fbpx

إلى أين؟

0 279

أمام واقع الحال في الوضع السوري والمتغيرات السياسية والاقتصادية وحالة البؤس التي يعيشها الإنسان السوري في الداخل والخارج وفي المخيمات، وأمام التفاهمات بين القوى الدولية والإقليمية والتي تعمل جاهدة لتحقيق مصالحها ولا تنظر مطلقاً لمصالح الشعب السوري، وأمام ضعف القوى الدولية ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وضعف تأثير الشعوب على حكوماتها لإنصاف الشعب السوري، وأمام ضعف المعارضة السورية الممثلة والناطقة باسم الشعب السوري والمعترف بها من قبل الدول وهيئة الأمم المتحدة، وكذلك المعارضة التي تعمل في الظل، أو التي لها حضورها السياسي بشكل عام؛ فالجميع يعاني من ضعف، ويدور في فلك غير مثمر وتتحكم به قوى ودول مختلفة، ذات مصالح مختلفة، لذلك فالعمل على وحدة جهود المعارضة بشكل عام لا يتناسب مع مصالح هذه الدول. من هنا أجزم بأن خلاصنا من أزمتنا والانتقال للحل السياسي الديمقراطي لن يتم طالما أن القوى السياسية ذات المصلحة بهذا التغيير الديمقراطي ما تزال تكفّر بعضها بعضاً وتخوّن بعضها بعضاً، ولا تستطيع أن تجتمع على برنامج سياسي واضح وشفاف، بعيداً عن الذاتية والأنانية وضيق الأفق ومحدودية الرؤية.

أين نحن الآن من نتائج عمل هيئة التفاوض؟ ولماذا لم تنجز خطوة واحدة ملموسة في الواقع حتى الآن؟!

بل أين نحن الآن من اللجنة الدستورية؟ ومن الذي يتحكم بعملها ونتائج عملها؟

مع كل محاولات الروس والأتراك والإيرانيين والأمريكان الالتفاف على القرارات الدولية ذات الصلة بالوضع السوري والعمل على إفراغها من مضمونها من سوتشي حتى أستانة إلى مؤتمرات الرياض ومؤتمرات الدول الصديقة وغير الصديقة، ثنائية كانت أم ثلاثية أو رباعية أو أكثر، نجد أن الخطوات التي أُنجزت على الأرض، وفي الواقع كانت بمجملها لصالح النظام بينما الشعب السوري والإنسان السوري أينما كان موقعه الجغرافي أو موقعه السياسي، موالياً كان أم معارضاً، يعيش الأمرّين بضيق الحال وعدم توفر المواد الأساسية من الخبز حتى المازوت، والغلاء الفاحش مع غياب الأمن والسلام والطمأنينة، بينما تجار الحرب وسماسرة الأزمات يكنزون الأموال ويعبثون في المجتمع سرقة وخطفاً واغتصاباً، ولا ننسى تجار الممنوعات من المخدرات والسلاح حتى الآثار والأوابد التاريخية والثروات الباطنية و…

فالروس مثلا – وليسوا وحدهم بالتأكيد – حولوا قرار وقف إطلاق النار إلى ما سمي بمناطق خفض التصعيد، ومع ذلك يجد هذا تعثراً في تطبيقه وتنفيذه بما يضمن كرامة الشعب السوري وحريته بالإضافة لتحكم هذه الدول حتى بتشكيل هيئة التفاوض واللجنة الدستورية وغيرها، وأيضاً تم الالتفاف على تلك القرارات، فمثلاً الالتفاف على قرار تشكيل هيئة حكم انتقالي الواضح بقرارات هيئة الأمم المتحدة إلى ما سمي بالسلال الأربع: السلة الأولى إنشاء حكومة جديرة بالثقة غير طائفية، ولتشكيلها حددت مدة زمنية ستة أشهر.

أما السلة الثانية فهي بدء عملية صوغ دستور جديد أيضا خلال ستة أشهر، والسلة الثالثة: انتخابات حرة ونزيهة بإشراف هيئة الأمم المتحدة.

أما السلة الرابعة فهي تتعلق بوضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب.

وهنا لم أدخل بالمقارنة بين القرارات الدولية وتلك النقاط أو السلال السابقة. لكن حتى هذه ومع الاختلاف هل نسير بها سلة سلة؟ وبأية سلة نبدأ؟ أم نسير بها مجتمعة؟ أم…؟

بمراجعة بسيطة لملاحظة الواقع سنجد أننا لم نحقق حتى الآن شيئا يستحق ذكره.

أيضا هيئة التفاوض في نسختها الاخيرة المنبثقة عن مؤتمر الرياض (2) في تشرين الثاني 2017م نلاحظ أن مرجعيتها نقطتان اثنتان:

الأولى وحدة سورية، وأعتقد أن خطر التقسيم ما زال قائماً يطل شبحه بين الفينة والأخرى مهدداً وحدة سورية، والنقطة الثانية، العمل على إقامة نظام يمثل الأطياف السورية كاملة دون تمييز، لا مكان فيه لرموز النظام الاستبدادي وللآثمة أياديهم بدماء الشعب السوري وحاجاته الضرورية.

كما أننا نلاحظ بأن شعارها المعلن هو الحل السياسي، وهو الخيار الاستراتيجي مستندة على قرارات هيئة الأمم المتحدة وخصوصا القرار2254 والقرار 2118 وبيان جنيف1.

وللعلم فإن هذه القرارات تؤكد على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية. أين نحن من هذا اليوم؟!

في ضوء الواقع ومع ملاحظة التطورات في واقع المعارضة والنظام والعلاقات الدولية والدول ذات التأثير بالواقع السوري أعتقد أن أكثر ما نحتاجه هو توحيد الجهود أعني توحيد الجهود وليس توحيد المعارضة، نعم توحيد الجهود وليس توحيد الأحزاب والقوى والكتل السياسية.

نعم لابدّ من توحيد الجهود حتى يكون للسوريين كلمتهم، وأن لا تُناقش أمورهم ومستقبلهم بغيابهم لكن تواجه هذه الخطوة أي خطوة توحيد الجهود صعوبات ومعوقات كثيرة موضوعية وذاتية. المؤتمرات كثيرة والموقف منها مختلف ومتباين وأعتقد أن بين هذه المؤتمرات أو بعضها وخصوصاً المؤتمرات ذات التطلع الديمقراطي لا يوجد بينها خلافات بينية عميقة فالخطوط الرئيسية لا تختلف من مؤتمر لآخر لكن الذاتية والتعصب الفكري السياسي والخطاب الكلاسيكي المستند الى مبدأ: (الي مثلنا يجي لعنا) و(من لم يتفق معنا هو عدونا) هو مقتل المعارضة السورية بكل أطيافها.

فكيف سيكون الحال إذا أضفنا عمق الخلافات التنظيمية المتعلقة بأسلوب العمل وأدواته؟ حتماً ستكون المأساة أسوأ والمعوقات أصعب والخطوة التي نتقدم بها للأمام بعيدة المنال.

فما أحوجنا على اختلافاتنا وتبايناتنا، للعمل بمبدأ هيا نفكر معا لنكون قوة مؤثرة. بالتفكير المشترك وباحترام إنسانية الإنسان والاعتراف بالاختلاف.. أعتقد بأن ذلك سيكون منهجاً ناجحاً ووعياً مثمراً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني