fbpx

إبراهيم الجبين المنسق العام وعضو الهيئة التنفيذية للتحالف العربي الديمقراطي لـ “نينار برس”: نظام الأسد سقط بفعل نضالات الشعب السوري الطويلة وبسبب فقده لمقومات وجوده

0 49

قراءة الواقع السياسي لسورية بعد سقوط نظام أسد يحتاج إلى إضاءة كثيفة، تساعد في رؤية المسارات السياسية المحتملة التي ينتظر السورية منها الانتقال السياسي الحقيقي، وهذا يتمّ عبر عقد مؤتمرٍ وطني سوري شامل، يشارك فيه ممثلو الشعب السوري من أحزابٍ وقوى ثورية ومنظمات مجتمع مدني، وتمثيل متوازن لكل المناطق السورية على قاعدة سورية دولة واحدة.

صحيفة نينار برس التقت المنسق العام وعضو الهيئة التنفيذية للتحالف العربي الديمقراطي السيد إبراهيم الجبين، والذي يرأس أيضاً تحرير موقع غلوبال جستس سيريا نيوز المرخّص في الولايات المتحدة الأمريكية، ووضعت أمامه أسئلتها التالية فكان هذا الحوار

نينار برس:

سقوط نظام الأسد السريع خلال أحد عشر يوماً فاجأ جميع القوى السياسية السورية، وأذهل دول الإقليم والدول المنخرطة بالصراع في هذا البلد.

كيف ينظر حزبكم إلى هذا السيناريو الذي جعل نظام الأسد يهوي كنمرٍ من كرتون؟ هل أمر السقوط ذاتي لدى النظام؟ أم إن توافقاً إقليمياً ودولياً، مع تكليف لهيئة تحرير الشام، هو من يقف خلف هذا السقوط السريع؟

إبراهيم الجبين:

التحالف العربي الديمقراطي ليس حزباً بالمعنى الجامد للكلمة، ونحن وصفّناه حين أعلنا عن النداء لتأسيسه إنه سيكون جبهة اجتماعية ثقافية نخبوية عابرة للسياسة، تمثّل توجّه السوريين نحو الدولة المدنية الديمقراطية السيّدة لكل مواطنيها مع تمسّكها بالهوية العربية لسورية وشعبها واحترامها للحقوق الثقافية لجميع مكوناتها.

ويضيف الجبين:

كان لدينا بناء على تلك الرؤية استشراف مستقبلي لما سيحدث في سورية، وكيف سيكون الخلاص من الأسد ونظامه حتمياً بقوة التاريخ وعلميته، أولاً، ثم بفعل النضالات الكبيرة والطويلة للشعب السوري، مدنياً وعسكرياً وفي المخيمات والمعتقلات ثانياً، وثالثاً لأن نظام الأسد فقد مقومات وجوده من داخله، ولم يعد ينتمي إلى هذا العصر.

موضحاً: ولا شك إن التحولات الأخيرة في المنطقة جعلت من سقوط الأسد والمحور الإيراني نتيجة طبيعية، مع أنها متأخرة، ولو أن العالم استجاب لمطالب السوريين منذ العام 2012، وتركهم يتخلصون من الأسد، لوفّر عليهم وعلى دول المنطقة 14 عاماً من سفك الدماء وسيول المخدرات وتهديد الأمن الإقليمي والدولي.

أما قيادة العمليات المشتركة وهيئة تحرير الشام ومن قاتلوا معها من الفصائل السورية للإجهاز على النظام فقد توجّت كل تلك التضحيات وأسهم الدعم التركي واغتنام اللحظة في إنجاز المهمة. حتى روسيا وإيران لم تكونا في ذلك الوقت قادرتين على حمايته، لا عسكرياً ولا سياسياً وهكذا تكاملت شروط زواله فسقط.

نينار برس:

هيئة تحرير الشام ذات إيديولوجية إسلامية يصنّفها كثير من القوى الدولية على أنها تنظيم إرهابي.

لماذا وقع الاختيار التوافقي الدولي والإقليمي على أن تلعب هذه الهيئة دور القيادة في كل عمليات ردع العدوان؟ لماذا لم يتم الاعتماد على فيالق الجيش الوطني في حكومة عبد الرحمن مصطفى المؤقتة؟ 

هل تتوقعون أن تكون القوى الدولية التي كلّفت هيئة تحرير الشام بقيادة العمليات قد اشترطت عليها أن تقيم نظاما سياسياً ذا مسحة إسلامية تكون معتدلة، وينفّذ هذا النظام ما تريده هذه القوى من إنهاء ملف الكبتاغون وملف الكيماوي وملف التطبيع السياسي مع اسرائيل؟ ما موقفكم في التحالف العربي الديمقراطي من الملفات المذكورة؟

إبراهيم الجبين:

لا أتفق معكم بأن الاختيار قد وقع على هيئة تحرير الشام لتلعب دور القيادة، بل أرى إن أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام تمكنا من وضع الجميع أمام أمر واقع جديد، وذلك بالمبادرة بالتنسيق مع الحليف التركي والقطري، وبترتيبات داخلية في نطاق ضيق جداً فاجأ الكل، حتى الدول والأوساط التي كانت تعتقد أنها مطلعة بالضرورة على كل صغيرة وكبيرة، وهذا الجانب الذي أصفه ليس تحليلاً وإنما هو مبني على معلومات مؤكدة.

ويشرح الجبين رؤيته فيقول:

تمّ خوض حرب خاطفة لقطع الطريق على مشاريع أخرى كانت تعدّ في المنطقة، بالتالي ما حدث ويحدث ليس متأتياً من مؤامرة، بل هو حقيقي وواقعي، وعليه يجب أن نتعامل مع المعطيات الجديدة بشكل مباشر دون تأويلات مضللة. الآن ليس من المتوقع إقامة نظام إسلامي في سورية، لا معتدل ولا متشدّد، بل دولة مدنية حديثة، والتحالف العربي الديمقراطي يرى سورية بالأساس دولة عربية وإسلامية، وهي كذلك، لكن اتجاهها كان مختطفاً لعشرات السنين، ولا يمكن أن يهيمن عليها لونٌ واحدٌ فيما يتعلق بالحكم والتشريعات القانونية والدستورية، لكن هذا لن يكون بالإمكان الوصول إليه إلا بالحوار والتشارك بين السوريين بعد أن ينزل الجميع عن الشجرة، ويعرف كلٌّ منهم حجمه الحقيقي في. المجتمع السوري وحجم قدرته على التأثير، ويقف عن حدوده في المطالبة بشكل الدولة واتجاهها، ثم بعد ذلك، من سيقرّر في النهاية هو الشعب السوري عبر الاستفتاء ولن يهبط عليه أي قرار لا خارجي ولا داخلي يرسم مستقبله.

وحول توقع التطبيع كاشتراطٍ يقول الجبين:

موضوعات مثل التطبيع مع إسرائيل يمكن مناقشتها بعد الوصول إلى استرداد حقوق الشعب السوري في أرضه المحتلة في الجولان، وسكانه الذين أجبروا على مغادرة قراهم ومدنهم فيه والنزوح إلى الداخل السوري، والسلام هو خيار السوريين منذ زمن بعيد، ولم يكونوا مسؤولين بالأصل عن تنازل الأسد الأب عن الجولان في العام 1967، ولا عن متاجرته لاحقاً بحالة اللاحرب واللا سلم المخادعة التي أرساها.

نينار برس:

التحالف العربي الديمقراطي ساهم بقوة في تشكيل مبادرات وتحالفات عديدة خلال الأعوام الماضية، سواء على الساحة السورية الداخلية أو في تركيا وأوروبا والولايات المتحدة.

هل لدى تحالفكم استعداد للانضمام إلى أطر تحالفية جديدة بعد سقوط نظام أسد؟ ما القضايا والملفات الرئيسية التي تريدون التحالف بشأنها؟

إبراهيم الجبين:

التحالف العربي الديمقراطي بالمنظمات التي يتكوّن منها، وبالسوريين والسوريات الذين يمثلونه، تشكّل أساساً لهذه الغاية، التي هي إقامة المزيد من الروابط والجسور بين السوريين، وأبرم في سبيل ذلك العديد من مذكرات التفاهم وقام بجهود على أرض الواقع بالتعاون مع شركائه لخدمة القضية السورية والسوريين في كل مكان. وضمن مبادئ التحالف التي لا تخالف قيم الشعب السوري في العدالة ودولة القانون والخيار الديمقراطي لا مانع لدى التحالف العربي الديمقراطي من التوافق مع أي جهة سورية تتشارك معه في توجهاته.

نينار برس:

لا تزال قسد وقوات الحماية الكردية التي تتبع لحزبي  pyd Pkk  تراوغ في مسألة الانخراط في العملية السياسية في سورية التي يتم التحضير لها عبر مؤتمر وطني شامل لكل الطيف السياسي والمناطقي السوري.

هل توافقون على منح هذه القوات حق إقامة إدارة ذاتية في شمال شرقي سورية؟ وهل توافقون على السماح لها بالبقاء كقوة عسكرية في المناطق المذكورة مع تبعية شكلية لوزارة الدفاع في سورية الجديدة حفاظاً على الدم السوري؟ هل توافقون أن تنال هذه القوات نصف ثروة النفط والغاز في المناطق المحتلة من قبلها؟ ما السيناريو الأكثر توافقاً مع وحدة سورية واستقلالها وفق تحالفكم العربي الديمقراطي؟

إبراهيم الجبين:

لعلك تذكر أن التحالف العربي الديمقراطي نشأ أصلاً من البناء على التناقض الحاصل في الجزيرة والفرات، والضغط الذي مورس على هوية عرب المحافظات الشرقية المحتلة من قبل ميليشيات حزب العمال الكردستاني  PKK وواجهاته السورية، مسد وقسد وغيرها، قبل أن يتسع تحالفنا ويصبح مشروعاً لكل التراب السوري ويمثل دمشق والسويداء وحلب وحمص وغيرها كما يمثّل دير الزور والرقة والحسكة، وكان قرارنا هو تمثيل ملايين العرب السوريين، الذين تم اضطهادهم واحتلال أرضهم، وممارسة العنصرية والتجريف بحقهم وحق قراهم، وتغيير مناهج أطفالهم، والعبث ببنية محافظاتهم ديمغرافياً.

ويتابع الجبين كلامه فيقول:

ولا زلنا نعتبر أن هذا الموضوع خط أحمر لن نتخلى عنه مهما كان وما سوف ينتج عن التفاوض الجاري مع قسد الآن من قبل الإدارة السورية الجديدة، ولا نوافق على منح هذه القوات أي شكل من أشكال الحكم الذاتي، وإنما نادينا وننادي بتطبيق اللامركزية الإدارية، التي تمكّن الناس من انتخاب ممثليهم وبالتالي حكم أنفسهم بأنفسهم ضمن الدولة السورية المركزية الواحدة.

أما ما يتعلق بضمّ قوات قسد للجيش السوري الجديد، يقول الجبين:

وبالتأكيد لا يمكن تصوّر قوة عسكرية ضمن الجيش السوري الجديد تحمل طابعاً قومياً، أو طائفياً أو غيره، فالمؤسسة العسكرية السورية الجديدة يجب أن تكون بعيدة عن الإيديولوجيا وإلا تحولت إلى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت. أما الثروات السورية من النفط والغاز فهي ملك للشعب السوري كله، ولكن في سورية الجديدة يجب أن يتم الالتفات إلى المحافظات الشرقية التي هي منبع تلك الثروات، وتطبيق القوانين والأعراف المتبعة في العالم كله، والتي تقضي بتنمية المناطق التي يستخرج منها النفط والغاز وتعويضها والسعي لكي تكون مزدهرة بشكل خاص.

موضحاً أكثر:

وقلت مراراً إن سورية ليست ابنة حافظ الأسد وبشار الأسد وحزب البعث، وهي دولة حديثة عمرها أكثر من 100 سنة، ولديها إرثها السياسي والمدني، ولديها شكلها كجمهورية ذات سيادة وبرلمان وحكومة ورئاسة ودستور، وهي ليست بحاجة إلى اختراع العجلة من جديد، وإعادة طرح نموذج جديد سيرفضه الشعب السوري في أول استفتاء. ودولة المواطنة والمساواة تكفل الحقوق للجميع للعرب كما للأكراد والتركمان والأرمن والآشوريين وغيرهم.

نينار برس:

إسرائيل دمّرت كل أسلحة سورية بعد سقوط الأسد. هل توافقون على تحالف تركي سوري يتمّ عبره إعداد جيش سوري يدافع عن حدود بلاده؟ هل أنتم مع تغيير عقيدة الجيش السابقة بعقيدة جديدة؟ ما هو برأيكم المحتوى الأفضل لهذه العقيدة؟ هل إذا بقيت اسرائيل تنتهك اتفاق الهدنة عام 1973 ولم تنسحب من أراضٍ دخلتها منذ أيام هل ستدعون لقتالها عسكرياً؟

إبراهيم الجبين:

هذا الملف نال اهتماماً كبيراً منا، وسط الفوضى التي كانت سائدة خلال الأعوام القليلة الماضية، وكانت رؤيتنا في التحالف العربي الديمقراطي أن تركيا هي حليف تاريخي لسورية، ويجب أن تبقى حليفاً، مهما تبدّلت الحكومات في دمشق وأنقرة، وهي حقيقة الجغرافيا السياسية والتشارك الحيوي والاقتصادي، وبناء على ذلك يجب الاستفادة من تجربة الجمهورية التركية وتحولاتها إلى أقصى حد.

ويتابع الجبين كلامه:

 في ما يتعلق بالجيش السوري الجديد، هناك تجارب في بناء وتأسيس جيوش متطورة وحديثة لم تغرها السياسة، ولم تثر شهيتها الانقلابات، وسبب ذلك هو علمية خطوات التأسيس والاختيار وإبعاد الجيش عن ضغوطات الحياة المعيشية وتعويده على احترام القانونين المدني والعسكري، انظر إلى الجيش التركي (الحالي) بعد أن خاض مشاريع الانقلابات لعهود مختلفة، استقر الآن وعلى الرغم من أنه يحمل لقب “الجيش المحمّدي” إلا أن هذا لا ينعكس على سلوكه وأدائه بشكل سلبي، انظر إلى جيش الولايات المتحدة والجيش الفرنسي والعديد من الجيوش التي ترى في المؤسسة العسكرية مؤسسة للفروسية والنبل والقيم لا للغزو والاجتياح والتعفيش وارتكاب المجازر كما كان واقع جيش الأسد المخلوع.

ويضيف الجبين:

بخصوص إسرائيل، لا توجد معلومات مؤكدة حتى الآن أن جيشها سوف يبقى في المناطق التي تقدّم إليها، وهم يقولون إن لديهم وجوداً مؤقتاً لتأمين المنطقة والتأكد من نزع السلاح الفوضوي بعد سقوط نظام الأسد. وما سمعناه من مصادرنا أنهم لا يفكرون بتغيير الحدود الدولية على الإطلاق.

سورية ليس لديها القدرة حالياً على خوض حرب جديدة، لا عسكرياً ولا شعبياً، والحرب الوحيدة التي تخوضها هي حرب بناء المستقبل والمحاسبة وتعويض الضحايا والتصدي لفلول الأسد التي تطل برؤوسها وتبذل نفسها من جديد للاستثمار من هذه الدولة أو تلك.

نينار برس:

ما شروطكم في التحالف العربي الديمقراطي للمشاركة في المؤتمر الوطني الشامل؟

إبراهيم الجبين:

لا يجب وضع شروط من أي جانب للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لا من جانب الجهة الداعية ولا من جانب المدعوين، ولكن على حد علمي لم توجّه للتحالف العربي الديمقراطي دعوة للمشاركة في المؤتمر الوطني المزمع عقده، ولا أعتقد أنه تم توجيه أي دعوة حتى الآن لأي جهة أو فرد. وكما تعلمون فإن الدعوات لن توجّه إلى كيانات بل إلى أفراد، كما تسرّب من بعض القائمين على اللجنة التحضيرية للمؤتمر والتي لم يتم الإعلان عنها رسمياً حتى الآن.

ويوضح الجبين:

عموماً، نحن في التحالف نرى في مؤتمر الحوار فرصةً تاريخية للسوريين كافة لمناقشة مستقبل سورية، وهو يجب أن يعقد ولأول مرة في مناخ حر بعيداً عن هيمنة وضغط أي قوة داخلية أو خارجية. وسيكون حسب تصوراتنا فضاءاً مفتوحاً للأفكار والرؤى وتبادل المقترحات حول القضايا الدستورية والمسار القانوني وهياكل الدولة وتنظيم الحياة السياسية، ولكن، في كلا الحالتين؛ سواء تمت دعوتنا أم لا، فلا مشكلة، نحن ممثلون بالوطنيين السوريين الذين سيشاركون في المؤتمر، ويمكننا مواصلة دورنا في التأثير الإيجابي في الساحة السورية كما كنا نفعل في سنوات الثورة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني