه إلى محطات التصفية والتحلية.
وبحسب دراسة قدمها حوالي /20/ مهندساً سيصب /53/ مليون متر مكعب من المياه خلال فصل الشتاء في بحيرة السد هذه الكمية ستؤمن مياه الشرب بشكل يومي دون انقطاع لكامل المدينة وكذلك تأمين مخزون احتياطي سنوي يصل إلى /15/ مليون متر مكعب وكان الرئيس المشترك للجنة البلديات في مقاطعة الحسكة عبد الغفور أوسو أكد أن المشروع في مراحله الفنية الأخيرة وهو قيد الموافقة وسيستغرق تنفيذه بين /120-150/ يوماً.
يتم تعقيم المياه في المنطقة بواسطة هيبوكلوريت الكالسيوم وتثبيط نمو الجراثيم فيها هذه المادة التي تقدمها في الفترة الأخيرة بعض المنظمات الدولية العاملة في المنطقة لتعقيم مياه الشرب. يذكر أن أغلب أعمال الصيانة والمشاريع المائية التي تتم في المنطقة تتم عن طريق المنظمات الدولية العاملة هنا حيث قدمت عدة مولدات كهربائية لتشغيل آبار تغذية المدن والقرى بالإضافة لصيانة وتأمين مضخات ماء لضخ المياه من الآبار حيث تعتبر المنطقة خارج سيطرة الدولة وعدم قدرة الإدارة الذاتية على تحمل نفقات الصيانة واستكمال المشاريع.
تحتاج محافظة الحسكة إلى استراتيجية جديدة للاستفادة من مياه الأنهار المارة في المحافظة والأمطار الموسمية والبحث عن حلول وتأهيل مشاريع جر المياه والحصول على حصة المنطقة من مياه هذه الأنهار لتأمين متطلبات المنطقة من مياه الشرب، حيث أن المشاريع الضخمة في مجملها غير منفذة وغير مستكملة، وتعاني المحافظة من انقطاع تام للمياه لفترات طويلة إضافة إلى انقطاعها عن أحياء واسعة في القامشلي وغيرها من المدن والبلدات ما يعني أن مشاريع الطرفين (الدولة السورية والإدارة الذاتية) ماتزال مجرد حبر على ورق طالما تعاني المحافظة ومدنها من نقص في مياه الشرب.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”