fbpx

أوروبا تعمل على إعادة اللاجئين بدعم أمريكي

0 39

أدى سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 إلى ردود فعل متنوعة في أوروبا حول مستقبل اللاجئين السوريين. حيث استغلت الأحزاب اليمينية المتطرفة انهيار النظام للدعوة إلى الإعادة الفورية للاجئين السوريين، الأمر الذي أدى إلى تعليق دول الاتحاد الأوروبي لطلبات اللجوء للسوريين مؤقتاً.

خاصة مع تعهدات القيادة الجديدة تحت حكم هيئة تحرير الشام باحترام القانون الدولي وتحسين الظروف لجميع السوريين، إلا أن الواقع السوري لا يزال يواجه الكثير من التحديات. حيث يحتاج حوالي 70٪ من السكان إلى المساعدة الإنسانية، و90٪ يعيشون تحت خط الفقر. كما أن الوصول إلى الاحتياجات الأساسية مثل المأوى والرعاية الصحية والتعليم لا يزال غير كافٍ.

بالإضافة إلى ذلك، شهد الساحل السوري معارك دامية بعد قيام فلول النظام السابق بالهجوم على مراكز قوات الأمن، ما دفع الحكومة الجديدة إلى شن عملية عسكرية. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل نحو 1500 شخص، معظمهم من المدنيين.

ورغم الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة الساحل السوري على مدار أيام، وحالة الاستقرار الهش التي تشوب معظم المناطق السورية، لا تزال الدول الأوروبية تعمل جاهدة على إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بحجة سقوط نظام الأسد الذي كان سبباً لهروبهم من البلاد على مدار أعوام من الصراع. ويأمل القادة الأوروبيون أن يتم تصنيف سوريا دولة آمنة مجدداً في ظل القيادة الجديدة، مما سيعني أنه يمكن للدول الأوروبية رفض طلبات اللجوء السورية والبدء في عملية الترحيل.

إلا أن المنظمات الحقوقية الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية، تحذر من أن هذه الادعاءات لا تعكس الواقع على الأرض. حيث لا تزال سوريا تشهد انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والتهجير القسري، الأمر الذي يمثل خرقاً لحقوق اللاجئين وقد يتسبب بمفاقمة حالة انعدام الاستقرار في الدول الأصلية وفي دول الجوار أيضاً.

وبحسب بيانات الأمم المتحدة، أجبرت الحرب السورية أكثر من 13 مليون سوري على النزوح الداخلي والهجرة إلى دول الجوار وبقية دول العالم. وكانت وجهة شريحة واسعة من السوريين دولاً أوروبية، حيث تعد ألمانيا الوجهة الأكثر استقطاباً لهم. وقُدر عددهم في هذا البلد بنهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024 بنحو 974 ألف لاجئ.

وفي فيينا، أعلنت حكومة النمسا أنها ستقدم للاجئين السوريين في البلاد “مكافأة عودة” قدرها 1000 يورو للعودة إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. وفي ذات الاتجاه، كشف وزير الاندماج والهجرة الدنماركي، كاري ديوبفاد، أن الدنمارك ستقدم للاجئين من سوريا ما يصل إلى 25 ألف يورو مقابل العودة إلى وطنهم، قائلاً: “بالنسبة لأولئك الذين يريدون العودة إلى وطنهم، نمنح نحو 20 إلى 25 ألف يورو حتى يتمكنوا من العودة”.

وأكدت صحيفة “بيلد” الألمانية أن وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر تجري محادثات بشكل سري مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لإعادة مئات آلاف اللاجئين السوريين من ألمانيا إلى سوريا. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الألمانية تخطط لزيارة بالغة الحساسية إلى دمشق، كما أوضحت أن المفاوضات تتعلق بشكل أساسي بـ974 ألف لاجئ سوري يعيشون في ألمانيا.

وتخطط وزارة الداخلية الألمانية بشكل سري مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع لإعادة قرابة 900 ألف لاجئ سوري على أراضيها. وهناك اعتقاد في الأوساط الحكومية الألمانية، خصوصاً كبار المسؤولين في وزارة الداخلية، بأن السوريين قد يفقدون وضعهم القانوني في ألمانيا على المدى المتوسط، إذ لا يُنظر إلى الرئيس الانتقالي على أنه يشكل تهديداً لهم.

ويرى الخبير في الشؤون الأوروبية محمد رجب أن خطة الأوروبيين بدعم الشرع وحكومته بشكل مؤقت، ورفع الجزئي للعقوبات عن سوريا، تأتي للتحريض على إعادة السوريين إلى وطنهم. ريثما يعود اللاجئون، سوف تنقلب النخبة الأوروبية على الشرع وحكومته وتتهمه بجرائم حرب.

ونوه محمد رجب بأن الولايات المتحدة الأمريكية ضليعة في خطة الأوروبيين، خصوصاً مع استمرارها بتهريب النفط السوري دون رقيب أو حسيب، وبحماية من عناصر “قسد”، وعجز الحكومة الحالية عن حل هذه المشكلة.

ولفت رجب إلى أن أموال النفط السوري سيتم إرسالها إلى أوروبا ليتم استخدامها من قبل الأوروبيين لمنحها للاجئين السوريين للعودة إلى سوريا، بحيث سيتم التصدق على السوريين من مالهم. مشيراً إلى أن الوضع في سوريا مضطرب للغاية، ولا يمكن إنهاء عقود من الوحشية والقمع بين عشية وضحاها.

ووصف الخبير هذه الإجراءات بـ”المتسرعة”، معتبراً أن التركيز على أمن اللاجئين وكرامتهم أمراً ضرورياً لتجنب تعرضهم لمزيد من المخاطر. وشدد أن محاولة إعادة اللاجئ السوري تعد انتهاكاً للقانون الدولي.

وبينما تعد إمكانية العودة إلى الوطن مصدر أمل للعديد من اللاجئين السوريين، فإن التحديات الكبيرة لا تزال قائمة. يجب على المجتمع الدولي، وخاصة الدول المضيفة في أوروبا، التعامل مع هذه التعقيدات بعناية، مع موازنة الاعتبارات الإنسانية والالتزامات القانونية والتطلعات طويلة الأمد للاجئين.

ومن خلال تهيئة الظروف للعودة الطوعية والآمنة والكريمة، يمكن لصناع السياسات المساهمة في إعادة إعمار سوريا مع تكريم صمود وحقوق شعبها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني