fbpx

اعتذار للياسمين

0 584

خرجت الثورة السورية بكل أبنائها، ومن مساجدها هتف الجل بلا أسلمة بلا أدلجة بلا دبلجة.. فالشعب بغالبيته مسلم.

لكن اليتيمة ابتليت بقوم حمقى لا يميزون بين الثيوقراطية وبين الخلافة الراشدة ولا بين تحكيم الشريعة وبين إقامة العدل في حالة العجز والتعذر.

لقد أدخلوا لنا عصارة أدبياتهم البالية التي أُلِّفت في المغارات ونقحت في السجون والتي أكل عليها الدهر وشرب وتقيأ، ثم ألزموا الثوار بها وقالوا هذه طريقتكم المثلى.

ألزموا ثورتنا بقاعدة الشيخ والمريد، التي تقول من عرف غرف ومن غرف نال الشرف.. ومن يعترض ينطرد ويذهب أدراج الرياح..

لقد أذهبوا بريق ثورتنا عندما ميزوا أنفسهم عن الشعب وعن الأمة بنظرية جهاد النخبة..

أذهبوا ثورتنا عندما أسلموا لنا كل الأشياء بما فيها أسماء الحارات والمقرات حتى أسماء المقاهي..

ثم جاءنا دهاقنة الأقطار.. يمخرون عباب البحار ليبثوا مفاهيمهم المنكوسة.

ثم خرج علينا بعضهم من غياهب السجون ليجود علينا بتجاربه الفاشلة غير المدروسة، فقاموا بتعليم الثوار نتاجهم الكاسد ونظرياتهم البتراء فحفظوا الثوار في المعسكرات المتون التي تتعلق بعلم الكلام (النواقض العشر والضرورات الخمس واختلافات الأشاعرة والماتريدية والمعتزلة) ولم يعلموهم فقه العبادات والسيرة النبوية فكانوا بخمسة عشر يوماً يخرجون المقاتل ليكون أديب الفقهاء وفقيه الأدباء والعالم العلامة والبحر الفهامة ويهدونه صك الغفران ومفتاح الجنان!! 

لقد حبس أريجك يا ياسمين عندما ركب ثورتنا أناس مجرمون لهم أجندات متعددة ومشاريع مشبوهة.

عندما ركب ثورتنا من جاءنا بخزعبلات وهرطقات بلاده المقفرة ليدس سمه في واحات ثورتنا الغناء.

لقد خرج الناس وطالبوا بالحرية ورفع الظلم بنفوس طاهرة نقية يفوح منها الإخلاص ثم امتطى ثورتهم من جاء متقمصاً لأدبيات جماعته الضيقة ليؤدلج شباب الثورة بأفكاره الهدامة ويدججهم بقناعته المغلوطة المخالفة للسنن الكونية والهدي النبوي الرشيد فأوغلوا بعقول الناس بلا رفق فادعوا العصمة لجماعاتهم وسفهوا أحلام الآخرين. 

لم تكن ثورتنا ضد طائفة بل ضد الظلم والظلام، لقد عهد عن طيف الغالبية.. الخلق الجم والسمت الحسن، الناس في بلادي جلهم محافظون ومع الجميع متعايشون فالاحترام عندهم سمة ومكارم الأخلاق دين.. 

لك الله أيتها الثورة اليتيمة، لقد جاء من يعق أبناءك وفي نفس التوقيت يدعي البر ويتهمهم بالعقوق، على أية حال صار ما قد فات وآن أوان الرجوع لمربع الطهر الأول، ووجب علينا التحلي بالمسؤولية والشجاعة ووجب الاعتذار لأهلنا ولثورانا الذين كان لهم أياد بيضاء في الوقوف مع أهلهم فلم يبخلوا عليها يوماً، لقد ضحوا بدمائهم وجعلوها قرباناً للهدف المنشود، فقدموا الشهيد تلو الشهيد لرفع الظلم عن شعبهم كي ينال كرامته المسلوبة. لكنهم اليوم قد شطت بهم الديار ونأت بسبب فتاوى المسردبين بحجة جهاد النخبة لبعض المغمورين..

إن الآساد الذين أخرجوا من ديارهم يعضون اللجام لما رأوه من سقوط للمناطق التي قد حرروها بزنادهم ويتحرقون للنزول لساحات الوغى ما يمنعهم عنها إلا فتاوى الاستباحة من بعض المجاهيل المسردبين، لذا يجب علينا أن نتحلى بالمسؤولية ونضع حد لأولئك المبتورين المشعوذين الضالين، فننسف الفتاوى المعلبة الصادرة الوافدة ونعتذر من ثورانا ونسرع في طلب العفو منهم ونعمل على إرجاعهم واستقبالهم ونرتب صفوفنا ثم نعيد الكرة ونبدأ ثورتنا بسم الله كما خرجنا أول مرة طاهرة نقية لا تشوبها أدران الشائنين.

كي لا تكون نهايتنا نهاية أندلسية ثم نندب حظنا ونقول..

آه على ما فرطنا في ثورتنا 

ما ضرنا لو تركنا أريجك يفوح يا ياسمين..

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني