
أهمية مواجهة مشاريع الفدرلة عبر تشكيل برلمان انتقالي يمثل الطيف الوطني السوري
في ظل تعقيدات المشهد السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، ومحاولات فرض حلول تتجاوز إرادة الشعب السوري، برزت مشاريع مثل الفدرلة تارة والتقسيم تارة أخرى كأحد أخطر التهديدات التي تستهدف وحدة الدولة السورية وهويتها الوطنية الجامعة. هذه المشاريع، وإن تم الترويج لها تحت شعارات اللامركزية السياسية والاقتصادية أو حماية المكونات المجتمعية، فإن جوهرها يقوم على تقويض الدولة وقرارها الوطني، وإعادة تشكيل سوريا ككيانات منفصلة وضعيفة، يسهل التحكم بها خارجياً.
إن مواجهة هذه التهديدات لا تكون بالرفض الخطابي فقط، بل تتطلب خطوات سياسية ومؤسساتية عملية تعيد الثقة بالعمل الوطني، وتؤسس لمرحلة انتقالية شفافة قادرة على استيعاب تطلعات السوريين في الحرية والعدالة والديمقراطية، دون الوقوع في فخ التقسيم أو التبعية.
ومن هنا، تأتي فكرة تشكيل برلمان تشريعي انتقالي شامل كخطوة ضرورية وواقعية في مواجهة هذه المشاريع. هذا البرلمان يجب أن يضم الطيف السياسي السوري المؤمن بدولة المؤسسات والمواطنة، بكل مكوناته السياسية والمدنية (وخاصة الأحزاب السياسية لأنها أصل البرلمانات)، بعيداً عن الاستقطاب الحاد أو الإقصاء. فالتنوع السوري يجب أن يكون مصدر قوة ووحدة، لا مدخلاً للانقسام والتفتيت.
لماذا البرلمان الانتقالي ضرورة وطنية؟
1. تجسيداً للإرادة الشعبية: البرلمان الانتقالي يمثل صوت الناس في الداخل والخارج، ويمنحهم شعوراً بالمشاركة والتمثيل، في وقت تم فيه تهميش المجتمع السوري من مختلف الأطراف لعقود طويلة.
2. بناء شرعية وطنية: في ظل انكشاف الشرعية الزائفة لنظام بشار الأسد الساقط، وغياب البدائل المتماسكة، فإن هذا البرلمان يشكل نواة للسلطة الشرعية الانتقالية تستمد قوتها من التوافق الوطني، وليس من قوة السلاح أو الدعم الخارجي.
3. قطع الطريق على الفدرلة: وجود مؤسسة وطنية جامعة تمثل السوريين كلهم، وتعمل على إعادة بناء الدولة على أسس المواطنة والعدالة والحقوق، يضعف الحجج التي تُستخدم لتبرير مشاريع الفدرلة والانفصال.
4. دعم الانتقال السياسي: البرلمان الانتقالي يمكن أن يلعب دوراً محورياً في إعداد القوانين الناظمة، والإشراف على المرحلة الانتقالية، تمهيداً لإقامة دولة ديمقراطية حقيقية، تنهض على المؤسسات لا على الشخصيات.
الشروط الأساسية لنجاح البرلمان الانتقالي:
– التمثيل الحقيقي والمتوازن: لا بد من تمثيل كافة القوى الوطنية، من الداخل والخارج، على قاعدة الالتزام بوحدة سوريا، ورفض التبعية للخارج.
– الشفافية والشراكة: يجب أن تُبنى آلية اتخاذ القرار داخل البرلمان على التوافق والشراكة والأكثرية، بعيداً عن الاستئثار أو التسلط.
– الاستقلال عن الإملاءات الدولية: يمكن للبرلمان الوطني أن يعبّر عن الإرادة الوطنية السورية الخالصة، لا عن أجندات القوى الدولية والإقليمية.
المقصد:
في ظل ما تواجهه سوريا من مشاريع تفكيك وفرض وقائع على الأرض، فإن تشكيل برلمان انتقالي جامع هو ضرورة وطنية عاجلة. ليس فقط كموقف سياسي، بل كمؤسسة عملية قادرة على إعادة توجيه المسار الوطني نحو دولة مدنية، موحدة، ديمقراطية، قائمة على الحقوق والمواطنة والمؤسسات.
فليكن هذا البرلمان نقطة التقاء السوريين، لا ساحة صراع جديدة. وليكن تعبيراً عن وحدة المصير، لا انقسام المصالح الضيقة.