نينار برس تنفرد بنشرها: أنور رسلان يرد على الاتهامات
كتب المحامي
السوري المعارض، أنور البنّي، رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، منشوراً
على صفحته في “الفايسبوك” تضمّن ما وصفه بـ “ردود أنور رسلان على
التهم الموجهة له” خلال جلسة المحاكمة الثانية المنعقدة في مدينة كوبلنز
الألمانية.
الردود
التي تضمنها المنشور طرحت العديد من التساؤلات داخل أوساط المعارضة السورية، فبحسب
تعبير البني: “لم يقم رسلان بنفي قيامه بتعذيب المعتقلين فحسب، بل نفى أن
يكون هناك تعذيبٌ في الأساس داخل الفرع 251 وسط العاصمة دمشق”، والفرع
المذكور هو ما يعرف بفرع “الخطيب” ذائع الصيت، الذي ترأس قسم التحقيق
فيه العقيد رسلان قبيل هروبه من سوريا نهايات عام 2012.
كما
نفى رسلان وجود آلة “شَبْح” المعتقلين داخل الفرع مبرراً ذلك بـ “ارتفاع
السقف”، وبأن فرع الخطيب قبل آذار/مارس 2011 كان أشبه بـ “مدرسة جميلة
للتثقيف لا يمارس فيه تعذيب أو ترهيب” بحسب ما أورد البني في منشوره.
ويعلّق
البني على أقوال رسلان بالقول: “يبدو أنه بهذه الإفادة لا يدافع عن نفسه
وإنما يدافع ويبيض صفحة النظام كله”.
وفي ختام المنشور يوضّح المحامي أنور البني، بأن
ما جاء في المنشور هو جزء من إفادة مؤلفة من أكثر من أربعين صفحة قدمها محامو دفاع
أنور رسلان لهيئة المحكمة الألمانية.
رابط
المنشور:
https://www.facebook.com/anwaralbunni/posts/268403787694638
كيف قرأ مؤيدو الاعتقال ومعارضوه خبر الإفادة؟
زاد انتشار خبر الإفادة من تمسّك أفراد فريق الادّعاء بحقهم
الشخصي ضد الضابط أنور رسلان وإصرارهم على تجريمه رغم محاولات نفيه للانتهاكات
المرتكبة بحقهم متسلّحين بشهاداتهم المباشرة وتقاريرهم الطبية وصور قيصر. وتؤيدهم
شريحة واسعة من المعارضة السورية والثوار باعتبار المتهمين شريكين لنظام الأسد في
الإجرام.
بينما شكّلت ردود رسلان الواردة في المنشور، التي وصفها
البني بأنها تدافع عن النظام وتنفي ارتكاب عمليات التعذيب في الفرع المذكور؛ صدمةً
لدى الكثيرين ممّن انتقدوا عملية اعتقال الضابط رسلان وصف الضابط إياد الغريب وتوجيه
التهم لهما، باعتبارهما منشقَّين عن النظام في وقت مبكّر. ويخشى أفراد هذا الفريق
من أن عملية توقيفهما وإخضاعهما للمحاكمة ستلجم كل من يفكّر بالانشقاق مستقبلاً أو
الإدلاء بشهادة ضد نظام الأسد من الضباط المنشقين، خاصة وأن رسلان والغريب قد قدما
شهادتيهما على جرائم مخابرات النظام، بحسب إفادة شقيق إياد الغريب.
جزء آخر من الفريق شكّك بدقّةِ محتوى المنشور، مستبعداً
نيّة رسلان تبرئة النظام من جرائم التعذيب، كما أشار البنّي، في سياق دفوعات رسلان
عن نفسه. وإلا سيشكّل ذلك “دليلاً دامغاً على عمالة رسلان لنظام الأسد كما
تصفه أطراف الادّعاء” يعلّق أحد المشكّكين بدقة مضمون المنشور، وطلب عدم نشر
اسمه في حال ثبوت صحته.
مضمون الإفادة المقدّمة من الدفاع لهيئة المحكمة:
خلال
جمع المعلومات الموضوعية حول المحاكمة والإحاطة بمضمون إفادة الدفاع عن أنور رسلان،
تمكّنت “نينار برس” من الاطلاع على نسخة من الإفادة وتسجيل أهم ما ورد
فيها من معلومات، بهدف الوقوف على حقيقة الضابط رسلان بصورة أكثر وضوحاً،
والمقارنة مع ما جاء في منشور المحامي البنّي حول طرح تبرئة رسلان للنظام، وخطورة هذا
الطرح، في حال ثبوته، على مستقبل العدالة التي ينشدها السوريون.
ملاحظة:
قمنا باختصار وتكثيف الإفادة بحيث تناولنا أهم جوانب الادعاء ضد المتهم، بالإضافة
إلى تسليط الضوء على الفقرات التي تحدّث عنها المحامي البني جاعلين للسادة القراء
حرية المقارنة بين ما ورد في منشوره وبين الإفادة. وحرصاً منا على خصوصية وسلامة
جهات الادعاء، قمنا بتغطية جميع الأسماء وترميز بعض المناطق والأزمنة.
**** *****
القضية الجنائية أمام المحكمة الإقليمية العليا في
كوبلنز ذات الرقم (1 *****9)
–
بتاريخ 2008/08/09 تسلّم
الضابط أنور رسلان رئاسة فرع التحقيق في الفرع 251، حيث تم تكليفه من قبل العميد (توفيق يونس) بهذه
المهمة.
–
بعد انطلاق الاحتجاجات
في سورية، منتصف آذار/مارس 2011، يقول رسلان حرفياً:
“تغير كل
شيء، حيث ظهرت الفوضى في البلاد وتم إثر ذلك تشكيل خلية لإدارة وحل الأزمة وهي
لجنة عليا وخلايا فرعية في جميع المحافظات السورية. كانت خلية دمشق تتألف من عدة
خلايا بما فيها تلك التي في الفرع 251
وتضم رئيس الفرع آنذاك العميد توفيق يونس وضباط الحرس الجمهوري وضباط من الفرقة
الرابعة وأعضاء آخرين، ولم أكن أنتمي لهذه الخلية. قررت هذه الخلية بتدخل قوات
الحرس الجمهوري بثلاثة ألوية لقمع المظاهرات في ريف دمشق الشرقي وألوية من الفرقة
الرابعة في ريف دمشق الغربي. أما أمن الدولة والأمن السياسي والأمن العسكري
والشرطة العسكرية والشرطة المدنية والمخابرات الجوية فتوجب عليهم قمع المظاهرات في
مختلف أحياء دمشق.
–
قوات الحرس
الجمهوري كانوا يحضرون الموقوفين الذين يعتقلونهم إلى الفرع 251، علماً بأن سجن
الفرع يتسع عادة لمئتين سجين على الأكثر. أصبحت الأعداد كبيرة جداً في السجن لدرجة
أنها وصلت إلى 1000 موقوف تقريباً.
–
فيما يتعلق بالمعلومات
عن الأقسام المختصة بالأحياء في دمشق والأقسام المختصة بالريف التي تندرج تحت
اختصاص الفرع 251 فقد كان هناك لائحة طويلة من أسماء قادة المظاهرات ومحرضيها.
بناءً على الاعتقالات التعسفية الكبيرة التي قامت بها قوات الحرس الجمهوري كنت
أبحث دائماً ما إذا كان الموقوفين قد اعتقلوا بناءً على مذكرة اعتقال. بما يتعلق
بالأشخاص الذين لم يكن لديهم اسماً على لائحة المطلوبين كنت أبدأ بإصدار ورقة إخلاء
سبيل لهم لكي يتمكنوا من الخروج من السجن.
–
في بداية شهر
نيسان 2011 استدعاني العميد توفيق يونس لمكتبه وأخبرني بأن أهل منطقتي الحولة قد
تظاهروا يوم الجمعة وبلغ عدد المتظاهرين بالآلاف ووصفهم بالخونة. فهمت من هذه
الكلام على أنه تهديد لي وإثبات مباشر للتشكيك بولائي. منذ هذه اللحظة أصبحت
مقتنعاً بأنه يتوجب عليّ الانشقاق.
–
اشتَكَى قادة
الحرس الجمهوري المتمثلة باللواء بديع علي وضباطه مثل العقيد محمد علي والعمداء
محمد نيوف وطلال مخلوف وعصام زهر الدين ومحمد خضور في بدايات شهر حزيران2011 أي
بعد شهر ونصف من مشاركتهم بقمع المظاهرات لرئيس الفرع العميد توفيق يونس عن موضوع
إخلائي سبيل أعداد كبيرة من الموقوفين ولأنني من منطقة الحولة وهذا يعد إثباتاً
على التشكيك بولائي. طلب مني بعد أن أطلعني على موضوع الشكوى بأنه يود أن يعيد
هيكلة القسم الذي أعمل به أي قسم التحقيق، الذي يعمل فيه أيضاً كلٌ من الضباط، المقدم
عبد المنعم النعسان والنقيب عمر شنان ومدير السجن وستة محققين آخرين وعدد من
السجانين.
–
سَحبَ مني العميد
توفيق يونس الصلاحيات في بدايات شهر حزيران2011 بشكل مباشر وأَوكَلَهَا إلى أشخاص
آخرين للقيام بمهامي.
–
قبل أن أشرح لكم
كيفة تقسيم المهام منذ هذا التاريخ أريد أن أحاول أوضح كيف تمت الشكوى ضدي: ساعدتُ
أناساً كثيرين كانوا موقوفين بالوقت ما بين آذار وحزيران2011 عندما كنت أستطيع. توجب
عليّ أن أكتب ملخصاً خطياً أو مذكرة عن كل الاستجوابات التي يقوم بها المحققون
وأحولها إلى العميد يونس. وهنا كان لدي الإمكانية بأن أضيف بعض التوصيات، يعني على
سبيل المثال إذا تم إحضار سبعين موقوفاً إلى قسمنا وتم توزيعهم على المحققين فأنا
أحصل على عشرة موقوفين لكي أستجوبهم والستين الآخرين يتم استجوابهم من قبل
المحققين الآخرين. أقوم بإجراء استجواباتي ويقوم المحققون الآخرون بإعطائي محاضر استجواباتهم
التي قاموا بها وأكتب محضراً واحداً عن كل التحقيقات وأقترح إخلاء سبيل كل متظاهر غير
مسلح شارك بالمظاهرات وكل شخص لم تثبت مشاركته بالتظاهر. وهذا ما كان يحصل يومياً.
رأيي كان وما يزال أن المتظاهرين السلميين بريئين ويجب إطلاق سراحهم على خلاف
المتظاهرين المسلحين، الذين يشكلون القسم الذي لا يتم إطلاق سراحه وفيما بعد يتم تحويله
إلى الفرع 285.
–
هذه الأمور لم يعد
بإمكاني القيام بها بعد شهر حزيران 2011 لأنني جردتُ من الصلاحيات بشكلٍ كامل.
–
تم تقسيم المهام
على الشكل التالي:
1-
يستلم المقدم عبد
المنعم النعسان ومعه محققين اثنين من الطائفة العلوية هما غياث رزق وفراس حمدان
عمل التحريات أي التحقيقات مع المتظاهرين المسلحين والموقوفين على ذمة التحقيق
بسبب تهمة تمويل المظاهرات. وبعدها يقوم المقدم برفع نتائج التحقيق بتوقيعه مباشرة
إلى رئيس الفرع العميد يونس من دون أن أكون قد فعلت شيئاً.
2-
تولى النقيب عمر
شنان ومعه أربعة محققين مهمة التحريات أي الاستجوابات مع المتظاهرين السلميين.
3-
يقوم ضباط القسم 40 بقيادة العقيد حافظ مخلوف بإجراء الاستجوابات مع
الموقوفين بشكل مستقل ولا يسمح لي بالتدخل بعملهم بناءً على التعلميات الجديدة.
4-
أصبح عملي في
مكتبي يتضمن فقط فحص نتائج الاستجوابات التي قام بها النقيب عمر شنان لا غير.
–
خلال هذا الوقت
ولعدة أشهر كنت لا أذهب إلى السجن أبداً. اتصل معي ذات مرة العميد توفيق يونس بعد
أن علم أنني لم أذهب إلى السجن منذ أشهر. وأخبرته بأنني أنفذ التعلميات التي أمرت
بها بعد أن تم توزيع المهام داخل الفرع. ونصحني بأن أنزل إلى السجن على الأقل نصف
ساعة عندما تكون مناوبتي كيلا يلاحظ الموظفون أن الفرع قُسمَ إلى ثلاثة فروع وأنه
أصبح دولة ضمن دولة. وبناءً على ذلك تصرفت من دون الرجوع إلى أحد وكنت لا أتكلم مع
أحد وغير مكلف بالتحقيق مع أحد. ومن هذا الاتصال مع العميد يونس فهمت بأن مدير
السجن هو من أخبره بالموضوع.
–
قمت بكتابة طلب
نقل عملي من جهاز الأمن إلى الشرطة في وزارة الداخلية وتقديمه للعميد يونس، وعندما
استلم الطلب وقرأه رماه مباشرة في سلة المهملات.
–
منذ ذلك الوقت حتى
تاريخ نقلي من الفرع 251 إلى الفرع 285 تم نقل موقوفين كثر إلى المستشفى لأن أعدادهم كانت
كبيرة، هكذا سمعت.
–
في الوقت الذي
كنت أعمل به بمكتبي بالفرع كنت أسمع أيضاً أصواتَ صراخٍ.
–
على الفور أتصل
بالسجن لأسال ماذا يحدث، يتم إخباري بأن المقدم عبد المنعم النعسان يقوم باستجواب
عناصر مسلحة ويستخدم القوة بذلك وبحضور ضباط من القسم 40.
–
إن ضباط القسم 40 أي المقدم محمد عبدالله والمقدم خالد الخطيب
والنقيب عبد المجيد نبوذة والمقدم يوسف ابراهيم (قُتِلَ لاحقاً في دوما) تابعون
للعقيد حافظ مخلوف وكان لديهم جميع الصلاحيات للقيام باستجواب الموقوفين المعتقلين
من قبلهم وإرسال نتائج التحقيقات إلى العقيد حافظ مخلوف مباشرة والذي بدوره يحولها
مباشرة إلى رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ديب زيتون دون أن تمر على رئيس
الفرع العميد توفيق يونس.
–
اتصل معي مرة
العميد توفيق يونس وطلب مني إعداد لائحة بأسماء موقوفين بغرض إخلاء سبيلهم اذا لم
يكونوا مسلحين. وهنا كنت أنتهز الفرصة بكتابة أسماء إضافية على اللائحة حتى يتم
إخلاء سبيل عدد أكبر من الموقوفين وكنت أفعل ذلك حتى تاريخ نقلي من الفرع 251 إلى الفرع 285.
–
علمت بهذا الوقت
أن المدعو (الاسم موجود في الإفادة) الذي هو بصفوف الجيش السوري الحر في بلدة عين
الفيجة ينحدر من الحولة أي من نفس البلدة التي أنتمي لها. تم التواصل مع لأجل
تنظيم عملية انشقاقي مع عائلتي. أخبرَني بأَنّه تكلم مع قائد مجموعته واستشاره
بذلك وأنه وصل لنتيجة أنه يستطيع أن ينظم عملية انشقاقي بمفردي فقط. ولخوفي على
عائلتي رفضت فكرة الانشقاق بمفردي.
–
بعدها اتصلت
بالعقيد (الاسم موجود في الإفادة) الذي يعيش حالياً (في أوروبا) كلاجئ وطلبت منه
أن يزورني. وعند حضوره طلبت منه أن يستفسر لي لدى الجيش السوري الحر في منطقة (؟) التي
كان يعيش فيها الواقعة في ريف دمشق الجنوبي الغربي إذا كان بالإمكان تنظيم عملية
انشقاقي. وعدني أن يفعل ذلك. في اليوم التالي جاء لعندي وأخبرني بأن الجيش السوري
الحر لا يستطيع أن ينظم عملية الانشقاق لي ولعائلتي.
–
بعد أن عُوقبتُ وتم
نقلي إلى الفرع 285 كان عملي هناك مريحاً جداً ولكن كان ما
يزال موضوع الانشقاق يدور في بالي حتى أتيحت لي الفرصة من خلال مساعدة زميلي (الاسم
موجود في الإفادة) للشروع بالانشقاق.
–
تم نزع صلاحياتي
منذ بداية شهر حزيران2011 واقتصر
عملي فقط على إعداد المذكرات بنتائج الاستجوابات التي يقوم بها عمر شنان وتحويلها
إلى رئيس الفرع. أما المسؤولين بالقسم 40 فيعملون بشكل مستقل في السجن حيث كان المقدم عبد
المنعم يرفع مذكرات بنتائج التحقيق بتوقيعه إلى رئيس الفرع 251.
أما ضباط القسم 40
فيرفعون نتائج التحقيق مع الموقوفين في سجن الفرع 251 إلى
رئيس القسم 40 العقيد حافظ مخلوف دون المرور على مكتبي أو على رئيس الفرع ويقوم العقيد
حافظ مخلوف برفع تلك النتائج بتوقيعه إلى رئيس جهاز أمن الدولة مباشرة وهي الحالة
الوحيدة في جهاز أمن الدولة التي يتم فيها رفع مذكرات مباشرة بين رئيس قسم ورئيس
الجهاز دون المرور على رئيس فرعه. والأسباب معروفة لأنه فوق القانون وأقوى من رئيس
الفرع بل ومن رئيس الجهاز.
لقد ورد
في لائحة الاتهام بأن القسم 40 كان مستقلاً ودوره حاسم لأن رئيسه
هو العقيد حافظ مخلوف.
–
كانت قوات الحرس
الجمهوري تحضرُ معتقلين مصابين إصابات مختلفة وكسور في العظام ومنها إصابات خطيرة
تصل إلى إصابات في الرأس، وكنت أعلمُ العميد توفيق يونس مباشرة بهذا الأمر الذي
يطلب توثيق الحالات بالصور وتحويل المعتقلين المصابين إلى مشفى الهلال الأحمر أو
المستشفى العسكري في حرستا.
أصبحت
المظاهرات تنظم ليلاً في شهر حزيران من عام 2011
وقد حدثت هناك مواجهات بالسلاح. وهنا ظهرت أيضاً بعض المجموعات المتدينة. منذ
بداية المظاهرات كان يحضر وجهاء الأحياء في ريف دمشق لمقابلة رئيس الفرع من أجل الإفراج
عن معتقلين تم اعتقالهم بشكل عشوائي أو شيوخ أو مرضى. وفي ذات مرة حضر شخص كبير
بالسن من منطقة دوما بالريف الشرقي لدمشق اسمه (الاسم موجود في الإفادة) وكان
لطيفاً جداً. صارحته بأنني أحتاج إلى مساعدته لأتمكن من الانشقاق وأنني أريد
الذهاب إلى منطقته فطلب مني البقاء في عملي والمساعدة قدر الإمكان بحيث لا ينتبه
أحد. هذا الشخص يعيش على الأرجح في تركيا ويمكن الحصول على عنوانه عن طريق
الشاهد (الاسم موجود في الإفادة) الذي انشق ويعيش حالياً في تركيا. كان (الشاهد)
معتقلاً لدينا وساعدته على الخروج من السجن. هو يعلم تماماً كيف كنت أتعاطف مع
الناس وما هو رأيي بالعموم عن الوضع في سورية.
–
تعد الإجراءات
الأمنية لدى الفرع الداخلي 251 أو الخطيب قاسية جداً حيث كانت ترافقني دورية للبيت
وتنتظرني أخرى في صباح اليوم الثاني. وعندما تم نقلي إلى إدارة الفرع 285 حيث عملت
سابقاً قبل اندلاع المظاهرات بالبلاد، كانت الإجراءات الأمنية سهلة جداً. تقابلت
في هذا الوقت مع عقيد بالشرطة من محافظة درعا اسمه (الاسم موجود في الإفادة) وهو
صديق لي ونظراً لثقتي به أخبرته بضرورة انشقاقي وذلك مع عائلتي وقد اتفقنا أن نتقابل
مرة أخرى في اليوم التالي بعد انتهاء الدوام الرسمي. وهذا ما تم وقد أخبرني بأنه أجري
اتصالاً مع شخص يمكن أن يساعدني بالانشقاق إلى الأردن وأخبرني أيضاً بأنه يريد أن
ينشق قبلي باتجاه الأردن أيضاً. تلقيت اتصالاً في اليوم التالي من شخص وأخبرني بأن
كل شيء أصبح جاهزاً وطلب مني الحضور مع عائلتي إلى حي الدويلعة أي الحدود بين
مدينة دمشق وريف دمشق وتحديداً عند باب شرقي. وبعدها قام بنقلنا إلى الريف الجنوبي
الشرقي لمدينة دمشق من منزل إلى آخر حتى وصلنا إلى الحدود الأردنية وعبرناها ليلة
14 – 15 كانون الأول/ديسمبر عام 2012.
–
حول التهم
الموجهة ضد رسلان في لائحة الاتهامات:
–
لم يكن هناك
حالات قتل في عام 2011. أدليتُ بهذه المعلومات أثناء استجوابي كشاهد في عام 2017 في
ألمانيا.
–
لا يوجد مكان في
السجن يمكن تجميع الجثث به، ولو أن مثل ذلك قد حصل فإن المشفى (الهلال الأحمر) لا يبعد
سوى أربعين متراً عن الفرع 251. لكي يتم نفي هذه الشهادة بالكامل يتوجب الاستماع لإفادة
(اسم الشاهد وصفته موجودة في الإفادة).
–
ما ورد بأقوال
الشاهد (أحد أطراف الادعاء الاسم موجود في الإفادة) الذي كان موقوفاً لمدة أربع
أيام في شهر آذار 2011 بأن رجلاً متقدماً بالعمر كان معلقاً من معصميه بجواره وكان
يتم ضربه وهو في هذه الحالة وبعد ذلك فارق الحياة وبقي عدة ساعات حتى تم نقله.
حسب علمي لم يكن
هناك أية حالات وفاة في هذا الشهر. والأمر مستبعد تماماً حتى ولو افترضنا أن ضباط
القسم 40 هم من قاموا بفعل ذلك، يبقى الأمر مستبعداً ضَربُ المعتقل وهو بهذه
الوضعية وإلى جانبه العديد من المعتقلين في نفس الغرفة.
–
أقوال الشاهد (من
الادعاء – الاسم مذكور في الإفادة) حول مشاهدته لوفيات يومية خلال فترة توقيفه
(أقل من شهر) محض ادعاءات لا أساس لها من الصحة، لاسيما وأن السجن صغير جداً
ويتألف من أربع غرف وما يحصل فيه يسمعه أو يعرف به السجناء جميعاً. وأطلب أن
يتم استدعاء الشاهد (منشق من الفرع) يقيم (في دولة أوروبية) الذي أدلى بشهادة
تتعارض مع أقوال الشاهد.
–
بما يتعلق بأقوال
الشاهدة (من الادعاء – الاسم في الإفادة) أود أن أوضح التالي:
–
لم أتكلم عن
موضوع أمني أمام الآخرين ولم أقم بذلك أبداً أمام مدنيين. إضافة لذلك فإن هواتفي
مرتبطة مع غرفة نومي الملاصقة لمكتبي بخطين فإذا أردت التحدث بشيء أمني أدخل
الغرفة الأخرى وأغلق الباب من خلفي.
–
ورد بأقوال
الشاهد (من الادعاء – الاسم في الإفادة) أنه كان محبوساً في الزنزانة رقم (؟) والجثث
كانت تظل موجودة في الزنزانة لبضعة أيام قبل أن يتم نقلها.
أقول:
يوجد 19 زنزانة فقط في سجن الفرع 251 وهي مرقمة من 1 إلى 19 يوجد 14 منها
باتجاه شمال جنوب و5 باتجاه غرب شرق، إضافة إلى أربع غرف اثنتين كبيرتين (مهجع)
واثنتين صغيرتين تسمى مزدوجة. وقد تم خلال الأحداث ضم الحديقة الجانبية لتصبح مهجعاً
خارجياً وتم سقفه بألواح من التوتياء.
لا
علم لي بما ورد بأقوال الشاهد القاضي ويمكن الاستناد إلى أقوال الشاهد (على صلة
مباشرة بالموضوع) حول ما كان يدور في السجن.
–
بما يتعلق بسوء
الرعاية الصحية بأنها كارثية ونقص الغذاء فهذه مسؤولية رئيس الفرع 251، إضافة
للأعداد الهائلة من المعتقلين وقد اشتكيت له ثلاث مرات عن الوضع كاملاً في السجن
فطلب مني عدم فتح هذا الموضوع أبداً.
–
تدعي الشاهدة (من
الادعاء – الاسم في الإفادة) أنني أرتدي بزة عسكرية وهذا غير صحيح على الإطلاق
لأنني لم أرتد اللباس العسكري أبداً”.
–
بالنسبة للشاهد
(من الادعاء) التوصيات في المذكرات الكتابية لم يكتب فيها تاريخياً طلب تعذيب في
حالة الضرورة لبقاء الموقوف لأسباب تتعلق باتصالات هاتفية، وإنما يتم ذلك عن طريق
الفنيين المختصين بالفرع.
–
وفي معرض رده على
أحد الشهود الذي قال بأنه تعرض للاغتصاب وهو معلّق إلى السقف (الشَبْح) في غرفة
مساحتها 30 متراً وفيها حوالي 300 موقوف. قال رسلان:
هذا غير منطقي
بالنسبة لي لا يمكن تصديقه. على المستوى الشخصي أستنكر مثل هذا الفعل إن حدث حقاً
فهو يعارض ديننا وأخلاقنا وإنسانيتنا. وأدين ما تعرض له، وأوضح أنه لا يوجد في
الزنازين أداة للتعليق والسقف عال ولا يوجد فيه ما يربط أو يعلق به الموقوف ثم كيف
يتم ذلك ومعه عدد كبير من الموقوفين. أعتقد أن هذا الفعل إن حصل معه يكون قد حصل
في فرع المخابرات الجوية قبل يوم أو يومين من تقديمه إلى الفرع 251، لأن الموظفين
هناك طائفيون علويون وعنصريون ويستخدمون القوة بشراسة.
–
منذ اندلاع
الأحداث والثورة السورية أو حتى ما قبلها لم أضرب أو أعذب شخصاً أياً كان ولم أعط
أي أوامر بتنفيذ الضرب أو التعذيب عليه.
–
أنكر الضابط
رسلان عموماً شهادات المدّعين وقدّم أدلّته، ويبقى التقييم النهائي والحكم عائد
لهيئة المحكمة الألمانية المشرفة.
**** ****
بما
يتعلق بالإشراف والرقابة على الأنشطة المتعلقة ضمن قسم التحقيق كان الوصف صحيحاً حتى تاريخ 15/03/2011 كما هو
مذكور في لائحة الاتهام.
–
منذ اندلاع الأحداث عمت الفوضى البلاد فقد أصبح الجيش وضباط القسم 40 والميليشيات
التي يديرها حافظ مخلوف وعلي جابر يحضرون عدداً كبيراً من المتظاهرين إلى السجن
لدينا.
–
السجن مخصص عادة لـ 200 سجين فقط. فبعد تاريخ 15/03/2011 أصبح عدد الموقوفين
لا يقل عن 1000 على ذمة التحقيق وبقي هذا الحال حتى تاريخ نقلي من الفرع.
–
في يوم من الأيام أحضرت قوات الحرس الجمهوري قرابة 700 معتقلاً على ذمة
التحقيق بالإضافة إلى الموقوفين الموجودين أصلاً في السجن. لقد تم استدعاء جميع
ضباط التحقيق والاستجواب من الإدارة العامة بأمر من رئيس المخابرات العامة وكان
آنذاك اللواء علي مملوك للقيام بهذه الاستجوابات التي دامت حتى اليوم الثاني.
تم الافراج عن بعض الموقوفين وبعضهم الآخر تم تحويله إلى الإدارة العامة.
–
ورد بأقوال شاهد من
الشهود أنه خلال استجوابه تم استخدام سلاسل معدنية لتعليقه أو محاولة تعليقه. أريد
أن أوضح أنه لا يوجد سلاسل معدنية لا بالفرع ولا بالسجن ولكنني رأيت مساء أحد
الأيام بأم عيني كيف أن النقيب عبد المجيد نبوذة عند نزوله من سيارته كان يحمل
سلسلة بيده. وعندما سألته عن سبب حمله لهذا النوع من السلاسل أجابني أنه سوف
يُعلقُ جميع الإرهابيين بها. وهنا يعني جميع المعتقلين الذين يتبعون للقسم 40. جرت
هذه الحادثة في الساحة الخارجية وأمام مبنى الفرع.
**** ****
في ختام إفادته، وجه المتهم رسلان لهيئة المحكمة ما يلي:
“أريد ذكر أسماء الشهود الذين طلبت منهم أن يساعدوني
في نجاح عملية الانشقاق وأسماء الذين ساعدتهم عندما كانوا معتقلين على ذمة التحقيق
وأسماء الأشخاص الذين يعرفون تعاطفي مع المظاهرات وأسماء المنشقين الذين خدموا معي
في نفس الفرع والسجن والذين يعرفون وضعي وكيف كان دوري تماماً، لكي يتسنى لكم أن
تدعوهم للإدلاء بالشهادة في المحكمة”.
وتلا رسلان أسماء لـ 25 شخصية سورية معارضة، من الجنسين
(الأسماء جميعها مدونة ضمن الإفادة) وتلك الشخصيات من مختلف الاختصاصات والتوجهات،
من بينهم ضباط منشقون، برتب متفاوتة وعلى قدر كبير من الأهمية، ومنهم فنانون،
ومفكرون، ورجال أعمال، وإعلاميون، وشخصيات ثورية مشهورة.
**** ****
يذكر أن الجلسة الأولى من محاكمة العقيد أنور رسلان والمساعد
إياد غريب، الضابطان السابقان التابعان لشعبة المخابرات العامة في سوريا/ الفرع
251، واللذان يمثلان أمام المحكمة الإقليمية بمدينة كوبلنز جنوب غرب ألمانيا، كانت
في 23 نيسان/ أبريل الفائت، وهي أول محاكمة لجرائم حرب تتعلق بـ “التعذيب
الممنهج في سوريا” منذ بدء النزاع فيها.
ووجهت لرسلان (57 سنة)، تهماً بارتكاب جرائم ضد الإنسانية
تشمل قضايا اغتصاب واعتداء جنسي و58 جريمة تعذيب أدت للموت في الفرع 251 “فرع
الخطيب” في دمشق، حيث أشرف كضابط مخابرات على تعذيب مئات الأشخاص، بين 29
أبريل/ نيسان 2011 و7 سبتمبر/ أيلول 2012.
أما إياد الغريب 42 سنة، فكان يعمل بنفس الفرع تحت إمرة
رسلان، وكان مكلفاً باحتجاز المتظاهرين، ومتهماً بالمساعدة في التعذيب والقتل في
30 قضية. وكان كلٌ من رسلان وغريب قد قدما طلب اللجوء السياسي في ألمانيا قبل عدة سنوات.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”