fbpx

ابتزاز وتهويش إعلامي ضد “خطوات إصلاح الائتلاف” وأبعاده الخفيّة

0 605

عشرة أعوام، يجمع مراقبون سياسيون، أنها كانت كافية لإنجاز بعض أهدافٍ كبرى وضعتها مؤسسة ائتلاف قوى الثورة والمعارضة أمام نفسها، أهدافٌ كان من الطبيعي أن تحملها مكونات الائتلاف السياسية والثورية، إضافة إلى شخصيات انخرطت منذ البداية بعمل هذه المؤسسة، لكنّ حصاد البيدر لم يأت كما توقعه السوريون، إذ تحوّلت آليات عمل الائتلاف لدى بعض المنخرطين في هذه المؤسسة إلى عتبة جديدة، لا علاقة لها بتنفيذ برنامج عمل ثوري أو عمل سياسي، وإنما كانت على علاقة بمصالح سياسية وشخصية ضيّقة، ومن هذه المكونات أربعة مكونات، وأربع عشرة شخصية سياسية ثبت أنها غير فاعلة.

المكونات السياسية الأربعة لا تستطيع الادعاء بأنها قدّمت إسهامات أغنت مؤسسة الائتلاف، فنحن ودون أن نوجّه اتهامات لأحد، لم نلمس كجمهور متابع ومراقب أي جهد لهذه المجموعات، إذ إنها كما ثبت، لم تكن موجودة على الأرض بصورة (فعالية ثورية أو سياسية)، وإنما كانت مجرد إطار فارغ الفعالية الثورية أو السياسية.

المكونات الأربعة التي تم استبعادها من الائتلاف هي: (حركة العمل الوطني، الكتلة الوطنية المؤسسة، كتلة الحراك الثوري، الحركة الكردية المستقلة). هذه المكونات لم تكن غير فاعلة فحسب، بل كانت معطّلة لتطوير بنية الائتلاف، هذا التعطيل يأتي من شغل جزء من كتلة أعضاء هذه المؤسسة، وجعله جزءً معطّلاً لعملها، ومنع أي مبادرات فعل، يمكن أن يفتح أبواب تغيير المسار الثوري، وفق معادلات التوازن السياسي المتغيّر، في صيرورة الثورة السورية.

إن انتقال عمل هذه المكونات من مستوى فعالية ثورية ملموسة إلى مربع الدفاع عن المصالح الضيقة، يكشف عن أمرين اثنين أساءا لمسار الثورة، الأمر الأول، أن الانتقال من مستوى الفعالية يعني هدر طاقة عمل ثوري، ومنع ولادة المبادرات الجادة لتطوير وتعميق الفعالية المستهدفة، أما الأمر الثاني فيتعلق بالتركيز على الدفاع عن المصالح الذاتية لهذه المكونات على حساب بنية الائتلاف، التي من المفترض أن تحقق تمثيلها لحاضنتها الثورية والشعبية أفضل تمثيل ملموس.

إن إحساس من استبعدوا عن مؤسسة الائتلاف نتيجة عطالتهم السياسية، دفعهم إلى النبش بنتائج واقع هذه المؤسسة، دون توجيه الانتقاد العلني على سكوتهم على انحرافات مفترضة يدّعون حصولها، في وقت هم من يتحمّل مسؤولية ما وصلت إليه الأمور، نتيجة عدم فعاليتهم والاكتفاء بتحويل جهدهم في الائتلاف إلى عائد مالي ودعوي شخصي لا أكثر.

إن الدفاع عن الثورة السورية وفعالية قواها الحيّة لا يأتي بالتهويش عليها، ولا بمحاولة الحصول على ثمن ما جرّاء شنّ حملة شعواء لا تستند على حقائق، سيما أن ذلك يتمّ تصنيفه على الصعيد الأخلاقي على أنها ابتزاز واضح ومكشوف.

فما قيمة إرسال رسائل إلى المنظمات السياسية العربية والدولية للتشهير بزملاء الأمس، ألا يقف خلف هذا التشهير مطالب غير معلنة، تطلب امتيازات على المستوى الضيّق لأصحابها، وهم بالأساس مجرد أطر عمل سياسي عاطلة عن الفعالية، فلو كانت هذه الأطر ذات وزن شعبي وثوري حقيقيين لما لجأت إلى أسلوب إثارة التهويش الإعلامي غير المستند على الواقع الملموس لبنية الائتلاف وخطة عملية الإصلاح فيه، لتحويله من منصة ماصة للفعل السياسي الخارجي إلى منصة فعل تغييري يباشر العمل على تغيير ميزان القوى القائم حالياً في المعادلات السياسية الخاصة بسوريا.

أين كانت هذه المكونات والشخصيات “الفاعلة” مجازاً من عملية جعل الائتلاف منصة قيادة ثورية حقيقية؟ لماذا وخلال عشرة أعوام لم تلجأ هذه المكونات إلى المبادرة الإيجابية بهذا الاتجاه، أليس من حقنا نحن السوريون الذين كوتنا ولا تزال تكوينا نار الصراع مع نظام الاستبداد، أن نحاسب هؤلاء الذين يقفون ضد خطوات الإصلاح عبر التهويش الإعلامي والإساءة للثورة السورية.

هل يتخيّل هؤلاء المهوّشون أنهم قادرون على استدرار عطف الدول والمنظمات السياسية عبر خطاب لا يرتكز البتة على ما يسمونه هم “تيار الإصلاح”، هل هناك من يدفعهم للضغط والإساءة لائتلاف قوى الثورة والمعارضة ربما مقابل وعود ما؟ ألا يخدمون بهذا التهويش الإعلامي المجاني دون قصدية منهم نظام الاستبداد الأسدي، ألا يصبّ ذلك في إضعاف وإرباك عمل مؤسسات الثورة والمعارضة؟.

وفق ما تقدّم، يمكننا القول إن معركة التهويش والابتزاز السياسي، التي يمارسها أشخاص معدودون على الأصابع، هي معركة خاسرة بالمعنى السياسي، لأنها لا تمتلك غير خطاب مضلل لا حقائق فيه، وهي خاسرة بالمعنى الأخلاقي، لأنها لا تستند إلى مبدأ الصراعات السياسية التنافسية، التي تجري بين القوى ضمن إطار ديمقراطي.

إن ما يجري من تهويش وابتزاز سياسي ومصالحي ضيّق، ينبغي فضحه وتعريته، ليس دفاعاً عن أي شخص ائتلافي أو غير ائتلافي، بل دفاعاً عن حركة تغيير المسار وتصويبه، التي تجري على قدم وساق في الائتلاف، رغم كل محاولات التهويش والتشويش والبحث عن ثمن ما لقاء هذه الحملات، لذلك، من يستمرئ تقديم التنازلات أو عقد اتفاقات في الظل بغاية إسكات هؤلاء، فهو يخدم إرباك أي تغيير عميق وجدي وصالح في مسار الثورة السورية العظيمة، وهو فعل نعتقد أنه صار من الماضي.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني