fbpx

البعث يبذخ بمال الشعب ويوزع شققاً فارهة من أجل الحصول على الولاءات

0 112

وصل إلى نينار برس تقرير من مناطق سيطرة النظام الأسدي، جاء فيه: أنه وعلى الرغم من مرور نحو 9 سنوات على إلغاء المادة الثامنة من الدستور والتي تقول إن “حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة”، إلا أن الواقع يشي بأمر آخر، حيث بقي الحزب غير القائد للدولة والمجتمع منذ عام 2012 يتدخل في كل شاردة وواردة، فيما يحظى مسؤولوه بميزات وامتيازات لم يقلل منها قرار إلغاء المادة الثامنة.

لقد استعيض عن قرار إلغاء المادة الثامنة بنص يقول حرفياً (يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة السلطة ديمقراطيّاً عبر الاقتراع. وتسهم الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات الانتخابية في الحياة السياسية الوطنية).

ونصّت الفقرة الخامسة من التعديلات على أنّه (لا يجوز تسخير الوظيفة العامة، أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية).

وبالرغم من إلغاء المادة الثامنة، وسحبها من الدستور عام 2012، بقي البعث على ما هو عليه، لا بل، وكأنّ البعث القديم أُحيِيَ ببعث جديد، أو كأن الاستفتاء على الدستور جاء لتسخير الوظائف العامة، والمال العام والمنشآت العامة لمصلحته!.

يقول مصدر “بعثي قديم” في حديثه لـ “هاشتاغ” بشرط عدم الكشف عن اسمه “إن أيادي “البعث” مازالت تتغلغل في شتى القطاعات، وفي مختلف التفاصيل حتى أصغرها، والمتغير الوحيد عقب إلغاء المادة الثامنة أن إنجازات “البعث” السابقة تحولت اليوم إلى تدخلات وإساءة لاستخدام السلطة وتجاوز الدستور”.

“دولة” داخل دولة

يمتلك “البعث” مقرّات باذخة، في كل المدن السورية تقريباً، وعقارات لا تقدِّم أية خدمة على الصعيد الحكومي أو الشعبي، في حين تضيق المستشفيات مثلاً، في معظم المحافظات السورية، بعشرات الآلاف من السوريين المرضى يومياً.

كما يمتلك الحزب موارد مالية وموازنات من المال العام وموظفين مفرغين، بما يضاهي أكبر المؤسسات الاقتصادية، لكن التفتيش عليها أو مناقشتها وحتى السؤال عنها يكاد يكون من المحرمات.

ومن ضمن هذه الأملاك والعقارات، ثمة عشرات الشقق الفارهة التي تقع في أهم مناطق العاصمة دمشق، ويقدر ثمن الواحدة منها بالمليارات، فالحزب يملك بناءين شاهقين في منطقة المالكي تعرف باسم “بيوت الوزراء”.

وبالفعل فإن أغلب وزراء الحكومة السورية يسكنون في تلك الأبنية، وإن كانت وزاراتهم تمتلك عشرات الشقق في المناطق الأخرى، لكن جرت العادة أن يُخصص الوزراء (حتى وإن لم يكونوا بعثيين) بسكن في المنازل التي تعود ملكيتها لحزب البعث العربي الاشتراكي!.

ويقول المسؤول البعثي السابق إن هذا المنزل بمثابة “ثوب إعارة بعثية”، لكن بقاء المسؤول في “منازل البعث” بعد خروجه من الوزارة مرهون برضى القيادة المركزية لحزب البعث عن هذا المسؤول!

مضيفاً: “حتى إصلاح المنزل مرهون بعلاقته مع المالك (حزب البعث) الذي لديه مدراء ومديريات متخصصين بالإشراف على هذا الأمر، ويأتمرون فقط بأمر الأمين العام المساعد كونه آمر الصرف.”

“هذا البذخ الذي يعيشه مسؤولو البعث يدفعهم لتوزيع منازل تقدر قيمة الواحد منها بالمليارات لأصدقاء ومسؤولين غير مستحقين دون وجود ضوابط ومعايير سوى الولاءات الشخصية ” كما يقول المسؤول البعثي السابق.

شقة “طول العمر”

بحسب معلومات حصل عليها “هاشتاغ” من مصادر متقاطعة (وزراء حاليون وسابقون ومسؤول بعثي قديم) فإن ضمن القاطنين في تلك الشقق من باتوا منذ سنوات دون أي أحقية في السكن وفقاً لكل المعايير الرسمية، إذ تم تسليم محافظ دير الزور شقة في دمشق ضمن تلك العقارات، وهي نفس الشقة التي يقطنها منذ كان يعمل في التفتيش الحزبي، ثم خلال توليه منصب محام أول لمدينة حلب، وإلى اليوم بعد أن بات محافظاً لمحافظة بعيدة عن العاصمة، إذ مازال مخصصاً في نفس الشقة دون وجود أي مبرر سوى ما يروّج عن أنه يتطلع لأن يكون وزيراً في يوم من الأيام، فيبقى في الشقة كباقي وزراء الحكومة السورية!.

وزير سابق!

وزير ما زال على رأس عمله ويسكن في إحدى الشقق العائدة للبعث تحدث إلى “هاشتاغ” قائلاً إن “لا آلية قانونية تحكم توزيع الشقق، فالتوزيع يعتمد غالباً على العلاقات الشخصية والمنفعية، فهي المتحكم الأول في توزيع هذه الشقق”.

ويلفت الوزير الحالي إلى أن تلك العلاقات سمحت لوزير معزول منذ أكثر من عام بالسكن، في حين لم يمهل صاحب القرار عائلة وزير الإعلام الأسبق عمران الزعبي حتى يجف التراب عن قبره، قبل أن يطلب منهم إخلاء المنزل للضرورة!

ويضيف: ثمّة وزير سابق آخر تم تخصيصه بشقة في منازل القيادة، وذلك بذريعة غريبة وهي أنه بات مستشاراً!.

يجري ذلك على الرغم من أن تلك المساكن لم يسبق أن تم تخصيصها لأي مستشار من قبل، وحتى المستشارين الحاليين لم يتم تخصيصهم بهذه المساكن، والسبب وفقاً للوزير هو العلاقة القوية للمستشار بالقيادة القطرية”.

بين البعثي والعبثي!

لا يقف أمر توزيع المساكن على المسؤولين السابقين أو مشاريع المسؤولين، بل يقطف تلك الشقق الفارهة عدد من غير المستحقين.

وعلم “هاشتاغ” من مصادر مطلعة أن من ضمن هذه المساكن الموزعة والتي تسمى “مساكن أعضاء القيادة” شقة تم تخصيصها لأمين فرع حزب البعث في الرقة، تلك المدينة التي تبعد مئات الكيلو مترات عن العاصمة، وشقة أخرى لأمين فرع الحزب بالقنيطرة، والدافع هو “العلاقة الشخصية” أو “المصلحية” كما تؤكد المصادر، وإلا؛ “كيف يمكن فهم تخصيص أميني فرعي مدينتين دون غيرهما من باقي أمناء فروع المحافظات، فيما يُحرَم أمينا فرعي دمشق وريف دمشق”، كما يتساءل المصدر، علماً أنهما الأكثر استحقاقاً من غيرهما وهما ابنا دمشق وريفها.

جارة الوزراء

من بين المسؤولين السابقين المستحقين لمنازل القيادة مسؤولة نقابية سابقة، وهذه النقابية المعروفة من قبل القاطنين المستحقين بـ “جارة الوزراء” تم تخصيصها بشقة فاخرة من أملاك الحزب كحالة فريدة، ومن دون معرفة الأسباب أو المبررات سوى لدى من أصدر الأمر.

أما سبب تخصيصها خلافاً للقانون فهو كما تقول المصادر، أنه “لا يندرج ضمن ما يمكن تسميته “الفساد الحكومي” أو النقابي، وإنما بموجب “تعليمات” من المتحكم بأملاك القيادة المركزية للحزب، والمبرر أنها كانت ترأس إحدى النقابات”.

وعلى الرغم من عدم وجود “جارة الوزراء” على رأس عملها منذ أكثر من عام، وعدم استلام أي رئيس نقابة لمسكن من أملاك حزب البعث، تم تخصيصها دوناً عن غيرها من رؤساء النقابات بشقة بينما كان وما زال ممنوعاً على الرؤساء السابقين والحالي لنفس النقابة تخصيصهم بمنزل مماثل.

“هاشتاغ” تواصل مع رئيسة النقابة السابقة لسؤالها عن هذا الموضوع وغيره من الأسئلة التي تخص النقابة، فأبدت ترحيباً بادئ الأمر، لكنها رفضت الإجابة لاحقاً دون معرفة السبب!.

سطوة على منازل غير بعثية!

لم يقف التوزيع القائم على المحسوبيات عند منازل القيادة المركزية في دمشق، إذ تؤكد مصادر لـ “هاشتاغ” أن عقارات تعود ملكيتها لبعض الوزارات والمؤسسات كمؤسسة استصلاح الأراضي الزراعية ومقرها مدينة حلب، حيث تم تسليم منازل فيها تبلغ قيمتها مليارات الليرات لأقارب الأمين العام المساعد للحزب بموجب اتصالات هاتفية!

ويقول المسؤول البعثي القديم والمتابع لهذا الملف “الكبير” إنه “لا يمكن لملف المليارات المهدورة من المساكن والآليات التي توزع دون وجود معايير أو آلية رقابية أن يحصر بسطور، وسط تعتيم وغياب للتوثيق كمستمسك ودليل إدانة.”

لكنه يؤكد أن “الثابت في الأمر هو وجود عشرات الأشخاص من المستلمين لمنازل وحتى سيارات دون وجود مبرر سوى أنهم أصدقاء القيادة المركزية!”.

أملاك متناثرة

رغم تركيزنا على الشقق السكنية في منطقة المالكي؛ لا سيما مساكن الوزراء وأعضاء القيادة، إلا أنها لا تشكل سوى غيض من فيض الأملاك التي لا يمكن حصرها في هذه السطور، فالقيادة جيّرت لصالحها أملاك الاتحاد النسائي العام الذي تم حله، كما أن لها سلطة التحكم في عقارات ومساكن العديد من النقابات والاتحادات، وهي “تمون” على توزيع شقق لموظفيها والمقربين منها من تلك العقارات الكائنة في مشروع دمر وضاحية قدسيا ومساكن برزة وغيرهم الكثير.

ويرى كثيرون أنه إذا كان مقبولاً وبنص دستوري أن يخصص حزب البعث بموازنات وموارد وعقارات وامتيازات لا حصر لها لأنه كان “الحزب القائد للدولة والمجتمع”، فإنه حان الوقت وبموجب الدستور أيضاً أن يعاد النظر في كل الأملاك والموارد والامتيازات الفائضة عن حاجة البعث، التي ما زال محتفظاً بها، لأن ظروف البلد الاستثنائية تحتّم إعادة استثمار تلك الموارد والأصول في مطارح تعود بالنفع على عموم السوريين، وتوجيهها إلى قطاعات اقتصادية وخدمية تخفف وطأة الظروف الضاغطة على ملايين السوريين، وتحويل جزء منها على الأقل، إلى قطاعات الصحة والتعليم والقضاء التي تضيق الأبنية المخصصة لها بالمواطنين المحتاجين للمزيد من أماكن العلاج والتعليم والتقاضي.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني