الاختفاء القسري الجريمة التّامة من (Z30-A1)
تمعّنت في الاسم “Z30 ” الذي أطلقته المحكمة الألمانية على الشاهد “حفار القبور” فأول ما تبادر الى ذهني مدلول الحرف “Z” والذي هو آخر حرف في سلسلة الأبجدية اللاتينية وفي الحروف الإنكليزية، فوجدت بأنه يدل على أن حفر القبور والدفن هو آخر مرحلة من مراحل جريمة الاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي أو الاحتجاز الذي ينتهي بالموت تحت التعذيب، والتي تبدأ بسلسلة هرمية من المراحل وهي:
- مرحلة اصدار القرار: وهي مسؤولية المجرم بشار أسد رأس النظام باعتباره القائد العام للجيش والقوات المسلحة وباعتباره رأس السلطة التنفيذية، وباعتباره رأس السلطة السياسية.
- مرحلة تنفيذ القرار: وهي مسؤولية الحكومة وقيادة الجيش والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، والتي تقوم بعمليات الخطف والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والتعذيب، والاغتصاب والقتل.
- مرحلة تزوير الأدلة: وتتولى هذه المهمة كل من “وزارة العدل ووزارة الصحة وإدارة الخدمات الطبية وإدارة القضاء العسكري” مجتمعة، حيث أن عمليات تنفيذ الإعدام يجب أن تكون وفق القانون بحضور طبيب شرعي “مدني أو عسكري” وقاض “مدني أو عسكري”.
- المرحلة الأخيرة التخلّص من آثار الجريمة: وهي مرحلة دفن الموتى في المقابر الجماعية السرّية ويتولاها “مكاتب دفن الموتى” أو مجموعات مخصصة لذلك تسند اليها مهمة حفر المقابر الجماعية ودفن الموتى بطريقة سرية للغاية.
وبما أننا نشهد محاكمات لمجرمين بتهم الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والقتل والتعذيب، وارتكاب ممارسات لا إنسانية ضد المعتقلين والمختفين قسرياً، وجب علينا بيان بعض النقاط حول هذه الجرائم حتى تتضح الصورة للضحايا، ويمكن من تخلّف من هذه الضحايا للمبادرة الى اللجوء للقضاء والمطالبة بحقوقهم والادعاء على المجرمين.
أولاً: الاختفاء القسري:
- عرّفته المادة “2” من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بما يلي: لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد ب ”الاختفاء القسري“ الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون. ونصّت المادة 3 منها على أن: تتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة للتحقيق في التصرفات المحددة في المادة 2 التي يقوم بها أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون دون إذن أو دعم أو موافقة من الدولة، ولتقديم المسؤولين إلى المحاكمة.
- الوصف القانوني لجريمة الاختفاء القسري: إنه جريمة ضد الإنسانية ترتكبها دولة وفق نصّ المادة “5” بدلالة المادة “2” منها على أن: تشكل ممارسة الاختفاء القسري العامة أو المنهجية جريمة ضد الإنسانية كما تم تعريفها في القانون الدولي المطبق وتستتبع العواقب المنصوص عليها في ذلك القانون.
- المسؤولية الجنائية عن جريمة الاختفاء القسري: حدّدت المادة “6” منها المسؤولية الجنائية عن جريمة الاختفاء القسري بكل من:
- لكل من يرتكب جريمة الاختفاء القسري، أو يأمر أو يوصي بارتكابها أو يحاول ارتكابها، أو يكون متواطئاً أو يشترك في ارتكابها.
- الرئيس الذي: كان على علم بأن أحد مرؤوسيه ممن يعملون تحت إمرته ورقابته الفعليتين قد ارتكب أو كان على وشك ارتكاب جريمة الاختفاء القسري، أو تعمد إغفال معلومات كانت تدل على ذلك بوضوح، أو كان يمارس مسؤوليته ورقابته الفعليتين على الأنشطة التي ترتبط بها جريمة الاختفاء القسري، ولم يتخذ التدابير اللازمة كافة والمعقولة التي كان بوسعه اتخاذها للحيلولة دون ارتكاب جريمة الاختفاء القسري أو قمع ارتكابها أو عرض الأمر على السلطات المختصة لأغراض التحقيق والملاحقة، ولا يخلّ ذلك بالقواعد ذات الصلة التي تنطوي على درجة أعلى من المسؤولية والواجبة التطبيق بموجب القانون الدولي على قائد عسكري أو على أي شخص يقوم فعلا مقام القائد العسكري.
- – لا يجوز التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة من سلطة عامة أو مدنية أو عسكرية أو غيرها لتبرير جريمة الاختفاء القسري.
- الالتزامات القانونية المفروضة على الدولة وفق هذه الاتفاقية: حددت المادة 24 منها حقوق الضحايا وواجبات الدولة وفق ما يلي:
- لأغراض هذه الاتفاقية، يقصد ب ”الضحية“ الشخص المختفي وكل شخص طبيعي لحق به ضرر مباشر من جراء هذا الاختفاء القسري.
- لكل ضحية الحق في معرفة الحقيقة عن ظروف الاختفاء القسري، وسير التحقيق ونتائجه ومصير الشخص المختفي. وتتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة في هذا الصدد.
- – تتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة للبحث عن الأشخاص المختفين وتحديد أماكن وجودهم وإخلاء سبيلهم، وفي حالة وفاتهم لتحديد أماكن وجود رفاتهم واحترامها وإعادتها.
- – تضمن كل دولة طرف، في نظامها القانوني، لضحايا الاختفاء القسري الحق في جبر الضرر والحصول على تعويض بشكل سريع ومنصف وملائم ويشمل الحق في الجبر من هذه المادة الأضرار المادية والمعنوية، وعند الاقتضاء، طرائق أخرى للجبر من قبيل “رد الحقوق، إعادة التأهيل، الترضية، بما في ذلك رد الاعتبار لكرامة الشخص وسمعته، ضمانات بعدم التكرار”.
- مع عدم الإخلال بالالتزام بمواصلة التحقيق إلى أن يتضح مصير الشخص المختفي، تتخذ كل دولة طرف التدابير الملائمة بشأن الوضع القانوني للأشخاص المختفين الذين لم يتضح مصيرهم وكذلك لأقاربهم، ولا سيما في مجالات مثل الضمان الاجتماعي والمسائل المالية وقانون الأسرة وحقوق الملكية.
- تضمن كل دولة طرف الحق في تشكيل منظمات ورابطات يكون هدفها الإسهام في تحديد ظروف حالات الاختفاء القسري، ومصير الأشخاص المختفين، وفي مساعدة ضحايا الاختفاء القسري وحرية الاشتراك في هذه المنظمات أو الرابطات.
ثانياً: الاحتجاز والاعتقال: ميّز القانون الدولي التقليدي بين الاحتجاز والاعتقال:
- الاحتجاز هو إجراء يحرم الفرد من حريته ويتمّ وفقًا لقرار صادر عن جهة قضائية لأسباب جنائية أو إدارية.
- – والاحتجاز لأسباب إدارية أو أمنية يسمى عادة ” اعتقال ” وتقرره هيئات إدارية أو أمنية، وقد يحدث في أوقات السلم بل يحدث أيضًا في أوقات النزاع المسلح.
- وفي حالات النزاع المسلح، قد تُقدم سلطات عديدة على توقيف أشخاص أو القبض عليهم أو احتجازهم، وهذه السلطات تشمل: سلطات إدارية، والشرطة وسلطات عسكرية، لذلك تختلف الضمانات التي تنطبق على تلك التي تنطبق في أوقات السلم، فبدلًا من التأثير على أسباب احتجاز شخص، وضع القانون الإنساني ضمانات لتنظيم شروط الاحتجاز.
- وفي أوقات النزاع المسلح الدولي وغير الدولي، تمنح اتفاقيات جنيف اللجنة الدولية للصليب الأحمر حقّ الوصول إلى جميع مواقع الاحتجاز حيث يحتجز أشخاص مشمولون بالحماية ولها أيضًا حقّ الاجتماع بهم. وينطبق هذا على كل من المدنيين ” اتفاقيّة جنيف الرابعة / المادة 143″ وأسرى الحرب “اتفاقيّة جنيف الثالثة / المادة 126″ وكل الأشخاص الذين حرموا من حريتهم لأسباب تتعلّق بالنزاع المسلح غير الدولي ” البروتوكول الثاني / المادة 5″ أو الدولي ” البروتوكول الأول /المادة 75 “.
- يستخدم مصطلح الاحتجاز كمصطلح شامل لوصف مختلف حالات الأشخاص المحرومين من حريتهم وفقًا لقرار إداري أو عسكري أو قضائي.
- حظر الاحتجاز التعسفي:
- احتجاز الأشخاص بدون محاكمة محظور بموجب جميع نصوص حقوق الإنسان الدولية، بالإضافة إلى القوانين الجنائية لمعظم الدول. وهذه المسألة موضحة في المادة” 9″ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة ” 1948 “وتكررت وتمّ توسيع نطاقها بموجب المادة ” 9 ” من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة ” 1966″.
- الضمانات القانونية:
- الضمانات الدنيا للمحتجزين: تحدّد المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 بعض ضمانات الحدّ الأدنى أثناء النزاعات المسلحة غير الدولية للأفراد الذين لا يشاركون فعليًّا في الأعمال العدائية، بما في ذلك أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا أسلحتهم والأشخاص الذين أصبحوا عاجزين عن حمل السلاح بسبب المرض أو الإصابة أثناء المعارك أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، وبالتالي تلزم هذه المادة المدنيين الذين يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية ضمن جماعة مسلحة من غير الدول أو بشكل فردي.
- كما أن هذه المادة تحظر التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الإحاطة بالكرامة الإنسانية.
- وهي كذلك تحظر “إصدار الأحكام وتنفيذ عقوبات الإعدام دون إجراء محاكمة سابقة أمام محكمة مشكَّلة تشكيلًا قانونيًّا وتكفل جميع الضمانات القضائية اللازمة في نظر الشعوب المتمدنة” وذلك في أي زمان وأي مكان.
- يعترف الآن بهذه المادة باعتبارها قاعدة إلزامية في القانون الدولي العرفي. ولا يمكن رفض تطبيقها مهما تكن حالة أو وضع الأفراد المعنيين. فهذه ضمانة أساسية وضمانة قضائية واجبة التطبيق في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن، بما في ذلك على أفراد الجماعات المسلحة غير التابعة للدول أو الجماعات الإرهابية التي لا تستطيع التوقيع على اتفاقيات جنيف والتي لا تراعي بالضرورة أحكام القانون الإنساني. وقد أكدت المحاكم الدولية والمحكمة العليا بالولايات المتحدة أن تطبيقها لا يمكن أن يقتصر على التفاسير التقييدية فيما يخص معايير توصيف النزاعات أو المقاتلين. ضمانات أساسية؛ القانون الدولي الإنساني العرفي؛ مقاتلون.
- البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف الأربع:
- المادة ” 5/1 ” من البروتوكول الإضافي الثاني، توسّع نطاق هذه الضمانات الدنيا، فهي تضيف الأحكام التالية التي يجب احترامها كحدّ أدنى فيما يتعلّق بالأشخاص المجردين من حريتهم لأسباب تتعلّق بالنزاع المسلح، سواء كانوا معتقلين أو محتجزين:
- – يجب حماية واحترام الجرحى والمرضى سواء شاركوا في النزاع المسلح أم لا. وينبغي معاملتهم بإنسانية وتوفير الرعاية الطبية والاهتمام بهم وفقًا لما تتطلبه أحوالهم الصحية مع أقل تأخير ممكن. ويجب عدم التمييز بينهم لأي اعتبار سوى الاعتبارات الطبية “البروتوكول الثاني/ المادة 7 “
- التزامات ومسؤوليات سلطات الاحتجاز اتجاه المعتقلين “البروتوكول الثاني/ المادة 52”:
- – يجب أن يستفيدوا من الفحوصات الطبية.
- يجب عدم تعريض صحتهم العقلية والبدنية وسلامتهم للخطر بواسطة أي تصرف أو تقاعس غير مبرّر.
- قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي: حددت قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي، التي نشرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سنة 2005، قواعد القانون الدولي الإنساني بشأن الاحتجاز والتي تعتبر ملزمة لجميع أطراف النزاعات المسلحة الدولية، والنزاعات المسلحة غير الدولية، سواء وقعت الأطراف أم لم توقع على تلك الاتفاقيات.
واحترام تلك القواعد لا يعفي أطراف النزاعات من احترام قواعد أكثر إلزامًا منصوص عليها في الاتفاقيات.
وتضع النصوص الدولية قواعد تتصل بالقواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء بغرض ضمان ما يلي: ألا تنطوي ظروف احتجاز السجناء على أي شكل من أشكال التعذيب أو المعاملة بطريقة قاسية أو لا إنسانية أو تحط من الكرامة الإنسانية، توفير وسائل العيش الضرورية لهم مثل المكان الملائم، الطعام، الرعاية الطبية، الهواء، الإضاءة والنشاطات البدنية.
- السوابق القضائية:
- المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا: أصدرت المحكمة أحكامهما بشأن قضايا جرى فيها توقيف مدنيين بشكل تعسفي أثناء نشوب نزاعات مسلحة. وتخص هذه القضايا مختلف مخيمات الاحتجاز ومختلف دوافع الاحتجاز. وأوضحت المحكمة عدة شروط قد يشكل الاحتجاز التعسفي في ظلها جريمة ضد الإنسانية. ووفقًا للدائرة الأولى في المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة “قضية كرنويلاتش، 15 آذار/ مارس 2002″، هذه الشروط:
- – أن يحرم الفرد من حريته.
- – أن يفرض الحرمان من الحرية بشكل تعسفي، أي لا أساس قانونيًّا يمكن التذرع به لتبرير الحرمان من الحرية.
- – الفعل أو التقصير الذي بموجبه يحرم الفرد من حريته البدنية من الشخص المتهم أو الأشخاص المتهمين، ويتحمل المتهم المسؤولية الجنائية مع القصد في حرمان الفرد تعسفيًّا من حريته البدنية أو مع العلم المنطقي أن عمله أو تقصيره يحتمل أن يسبب حرمانًا تعسفيًّا من الحرية البدنية.
الخلاصة: وحيث أن الجرائم ضد الإنسانية أفعالٌ غير قانونية ترتكب كجزءٍ من هجومٍ واسعٍ أو منهجي ضد المدنيين. ومن هذه الجرائم القتل والإبادة والاسترقاق والإبعاد عن البلاد والاحتجاز التعسفي والتعذيب والاغتصاب، وكذلك الملاحقة القضائية لأسبابٍ سياسيةٍ أو عرقيةٍ أو دينية، وغير ذلك من الأفعال اللاإنسانية فإن المسؤولية عنها تكون على مستويين وهما.
- مبدأ مسئولية القائد: فالقادة العسكريون والمدنيون مسئولون عن الانتهاكات الخطيرة التي يرتكبها أشخاصٌ يخضعون لسلطتهم أو لأوامرهم إذا علموا بها، أو إذا كان حرياً بهم العلم بها، ثم لم يتخذوا التدابير الكفيلة بوضع حد للجرائم أو معاقبتها. أما مهاجمة المدنيين فكان أمراً منظماً على المستويات العليا للحكومة، واستمر أكثر من عشر سنين مع العلم الكامل بأن المستهدف هو المدنيون، ولم يفضِ إلى خطواتٍ جدية لمعاقبة المسئولين عن الجرائم المرتكبة.
- المسئولية الجنائية الفردية: وقد نظّمت المادة” 25 ” من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أحكام المسؤولية الفردية:
- يخضع جميع الأفراد ” سواءً كانوا فاعلين أصليين أو مشتركين أو مسهّلين أو مساهمين أو مساعدين أو مخططين أو محرِّضين، بهدف تعزيز النشاط الإجرامي أو الغرض الإجرامي للجماعة، بمن فيهم المسئولون الحكوميون والقادة العسكريون والجنود وأفراد الميليشيات والمدنيين إلى الملاحقة القضائية بسبب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إضافةً إلى الجرائم المحلية التي يجرّمها القانون الدولي. وحيث أن الجرائم ضد الإنسانية موضوع اختصاص عالمي، ولا يوجد ما يحد من هذا الاختصاص، ولا يقبل الدفع فيها بتنفيذ الأوامر العليا، ومن هذه الجرائم ما حددته المادة السابعة من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية ” الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمداً في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية. والتعذيب ” الذي يقصد به تعمد إلحاق ألم شديد أو معاناة شديدة، سواء بدنياً أو عقلياً، بشخص موجود تحت إشراف المتهم أو سيطرته،والاختفاء القسري للأشخاص ” إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه، ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة.
- وعليه تكون جريمة الاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي أو الاحتجاز المقترن بالتعذيب، أو القتل تحت التعذيب، والتعذيب كجريمة مستقلة جريمة مّركّبة فاعلوها متعدّدون وهم سواء في المسؤولية سواءُ كانوا شركاء أو مساهمين أو متدخلين أو مساعدين أو محرّضين ويتحمّلون تبعات هذه الجريمة كاملة تبدأ من اعلى سلطة في اصدار القرارات الى الأجهزة الحكومية والقضائية والصحية وحتى مكاتب دفن الموتى.
- لا يُعتدّ بالدفع بتنفيذ الأوامر الصادرة عن السلطات الأعلى للإفلات من المسؤولية الجنائية، وعليه فإن جريمة الاختفاء القسري أو الاعتقال التعسفي أو الاحتجاز توجب مسؤولية بشار الأسد ورؤساء الأجهزة الأمنية وفروعها ومدراء السجون والمعتقلات وكذلك رؤساء وأعضاء محاكم الإرهاب والمحاكم الميدانية، والأطباء في المشافي التي تستقبل هؤلاء المعتقلين أو المحتجزين أو المختفين قسرياً المشرفين على علاجهم، والأطباء الشرعيين وقضاة الجرائم المشهودة المناوبين ووزير العدل والمحافظين ورؤساء مجالس المدن والمحافظات المسؤولين عن مكاتب دفن الموتى والمقابر، باعتبارها جريمة ضد الإنسانية ترتكبها دولة وفق نصّ المادة “5” بدلالة المادة “2” والمادة “6” والمادة “24” من الاتفاقية الدولية الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والمواد “7 و25” من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
- · ويُرد على الذين يحتجّون بأنهم يقاتلون أو يعتقلون أو يحتجزون “إرهابيين” بأن تطبيق المادة الثالثة المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الثاني الملحق بها، واستناداً الى سابقة قضائية حكمت بها المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا، أمر واجب مُلزم دون النظر الى وضع المعتقل أو المحتجز أو المختفي قسرياً لأن هذه القاعدة إلزامية في القانون الدولي العرفي. ولا يمكن رفض تطبيقها مهما تكن حالة أو وضع الأفراد المعنيين. فهذه ضمانة أساسية وضمانة قضائية واجبة التطبيق في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن، بما في ذلك على أفراد الجماعات المسلحة غير التابعة للدول أو الجماعات الإرهابية التي لا تستطيع التوقيع على اتفاقيات جنيف والتي لا تراعي بالضرورة أحكام القانون الإنساني. وقد أكدت المحاكم الدولية والمحكمة العليا بالولايات المتحدة أن تطبيقها لا يمكن أن يقتصر على التفاسير التقييدية فيما يخص معايير توصيف النزاعات أو المقاتلين. ضمانات أساسية؛ القانون الدولي الإنساني العرفي؛ مقاتلون.
- لذا فإن جريمة الاختفاء القسري في سورية هي جريمة تّامة تبدأ مستويات المسؤولية الجنائية عنها من بشار أسد لتنتهي بحفّار القبور أي من “A 1 الى Z30”.