fbpx

أهمية الأحزاب والتنظيمات في الحياة السياسية السورية.. التجمع الوطني الديمقراطي السوري نموذجاً

0 21

جميعنا يعلم أن الحياة السياسية الواضحة والعلنية هي شبه معدومة في سوريا منذ ما يقرب عن النصف قرن من حكم حافظ أسد وابنه، أما الشكل الذي تم بناؤه أوائل السبعينيات كجبهة وطنية تقدمية، فالكل يعلم أنها تحولت إلى أحد الهياكل السياسية الميتة، يستخدمها النظام حين يرى فائدة ما من هذا الاستخدام. عدا ذلك فالسياسة في سوريا تنشط تحت الأرض، ولا تظهر إلى العلن إلا من خلال بيان أو جريدة غير منتظمة أو من خلال حملة اعتقالات واسعة تجعل من المعتقلين عامل تنشيط للحديث، وبصوت خافت عن الحياة السياسية. دائماً كان هذا الأمر، – ممارسة النشاط السياسي – محفوفاً بالمخاطر التي تصيب الناشط وقد تتوسع لتشمل عائلته وأصدقاءه.

وعى النظام وبشكل لا لبس فيه، أن أكبر خطر يحيق به هو وجود أحزاب وتنظيمات وتجمعات سياسية وطنية نشطة، هذا الوعي جعل من الأجهزة الأمنية سيدة الموقف في سوريا، واعتمدها النظام كأداة قمعية تبعد عنه أخطار وجود أحزاب سياسية نشطة وغير تابعة له، فيما لجأ إلى الجيش في الحالات المضطربة التي تنذر بعاصفة شعبية قد لا يقوى على إخمادها من خلال الأجهزة الأمنية فقط.

بعد اشتعال الثورة لحقت القوى الوطنية والنخب السورية المهتمة بالشأن العام بالحراك الثوري، وبدأت بتشكيل أحزاب وتجمعات سياسية، كما حاولت استقطاب شخصيات ثقافية ورموز اجتماعية بخلفيات دينية أحياناً وبحيادية أحياناً أخرى.

قدمت هذه التشكيلات رؤاها السياسية وحددت أهدافها والتي دارت حول إسقاط النظام دون أن تتطرق إلى الطرق التي تسقط النظام وتبقي على الدولة.

ظهر التجمع الوطني الديمقراطي عام 2012 كرد فعل طبيعي منسجم مع الحراك الشعبي يتسق مع أهداف المظاهرات التي ظهرت لأول مرة منذ عشرات السنين، وقدم رؤية تعتمد على قراءة مؤسسيه للواقع السوري بكل مكوناته وعوامله، بدءاً من التكوينات الشعبية، إلى العامل السلبي الأكبر إلا وهو نظام الحكم.

تميز التجمع الوطني الديمقراطي بعدة مناح صبغت عمله خلال الفترات السابقة، فهو لا يحدد أيديولوجيا معينة للانخراط بالعمل معه، بل ركز على وطنية الأشخاص ومدى التزامهم بالحلول الوطنية غير الاقصائية، المتفهمة للتشكيل الإثني، مؤمناً بأن ذلك يتحقق عندما يقوم الأفراد بإنشاء المجموعة عن سابق تصميم بأنفسهم، عن طريق تحديد هويتهم لتحقيق أهداف مشتركة مثل إيجاد حلول سياسية أو فرض قيم مجتمعية محددة.

سعى دائماً لتشكيل وعي مجتمعي يتقبل مكونات المجتمع السوري المتباينة دينياً أو طائفياً معلناً أن طائفته هي سوريا كما صرح أحد مؤسسي التجمع، وكما كتبت لجانه في أدبيات التجمع.

أظهر التجمع من خلال علاقاته مع القوى الوطنية والديمقراطية السورية بأنه غير إقصائي، إيقاعه البنّاء في توجيه جهوده لتشكيل جبهة عريضة للمعارضة الوطنية والديمقراطية، تستطيع أن تقف في وجه النظام المتمسك بأدوات الحكم، وتعرية قوى الأمر الواقع التي تتحكم بعدة مناطق في سوريا، كما تستطيع إيصال صوتها للمحافل الدولية والأممية المؤثرة والفاعلة في القضية السورية.

يسعى التجمع للوصول وبخطى مدروسة ومحسوبة، إلى مؤتمر إنقاذ لسوريا تكون معظم القوى الوطنية السورية – مالم نقل كلها – عماده الأساسي.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني