fbpx

الباحث الاجتماعي نبيل ملحم لـ “نينار برس”: القرار 2254 كان محطة من محطات التآمر على السوريين

0 618

“نينار برس” التقت الباحث والكاتب نبيل ملحم المقيم في فرنسا وأجرت معه الحوار التالي:

س1: المشهد السياسي السوري لا يزال خاضعاً لتنازع القوى الإقليمية والدولية المنخرطة به مع غياب دور وطني سوري. هل تعتقد أن تغيرات ستحدث فيه لجهة حل سياسي وفق 2254 أم لجهة تسوية أخرى نتاج تفاهمات مجموعة أستانا سوتشي؟

لا أعتقد بوجود حل سياسي بالأفق المنظور وفق القرار 2254. ما سيحدث هو إعادة إنتاج أشكال متجددة مما يمكن تسميته بتسويات أستانة التي بدأنا نشهد تجسيداتها على الأرض منذ أستانة رقم واحد في يناير 2017 حتى الآن ودائما برعاية روسية تركية مع مشاركة إيرانية في بعض الأوقات وحيث أن كل تسويات أستاذة كانت تتحكم فيها وتنتجها التوافقات الروسية/التركية الخاضعة والقائمة بالدرجة الأولى والأخيرة للمصالح التركية في سوريا من جهة والمصالح الروسية ومعها مصالح حليفها الإيراني في سوريا من جهة ثانية.

إن الخطير هنا ليس المبازرة الروسية والتركية في سوريا القائمة على استثمار دم وقوة الأطراف التابعة لهما في الساحة السورية بل الأخطر هو أن المبازرة هذه أصبحت تتعلق بموازين وصراعات قوى في المنطقة والعالم تتشابه وتتجاور فيها كذلك المصالح التركية والروسية في تلك الساحات، فقد أصبح على سبيل المثال لا الحصر الصراع الذي يدور على الأرض الليبية يتشابك مع الصراع الدائر في سوريا الأمر الذي يعني أن نطاق المبازرة والأطراف الفاعلة والمؤثرة فيها أصبحت أكثر تعقيداً وتشابكاً وفي النهاية أصبحت هذه المبازرات تشكل خطراً على التسويات التي تحدث بين الروس والأتراك على الساحة السورية إن كانت تحت مسمى أستانة أو تحت مسمى لقاء أو قمة يجمع القيادة الروسية بالقيادة في تركيا إن كان على صعيد قمة تجمع الرئيسين أو لقاء يجمع قادة عسكريين أو أمنيين من كلا البلدين.

س2: إذا أردنا سبر عمق عرقلة تنفيذ القرار الدولي برأيك هل الروس هم المسؤول الأول عنها أم النظام السوري أم إيران أم جميعهم؟ هل هذا الحل له شروط وظروف موضوعية؟ كيف ترى الأمر؟

أولاً ينبغي القول: إن القرار الدولي 2254 الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 18 ديسمبر 2015 كان محطة من محطات التآمر والتخدير الذي كان يقوم به ما يسمى المجتمع الدولي بإعطاء الشعب السوري بعض الحقن والمهدئة لآلامه من جهة ونوع من أمل كاذب للحل. فالقرار لو كان المجتمع الدولي جادا بتطبيقه لكان سهلاً على القوى الفاعلة داخل ما نسميه بالمجتمع الدولي فرض هذا الحل وأقصد هنا بالقوى الفاعلة على الأرض السورية والفاعلة في قرارات نظم المنطقة هما الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أساسي وروسيا الفاعلة والمؤثرة على الأطراف الحليفة لها في سوريا من جهة ثانية. أما من جهة من هي الأطراف التي تقوم بإعاقة تنفيذ هذا القرار فمن المؤكد أن الروس والإيرانيين ومعهم تابعهم النظام هم في مقدمة الأطراف التي تسعى لعدم تطبيق هذا القرار ولكن هنا ينبغي أن نضيف أن صمت الأمريكان وعدم قيامهم بما يلزم لتنفيذ هذا القرار يلتقي مع رغبة الروس والإيرانيين والنظام في عدم تطبيق هذا القرار الذي وضع في أساسه لغماً ولغزاً يجعل تطبيقه أمراً مستحيلاً كونه في النهاية يقول بضرورة قيام هيئة حكم انتقالي يتوافق عليها النظام مع المعارضة. وهو توافق من المستحيل أن يتم بوجود نظام نعرفه جميعاً كما يعرف من وضع هذا القرار أن نظاماً كالنظام السوري لا يمكن أن يوافق على قيام نوع كهذا من الهيئات في سوريا.

س3: عقوبات قيصر والحصار على النظام والوضع الاقتصادي له المتهاوي هل هي كافية لإجبار النظام على حل سياسي يغير بنيته الاستبدادية ويشرك المعارضة في قيادة البلاد وتأمين عودة آمنة للاجئين وتسهيل إعادة الإعمار؟ أم برأيك هناك ظروف وشروط غير متوافق عليها إقليمياً ودولياً؟

بالنسبة لقانون قيصر وكل العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي بقيادة أمريكا على النظام السوري كلها من وجهة نظري أوراق ضغط على حلفاء النظام إن كانوا الروس أو الإيرانيين أكثر مما هي أوراق ضغط على نظام الأسد ذاته فالعقوبات في النهاية تهدف إلى إجبار الروس أو الإيرانيين لعدم تجاوز السقف المحدد لهم أمريكياً لمصلحتهم في سوريا فمن يتوقع أن الدخول والتدخل السياسي والعسكري المباشر الإيراني ومن بعده الروسي في الساحة السورية قد تم من دون الموافقة الأمريكية فهو واهم جداً. وهنا أصل إلى الشق الثاني من هذا السؤال بالقول إن ما يسمى بعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم أو ما يسمى إعادة إعمار هي مسألة تشبه من وجهة نظري ما كان يسمى قبل ذلك تحت نفس المسميات ولكن فيما يخص قضية الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 حتى يومنا هذا. إن ماهو مرسوم للساحة السورية أمريكياً وإسرائيلياً وهذا سقف ما يمكن أن يحصل عليه الروس والإيرانيون هو بقاء الساحة السورية على هيئة خرابة مع تغيير ديمغرافي داخلها تحت مسمى دولة وحيث أن بقاء رأس النظام على رأس هذه الخرابة إن لم نقل حارس هذه الخرابة هو من ضمن ما هو مخطط له. إن فتح طرق تجارية أو مصالح اقتصادية تمر من هذه الحرابة للدول المجاورة المحيطة بالساحة السورية لا يعني إعادة إعمار سوريا أو عودة اللاجئين هو فقط ضرورة من ضرورات التواصل التجاري بين الدول المعنية. فيمكن شطب مصالح الشعب السوري وقضية عودة اللاجئين إلى بيوتهم ولكن لا يمكن شطب الجغرافيا السورية كنقطة وصل وربط للمصالح الإقليمية وهذا أقصى ما يمكن أن يقدم من تأهيل يمكن أن يستفيد منه النظام ولكن لا يمكن أن يصل إلى مستوى التأهيل السياسي الكامل للنظام وبما يعني أن يصبح أو يمنح النظام في المدى المنظور كامل العضوية داخل النظام الإقليمي والعربي.

نبيل ملحم كاتب وباحث في علم الاجتماع السياسي، من مواليد 25/12/1962 من الريف الشرقي لمدينة حمص، قرية أبو حكفا الشمالي.

في الحياة العملية مهندس إنشائي بمرتبة مستشار.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني