fbpx

إله الكون سامحني أنا حيران

0 188

إنه القلق ينهش مطمئناً بالله، تنازعه روحه بين التعلق بما في الدنيا من جمال أخبر أنه ممنوع، وبين لهاثه حول الحق في طلب غفرانه من سطوة دنيا بمفرزات لا تقاوم، ولا يملك تجاهها إلا الإقرار بحيرته ومناشدته الربّ صفحا وغفرانا!

السؤال الأبدي مذ خلق الإنسان، حول المحرم والمحلل، يطفو بالمرء المؤمن بالتحديد، واللامؤمن بغير التحديد في حضرة ذلك الألق الذي يجذبه إلى محيطه، فينغمس في التلذذ بجمال الخالق في خلقه، فمن ذا الذي يستطيع أن يقاوم مهما أوتي من القدرة عيونا تسلب العقل، وقدودا تسبي الفؤاد، وما يستجلبه من انغماس في الاستمتاع بلذة حدّدت أطرها، ثم ينهال فيض محرمات يختلط فيه ما يعقل بما لا يعقل، وإذ بالإنسان يستدرك التشتت بالصبر والتصبر، يقتات عليهما، ويعلن استيقاظه من غفلة تسحبه إلى الإقرار بالخضوع لله، والتذلل طلبا للعفو، ثم إنه لا يلبث أن يقع صريع ذاك الانتشاء، ويغرق في لهاث لا ينتهي..

إغراق في الوجدانية يطفو بالموسيقار الكبير رياض السنباطي فيتعطر بخمرة إلهية تنتشي بالخالق وما أبدع من جمال يتنقل بين سفح، وجبل، ورياض وزهور، وما تدحرج فوق البسيطة من بهجة تأسر الروح قبل النظر، أم هو ذاك السرحان اللامتناهي في الكون المخلوق بقدرة مدهشة، فلا تتوقف عن الإحساس!

إنه التناغم في الانسجام بين الظل والمستظل، بين الذي يتهيأ لك ثابتا، وبين ما تخترقه عيناك مُجذّفا.. الذات في تناغمها كذرة في هذا الرحب تسعى بلا كلل في ندائها ما يسبح حولها من مثيل.. إنه الحرمان الذي يعيشه الواهب نفسه لله، يقيده ثم يغريه بإفلات الطوق للتمتع، ثم هو يستدعيه مرات معلنا العصيان!

أي الخضوع ذاك، خضوع المحب في توسّله فرصة للتلذذ لا تتعدى الغد فقط، وليَمت بعدها بما اكترى من الذنوب، وأي التذلل المرهف ذاك، ونحن نعلن أن كل ذنوبنا الانتماء إلى بني البشر، ويا لروعة ذاك المحبوب الذي إليه نلجأ، ونحن في أوهن حالاتنا أمام العشق طالبين الصفح..

إنه العشق الإلهي الذي انشدت إليه رابعة العدوية، والبسطامي، والخيام، والرومي، ونظراؤهم من إنس وجان..

مسك ختام بعض من تلك الابتهالة “إله الكون/ سامحني أنا حيران/ جلال الخوف يقربني من الغفران/وسحر الكون يشاو لي على الحرمان/وأنا إنسان يا ربي أنا إنسان”.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني