الائتلاف ومسارات الإصلاح من الوهم إلى الحقيقة والفرصة الأخيرة
لم يكن يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وهو تاريخ إعلان الاتفاق النهائي لتوحيد صفوف المعارضة السورية يوماً كباقي الأيام.
إنه اليوم الذي حُشد له الكثير من السياسيين المستقلين والأحزاب والتكتلات المحدثة والقديمة في النضال ضد النظام السوري من أجل الوصول إلى الخلاص من ذلك السكون السياسي الطويل لدى السوريين.
وعلى الرغم من جميع التدخلات والضغوطات التي ساهمت وساعدت الأطراف السياسية السورية على توقيع الاتفاق في العاصمة القطرية الدوحة.
إلا أنه شكل نقلة نوعية في تاريخ النضال السياسي السوري بتشكيل كيان منظم يمثل أكبر واوسع تجمع لهذه القوى التي ما استطاعت أن تحقق أي شيئا منفردة.
وبالعودة لحصاد السنين العجاف التي مرت بها الثورة السورية من تآمر عربي ودولي يمثل مصالح هذه الدول ولا يمثل تطلعات السوريين وحجم التهميش الذي أصاب هذا الجسم الوليد من أخطاء كبيرة ارتكبت بحق هذا الجسم فتارة تم زرع الشقاق المدروس الناتج عن تضارب مصالح الدول العربية والإقليمية والدولية وتارت تم زرع الفاسدين الممثلين لهذه الدول وتارة تم محاربته من خلال المد الشعبوي الثوري وتارة تم محاربته من المد الإسلامي المشبوه وتارة تم منح الفاسدين الضوء الإعلامي الكامل على القنوات وعلى المنصات المحلية والدولية للبقاء في فسادهم المالي والسياسي وحرف البوصلة الثورية لهذا الجسم الوليد.
وسارت الأيام والكثير من الشرفاء يحاولون أن ينهضوا بهذا الجسم في مواجهة مستميتة لإعادة احياؤه واعادته ليكون الممثل الحقيقي للسوريين ولأهدافهم في الحرية والكرامة والخلاص.
ليس من عادة المصلح الواعي سياسياً أن يندب ويلطم على الأخطاء ويتحدث فقط بشكل أفلاطوني بدون ذكر سبب مرض وترهل هذا الجسم خلال السنوات العجاف.
الأصل في السياسي الواعي الواقعي أن يضع الحلول مادام قلبه ينبض بالحرية. وخصوصاً أننا خبرنا القهر والتخلي والتواطؤ والتآمر على ثورتنا نحن كسوريين أولاً ومن إخواننا العرب ثانياً ومن أشقاؤنا ومن دعاة الحرية الدوليين.
واليوم بعد الحركة الإصلاحية التي قادها رئيس الائتلاف السوري المعارض الشيخ سالم المسلط والتي جوبهت بمقاومة مضادة من بعض الكتل والأعضاء التي على الأغلب لم نسمع صوتها منذ سنين ولم نلمس نشاطا لها على أرض الواقع ولم تكن على قرب من أي ألم أو حتى معاناة لأي سوري في الداخل أو في الخارج على امتداد هذا العالم.
مطلوب منا برأيهم أن نقاوم معهم أي حركة إصلاحية كنا نتمناها منذ زمن.
مطلوب منا أن نكفر بهذا الجسم الذي فرض علينا يوماً ما ولكنه شكل منصة دولية تعمل ما عليها وضمن إمكاناتها في تحقيق ما يمكن تحقيقه من نصر لقضيتنا الحلم في سورية جديدة ينعم جميع مكوناتها بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
اليوم هناك خطة إصلاحية شاملة للائتلاف وأمام السوريين خيارين.
الأول أن نقف في وجه هذه الخطة وندع الائتلاف على فراشه في العناية المشددة ينتظر موته أو ربما يحفر قبره بشكل نهائي.
والخيار الثاني أن نتابع ونرصد ومن ثم نوجه وننصح ونشارك في التغيير للخروج من هذه الدوامة التي تم وضعنا بها خلال السنوات العجاف الماضية.
والحقيقة والواقعية السياسية والوعي المسؤول يفرض علينا أن نكون مع الخيار الثاني.
ولنر ما يمكننا أن نساهم فيه كسوريين في الخروج من هذه الدائرة المفرغة لنخطو إلى الأمام بقدر حبنا الصادق لسورية المستقبل، ونبتعد من أوهام التغيير ومسرحياته إلى حقيقة التغيير المنشود ونذكر بنود هذه الخطة لتكون حجة على الإصلاحيين ونحاسبهم عليها يوما ما أو نشكرهم عليها.
ترتكز خطة الإصلاح الشامل الجديدة وتتمحور حول عدة نقاط أساسية يتوجب تنفيذها وهي برأيهم:
1- من الناحية التمثيل:
ألم يكن هذا المطلب من أهم مطالب شعبنا حيث تكون فيه النقابات والاتحادات المهنية والرياضية والشبابية المشكلة في المناطق المحررة داخل سوريا، ممثلة التمثيل الحقيقي.
ويتم توزيع مكون المجالس المحلية في الائتلاف ليشمل مجالس المحافظات المنتخبة حديثاً في المناطق المحررة.
ويتم وضع آلية لتمثيل الأحزاب والتيارات السياسية ذات الوزن والفعالية العاملة في المناطق المحررة.
وأيضا تمثيل منظمات الجاليات السورية القائمة والفاعلة في بلاد اللجوء والمهجر، وتعزيز تمثيل مكونات الشعب السوري بشكل شامل من الديانات والطوائف والأصول العرقية كافة، وتوسعة التمثيل النسوي بالوسائل الممكنة.
وزيادة نسبة الشباب والشابات ضمن عضوية الائتلاف، وتعزيز مكون المستقلين بأعضاء جدد من ذوي الخبرات التكنوقراط.
2- من الناحية العضوية:
ألم يكم مطلبنا إنهاء عضوية المكونات التي لم يعد لها وجود فعلي ونشاط على أرض الواقع، وإنهاء عضوية ممثلي المجالس المحلية التي توقفت عن العمل بسبب سيطرة النظام على مناطقها واستبدالهم، وتقييم أعضاء الائتلاف الحاليين من المكونات كافة واستبدالهم بممثلين جدد بما يتوافق مع النظام الداخلي.
3- من الناحية النظام الداخلي والعمل التنظيمي:
ألم يكن مطلبنا الإصلاح الشامل وتطبيق معايير المساءلة والمحاسبة، بما تقتضيه معطيات المرحلة الحالية والعمل على تعديل صياغة النظام الداخلي بشكل شامل وبحزمة واحدة، لتفعيل القرارات وتطوير آليات العمل المنظم لجميع المكاتب بشكل يضمن المحاسبة وتبادل السلطة ويضمن تحقيق المسؤولية.
هل نحن نُمتحن لتكون هذه هي الفرصة الأخيرة في إصلاح ما يمكن إصلاحه، ونتحول من المعارضة السفسطائية إلى المعارضة الديمقراطية التي تتبنى انتخابات نزيهة، وتسامح سياسي ويسود فيها القانون وحرية التعبير والمساءلة والشفافية في ظل مجتمع مدني واعي يعمل على تحقيق ازدهاره ورخائه.