fbpx

الأزمة السورية تحت المجهر: ماذا تحمل رئاسة ترامب الثانية؟

0 38

المقدمة

عندما يدخل الرئيس دونالد ترامب عتبة البيت الأبيض في كانون الثاني 2025، يتساءل – اليوم – المراقبون السياسيون العرب والأجانب عن تأثير رئاسته الثانية المتوقعة بشأن الأزمة السورية التي دخلت عامها الرابع عشر. يعتقد العديد من المحللين أن نهج ترامب في السياسة الخارجية بعد توليه الرئاسة بعد القسم، سيترك بصمات واضحة على المشهد السوري، ولكن بطرق قد تكون مفاجئة وغير تقليدية.

سياسة “أمريكا أولاً“.. وسوريا

أبرز ما يُميّز سياسة ترامب الخارجية هو شعار “أمريكا أولاً“، وهو ما قد يعني تقليل الانخراط الأمريكي في النزاعات الخارجية. في ولايته الأولى، اتخذ ترامب عدة قرارات هامة بشأن سوريا، أبرزها انسحاب القوات الأمريكية من أجزاء من شمال شرق البلاد، مما فتح المجال لتركيا لتوسيع نفوذها في المنطقة. هذا القرار أثار انتقادات واسعة من الحلفاء الأوروبيين وأدى إلى توتر العلاقات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الحليف الأساسي لأمريكا في الحرب ضد تنظيم داعش.

يرى المراقبون – اليوم – بعد عودة ترامب للرئاسة 2025 ، أنه من المحتمل أن يعيد تكريس هذه السياسة، مع التركيز على تقليص التكاليف المالية والعسكرية للولايات المتحدة في سوريا، مما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في التوازنات الإقليمية.

التعامل مع روسيا وإيران

خلال ولايته الأولى، بدا أن ترامب يتبنى نهجاً أكثر مرونة تجاه روسيا، وهو ما انعكس على تعامله مع الملف السوري. روسيا، كحليف رئيسي لنظام الأسد، قد تجد في عودة ترامب فرصة لإعادة ترتيب النفوذ في سوريا دون تدخل أمريكي كبير.

أما إيران التي تحتل سوريا اليوم، فإن مواقف ترامب العدائية تجاهها، بما في ذلك انسحابه من الاتفاق النووي وفرضه عقوبات مشددة، قد تعود إلى الواجهة. قد يعني ذلك تشديد الضغوط الأمريكية على الوجود الإيراني في سوريا عبر تعزيز الدعم لإسرائيل وزيادة الضربات الجوية ضد مواقع مرتبطة بطهران وأذرعها.

إسرائيل والنفوذ الأمريكي في المنطقة

يتفق العديد من المحللين على أن ترامب سيستمر في تقديم دعم قوي لإسرائيل، مما قد يزيد من العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية بحجة استهداف النفوذ الإيراني. هذه السياسة قد تؤدي إلى تصعيد التوترات الإقليمية، لكنها قد تصب أيضاً في مصلحة بعض الأطراف العربية التي ترغب في تقليص الدور الإيراني في سوريا.

التطبيع مع نظام الأسد؟

أحد التساؤلات الرئيسية التي يثيرها المراقبون هو موقف ترامب من نظام الأسد. في ولايته الأولى، وجه ترامب ضربات عسكرية مباشرة للنظام السوري رداً على استخدامه للأسلحة الكيميائية، لكنه في الوقت نفسه لم يظهر اهتماماً كبيراً بتغيير النظام.

يرى بعض المحللين أن ترامب قد يكون أكثر انفتاحاً على دعم عمليات تطبيع محدودة مع نظام الأسد إذا كانت تخدم مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية، خاصة إذا تم تقديمها في إطار مواجهة النفوذ الإيراني أو الصيني في المنطقة

تداعيات محتملة على الأرض

انسحاب أمريكي أوسع: قد يؤدي إلى تعزيز دور القوى الإقليمية مثل تركيا وإيران وروسيا، مما يعقد الصراع ويزيد من معاناة المدنيين.

تعزيز الضربات الإسرائيلية: قد يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات الإقليمية ولكنه قد يُضعف الوجود الإيراني في سوريا.

إضعاف المعارضة السورية: مع تقليص الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية وفصائل المعارضة الأخرى، قد يجد نظام الأسد فرصة لتعزيز سيطرته على مناطق جديدة.

إعادة تشكيل التحالفات: قد تتجه دول عربية وأوروبية لإعادة تقاربها مع دمشق في ظل غياب الدعم الأمريكي، مما يعيد تشكيل المشهد السياسي للأزمة.

الخلاصة

رئاسة ترامب الثانية قد تحمل مفاجآت كبيرة لسوريا، حيث من المتوقع أن يستمر في تقليص التدخل الأمريكي المباشر مع التركيز على حماية المصالح الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية. وفي هذا السياق تتالي مناشدات إسرائيلية للرئيس ترامب أن يقدم لإسرائيل الإمدادات اللوجستية المتطورة على نحو يجعلها تنتصر في حروبها التوسعية التي حرّض ترامب عليها خلال حملته الانتخابية.

وفي الوقت ذاته، قد يفتح هذا النهج المجال أمام مزيد من التوترات الإقليمية والتغيرات في توازنات القوى، مما يجعل الأزمة السورية أكثر تعقيداً.

بينما تختلف الآراء حول تداعيات رئاسة ترامب، يبقى الأمر المؤكد أن السياسة الأمريكية تجاه سوريا ستظل جزءاً من لعبة شطرنج دولية معقدة تتداخل فيها مصالح اللاعبين الإقليميين والدوليين.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني