fbpx

التحرش الجنسي بالمرأة العاملة وبتلميذات الجامعات

0 501

التحرش الجنسي ظاهرة تختلف معطياتها من مكان إلى آخر، ومن مجتمع إلى مجتمع، حيث يتعلق الأمر بدرجة التطور الاجتماعي والفكري، ويمكن استعراض أنواع التحرش، فهناك تحرش لفظي بأسلوب يعتمد على ركيزة التعليقات الجنسية، أو بأسلوب يذهب إلى طرح أسئلة مسيئة، أو تحت بند النكتة، أو إبداء نظرات ذات مغزى تلميحي إلى الجسد، وربما يصل الأمر إلى طلب لقاء خاص.

 كل هذه الظواهر المسيئة، والتي تكون دون تقبل من الطرف الآخر، يمكن تسميتها (عملية تحرّش)، وهذا التحرش يتعرض له كثير من الناس، كالأطفال والنساء والرجال أحياناً، لكن النسبة الأغلب التي يقع عليها هذا الفعل هي النساء.

تزداد هذه النسبة عند المرأة العاملة، أو لدى تلميذات الجامعة، سواءً كانت فتاةً أو متزوجة، ومع ذلك يمكن اعتبار التحرش الجنسي ملفاً من الملفات الكبيرة الصامتة، التي مازالت مغلقة نسبياً، بالرغم من كثرة حالات هذا الملف في المجتمعات، لكنه ملفٌ مختف وراء الالتزام بالصمت.

تقول دراسة أشارت لها “الجمعية الأمريكية للنساء”، أن أربعةً من كل خمسة طلاب يتعرضون إلى تحرشات جسدية أو لفظية حتى أمام مدرسيهم، وأحياناً تكون في سن مبكرة. 

في أغلب المجتمعات يعود التحرش إلى الثقافة الذكورية، إذ إنهم يرون أن لهم الحرية المطلقة في تصرفاتهم، ولا حرج عليهم، فعندما يعامل الرجل أنه حر في تلبية غرائزه، مثلما يشاء، بدون زرع ضوابط إنسانية وأخلاقية تمنعه من التحرش، فهذا يعني تثبيت التحرش كقيمة يتغاضى المجتمع عن الذين يفعلونها.

هذه المعاناة تتعرض لها المرأة بشكل كبير، فهي لا تستطيع الإفصاح عنها، وخصوصاً في العالم العربي لعدة أسباب، منها حساسية الموضوع، أي هناك خوف لدى المرأة من الفضيحة أو تلويث السمعة، أو فقدان العمل، فنرى معظم النساء يتعرضن للتحرش، حيث يصل هذا التحرش إلى عادة يومية يمارسها المتحرش.

ويظهر أكثر هذا التحرش في أماكن العمل من قبل أصحاب الشغل، وتضطر المرأة إلى إخفاء ما يحدث لها من تحرش حفاظاً على كسب لقمة عيشها، كما تتعرض الطالبات في الجامعات من قبل الطلاب والأساتذة بشكل خاص لهذا السلوك المشين، وربما تخضع أحياناً لعملية مساومة على نجاحها بالمواد مقابل رضوخها، وهذا يدفعها إما للتنازل عن مقاومتها والقبول بالأمر، والسكوت على التحرش، وهذا يعرضها للضغط والأمراض النفسية، وإما التضحية بنجاحها بالمواد، وخسارة عام دراسي.

هذه الحالات أفصحت عنها طالبات جامعات عديدات، وهو أمر يخلق لدى المتحرش بهن شعور الضحية، مادام ليس هناك عقاب رادعٌ وحقيقي، يُتخذ بحق المتحرشين، لذلك ولهذا السبب يظل موضوع التحرش بعيداً عن المعرفة الكاملة، والصورة الحقيقية له، ففي دراسات عديدة، تبين أن النساء اللواتي يتجرأن على التقدم بشكوى لا تتجاوز نسبتهن 25٪ من الحالات التي يقع عليهن التحرش، (صحيفة الشرق الأوسط).

أهم الآثار التي يتركها فعل التحرش بالمرأة هو الشعور الدائم بالخجل، والغضب، والخوف، وكذلك التشوش وقلة النوم والتركيز، وهذا ينعكس على قدرتهن في المشاركة المدرسية أو المجتمعية.

تقول السيدة “س” إنها كانت تتعرض كثيراً للتحرش من قبل رئيسها بالعمل، وسبب عدم قبولها لذلك التحرش أو رفضها له، هو خوفها من انتقامه منها، فقد يحرمها من حقها في الترقية أو الحوافز المادية، لقد اضطرت “س” لمغادرة العمل بسبب ضغط مديرها عليها لعدم تمكنه منها، ولعل الحاجة والفقر وعدم وجود المعيل، تفرض على المرأة التكتم على هذا التحرش لمتابعة حياتها.

 وتشير إحصائيات المفوضية الأوربية خلال الأعوام السابقة تعرض نحو50٪من النساء العاملات للتحرش، ولم يقمن بأي خطوات للحل بسبب خوفهن أو خجلهن.

فلقد صرّح مدير منظمة العمل العربية إبراهيم قويدر، أن منظمة العمل العربية لاحظت انتشاراً كبيراً للموضوع في الوطن العربي، وبشكل مخيفٍ، وخصوصاً النساء الإداريات، حيث يتعرضن للتحرش من رؤسائهن، وتحت مسميات مختلفة، تخفي وراءها تحرشاً. “موقع مركز أخبار أمان”.

إن ظاهرة التحرش الجنسي مسكوت عنها في المجتمع المصري كما تقول الأستاذة عزة سليمان بسبب حساسية الموضوع، وعدم وجود ثقافة لدى المرأة لمواجهة هذه الأمور، وتزيد هذه الظاهرة في حالات النزوح واللجوء، فوجود المرأة في بيئات جديدة غير بيئتها السابقة وسفرها بمفردها، أو برفقة أطفالها يشعرها بالتهديد.

لقد تعرضت نساءٌ عديدات للتحرش من قبل أرباب العمل، أو من قبل مسؤولي الإغاثة أو في معسكرات اللجوء، حيث المطابخ والحمامات مشتركة مع الرجال، ما يجعلها أكثر عرضة للتحرش، وقد ذكرت سيدات حالات كثيرة عن ذلك.

تقول المحامية ليلى عواضه من منظمة (كفى عنف واستغلال): “إن اللوم يوضع دائماً على الفتاة بسبب لباسها أو تحركاتها، فثقافتنا غير مفتوحة، والعلاقات غير مباحة”.

ولكن كحل، يبدو ضرورة أن تكون هناك قوانين رادعة، وأن يتم العمل على تغيير المفاهيم الذكورية في المجتمع، وكسر حاجز الخجل لدى الفتيات، من خلال النشاطات الثقافية عبر المؤسسات والجمعيات، لمعرفة التعامل وكيفية التوجه، وتلقي الشكاوى، وكشفها من خلال التحقيق فيها والإبلاغ عنها، مع حملات توعية عبر منصات (التواصل الاجتماعي)، كذلك التربية منذ الصغر على الثقة والحوار والتواصل الإيجابي بين أفراد العائلة، وتشجيع الفتيات والأبناء على الكلام والإخبار، حين التعرض للتحرش، للبحث عن حلول للمشكلة.

وأهم الأمور، والتي تعتبر من الأسس الصحيحة للعلاج، هو جعل المرأة مسؤولة عن تحرير نفسها من القيود الخاطئة، التي يفرضها عليها المجتمع في هذا المضمار.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني