fbpx

الثورة السورية في ذكراها العاشرة.. ضرورة تجاوز الوهن والانتقال للمبادرة

0 291

فاجأ السوريون العالم بنشاطهم الثوري، الذي لم يخب بعد مرور عشر سنوات على تفجّر الثورة السورية، هذا النشاط لم يقتصر على مناطق لجأ السوريون إليها هرباً من البراميل والصواريخ التي كان يهاجمهم بها النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني.
المظاهرات شملت مناطق سورية كثيرة منها الشمال السوري المحرر، وكذلك مناطق واقعة تحت حكم قوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى مناطق وجود اللاجئين السوريين في أنحاء العالم.
المفاجأة الرئيسية أتت من الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية ومن كندا ودول أخرى، حيث أعلنت هذه الدول والمجموعات السياسية الكبرى، عن تأييدها للثورة السورية، والعمل على محاسبة النظام السوري الذي استخدم كل وسائل القتل والتدمير لسحق الثورة ففشل.
هذه الفعاليات العظمى لم تأت من فراغ، بل أتت تتويجاً لتناقضات صريحة بين خطين سياسيين عالميين مختلفين، هما خط الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، ومعها أوربا والدول العربية، التي وقفت ضد حرب النظام على السوريين العزّل.
هذه الفعاليات أعادت وضع القضية السورية في مرتبة متقدمة من الاهتمام العالمي، فهي باتت قضية تؤثر على السلم الدولي، باعتبار أنها قضية إن لم تُحل سياسياً فسيترتب عليها مالا يمكن للعالم تحمله من تطرف ممكن، وضغوط لاجئين لا يمكن للدول تحمّل تبعاتها.
فالولايات المتحدة وعبر وزارة خارجيتها ومجلس نوابها، أصدرت بيانات تأييد للشعب السوري، مطالبة بضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تعرقلها روسيا وإيران والنظام في دمشق.
كذلك حذا الأوربيون حذو الولايات المتحدة، وأصدروا أكثر من بيان من مؤسساتهم، قالوا فيها، إن إعادة الإعمار لن تحدث قبل حدوث انتقال سياسي صريح في سوريا عبر تنفيذ القرار 2254.
لقد وصل الأمر إلى حدّ أن قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن بوتين قاتل.
هذه الأوضاع الجديدة، تحتاج إلى ديناميكية عمل سياسي جديدة، تنتهجها قوى الثورة والمعارضة، عبر نشاط سياسي وديبلوماسي على الصعد الداخلية والإقليمية والدولية.
داخلياً، تحتاج قوى الثورة إلى التلاحم والانفتاح الأوسع مدىً على حاضنتها السورية، وضرورة توجيه خطاب غير إنشائي إلى حاضنة النظام، يتمّ عبره إبلاغ هذه الحاضنة، بأنها تمّ دفعها بالقوة إلى خيارات الموت والقتل، ويجب أن تكون مع باقي فئات الشعب السوري في قضية الخلاص من نظام الاستبداد، الذي أفسد الدولة ونهبها، وسلّم خيراتها لدول إجنبية مقابل أن يستمر في نظامه الاستبدادي.
وإقليمياً، يجب أن تجد قوى الثورة والمعارضة وسائل وأدوات تخاطب عبرها الدول العربية، وشعوبها، بغية توسيع مساحة الضغط السياسي على النظام وداعميه الخارجيين، الذين يؤخرون عملية الانتقال السياسي التي ستحدث رغم كل محاولاتهم بمنع حدوثها. مثل هذا الوسائل والأدوات دفع قوى المجتمع المدني من منظمات عمالية أو نسوية أو ثقافية أدبية وفنية إلى تعميق دورهم في نصرة أخوتهم السوريين، من خلال إقامة مهرجانات أدبية وفنية بأكثر من طريقة.
دولياً، العمل على مزيد من دفع الولايات المتحدة لتعميق ضغوطها على النظام ومنظومة مؤيديه، حتى يستجيب لاستحقاقات القرار 2254.
إن هذه الانعطافة الواسعة في حركة رفض استمرار القتل والتهجير وتأهيل النظام، لا بدّ أن تحقق نتائج لها من خلال وضع برامج عمل لتنفيذ خطواتها.
فهل ستذهب قوى الثورة والمعارضة إلى نبذ خلافاتها وتوحيد مسعاها وكلمتها من أجل اختصار الوقت والتكلفة المادية التي يدفعها السوريون مع استمرار رفضهم لنظام الاستبداد وإصرارهم على الانتقال السياسي الذي يضمن وحدة سوريا وشعبها عبر دولة مدنية ديمقراطية تعددية، تنبذ التعصب الطائفي والديني والإثني، وتؤمن بدولة المواطنة الواحدة لجميع مكوناتها؟
الضرورة تقول بذلك، وكل ما يعيق هذه الضرورة ستدوسه عجلاتها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني