الأول من تموز.. تسللٌ لا يبدو بهياً
لا يبدو غريباً إذا ما قلت إن ما أكتبه ليس صادراً عن إرادتي، فأنا مسكون بروح مشاغبة، تسلّلت إلى حيّز وجودي ذات أولٍ من تموز.
ذلك اليوم شكّل فارقاً حيوياً بالنسبة لي، حيث بدت الأشياء تتمظهر أمامي على غير كينونتها، فالمطر لم يعد طقسَ بللٍ يغسلني، بل صار مركباً يقود أشلائي المبعثرة إلى تفاصيل بحّة صوتك، وإلى نبض كلماتك الشعرية.
كان مفاجئاً لي أن أتحول بلحظة إلى فصول متداخلة من برق، ورعد، وشموس ربيع، وضحكات أطفال، كان الأمر يشبه ورطة صلاةٍ لعابرٍ لم يتوضأ بعدُ ببريق عينيكِ.
هل تسلّلتِ في هذه الغفلة المجنونة إلى تيهي البعيد؟ هل خاتلتِ قلبي الحزين بوردة صباح باكر؟ لا أعرف ما الذي جرى لروحي في الأول من تموز.
كان أن صادف الأول من تموز يوم جمعة ساخنة، وكان أن ولدت في هذا السخط الحار، مع ذلك لم أدرك سرّ ما بين الجمعة والأول من تموز وعينيكِ وصوتكِ.
هم غسلوني بالملح والماء الدافئ، لكنهم غفلوا عن غسل صوتي الجريح في تلك اللحظة، صوتي كان يمارس احتجاجاً مباغتاً على ضراوة درجة حرارة ذلك المساء، لكن هذه الضراوة التي صارت بعد أجيال من الرعب والدهشة ورائحة الذبح صخرة نارية، تفتّت في لحظة غزوكِ الأنثوي لبراريَّ الموحشات.. فهل أدركت كم أحتاج من لغط وبكاء وصراخ كي أستعيد صخرتي؟ وكم قدرتِ على تحويلي إلى شظايا من طبع الماء والنار، وحروف لا تشبه اللّغات.