fbpx

أطر مؤسسات المعارضة السورية.. وضرورة المحافظة على دورها

0 211

تتعرض مؤسسات المعارضة السورية، مثل هيئة التفاوض، أو فريق المعارضة في اللجنة الدستورية، أو غيرها من المؤسسات، إلى محاولاتٍ تطرح تجاوز دورها، هذه المحاولات يتمّ تغليفها بطروحات (ثورية)، بحجة الدفاع عن ثوابت الثورة.
المحاولات المذكورة تتغافل عن معطيات الواقع، حيث تتجاهل أمراً حاسماً، يتعلق بوجود وشرعية وجود هذه المؤسسات، فيظهر الأمر وسط اللغط والانفعالات، وكأن هذه المؤسسات أنشأت نفسها بنفسها، وهذا لا ينتمي للحقيقة بشيء.
الحديث عن مؤسسات المعارضة كأطر سياسية، أو كأطر تفاوضية، لا يعني إغفال نقد دور الشخصيات في هذه المؤسسات، أو عدم إخضاعها للمساءلة الوطنية الجادة، تحديداً، إذا ما تنازلت عن جوهر المهام الموكلة إليها، وهي الوصول بالقضية السورية إلى بر الأمان، عبر تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع السوري، سيما القرار 2254.
إن طرح تقويض وجود أطر هيئة التفاوض السورية، أو تقويض فريق المعارضة المشارك في اللجنة الدستورية، إنما يصبّ شئنا أم أبينا بضياع الأطر الموكلة بالتفاوض مع النظام، وهذا يعني بقاء النظام موجوداً بمؤسساته وفريقه المفاوض، دون وجود مؤسسات معارضة تقابله، ودون وجود فريق تفاوض معترف به دولياً، يقوم بهذه المهمة.
إن القناعة بضرورة عدم تقويض أطر مؤسسات المعارضة السورية، لا يعني البتة أنها غير قابلة للمساءلة الوطنية، وهذا يتطلب إيجاد مرجعية وطنية، أشبه بالبرلمان المؤقت، يتمّ اختيار أعضائها من كل أطياف اللون السياسي السوري المناصر للثورة، والمتضرر من نظام الاستبداد.
المرجعية المعنية، يمكن توفيرها واقعياً، من خلال تبني مؤسسات المعارضة السياسية، لفكرة عقد مؤتمر وطني شامل، هذا المؤتمر، يمكن عقده في المناطق المحررة، التي تسيطر عليها قوى الثورة والمعارضة، بحيث يكون تعبيراً حقيقياً عن السوريين الذين اكتووا بنار الاستبداد.
إن القول بعدم قدرة مؤسسات المعارضة، على النهوض بدورها وفق تخيلات (الثورجيين)، يعني بصراحة، تقديم خدمة غير مصرحٍ بها لنظام الاستبداد، فالنظام، وطوال سنوات، يرفض أن يعترف، بأن هناك قوى ثورية، تريد تغيير النظام السياسي في البلاد، ويرفض الاعتراف بوجود معارضة سياسية له، ولذلك يصرّ على الحسم العسكري والأمني، بحجة محاربته للإرهاب.
إن إغلاق بوابة اللغط الثورجي، المفتوحة على خطاب غير قادر على فرض معادلاته على القوى الدولية، التي تمسك بتلابيب القضية السورية منذ سنوات، إنما يأتي خدمة لحصار النظام، والضغط عليه، لإجباره على الانخراط في العملية السياسية، التي تقودها الأمم المتحدة، على أرضية القرار الصادر عن مجلس الأمن رقم 2254 تاريخ 18/12/2015.
لهذا يبدو التمسك بوجود مؤسسات تمثّل قوى الثورة والمعارضة ضرورة، وهذا التمسك بفعالية دور هذه المؤسسات، حاولت قوى دولية تشتيته، من خلال اختراع منصات غير معارضة، وغير ثورية، وإلحاقها بجسم مؤسسات المعارضة، بغية إفشالها، مثل منصة موسكو.
إن انسداد أفق التفاوض في المرحلة الحالية، سببه إدراك النظام أن حبل اللجنة الدستورية سيلتف على عنقه إذا ما انخرط بمسارها، وهو ما يفسّر امتناعه وعرقلته لهذا المسار.
إن عقوبات قانون قيصر بدأت تؤتي أكلها، فالنظام فقد كل قدرة على ضبط الوضع المعيشي والاقتصادي في مناطقه، وهذا يعني، سحب بساط التأييد له من حاضنته، التي مرّر عليها كل مقولاته الباطلة، حول ما يجري ضده من ثورة شعبية سورية، تريد الحرية والكرامة والعدالة لكل السوريين.
النظام الآن أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الذهاب في العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254، أو الذهاب إلى مواجهة دامية مع حاضنته الجائعة.
كذلك المعارضة ومؤسساتها أمام خيارين، إما التمسك المستمر بجوهر القرارات الدولية ذات الصلة بالوضع السوري، أو الذهاب إلى الضياع.
إن الالتفاف حول مؤسسات قوى الثورة والمعارضة، ونقد عملها بصورة بناءة، وتوسيع فعالية دورها الوطني، سيقصّر زمن الخلاص من نظام الاستبداد، ويقرّب زمن الانتقال السياسي.
إن الدفاع عن أطر قوى الثورة والمعارضة السياسية، لا يعني البتة الدفاع عن أخطائها، التي قد تقع فيها، ولا يعني الدفاع عن تقصيرها بالتمسك بالقضية الوطنية السورية، التي تبنى على الانتهاء من نظام استبدادي فاسد، والانتقال إلى مرحلة جديدة، من خلال المرحلة الانتقالية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني