أدرِكوا حي جوبر وأهله
أعلنت محافظة دمشق صدور المخطط التنظيمي التفصيلي رقم 106 لتعديل الصفة العمرانية للمناطق العقارية “جوبر، قابون، مسجد أقصاب، عربين، زملكا، عين ترما” من منطقة “حماية، وزراعية داخلية، وتوسع سكني إلى مناطق قيد التنظيم، وأرفقت مخططاً عاماً ومنهاج الوجائب ونظام البناء الملحقين به لمنطقة جوبر.
وقد استندت سلطات النظام في ذلك إلى القانون “5” لعام 1982 الخاص بالتخطيط العمراني الذي يمنح “الوحدة الإدارية” بتنظيم المخططات التنظيمية للمناطق العقارية التابعة لها، ما يؤدي إلى حرمان مالكي العقارات المرخصة والتي قد لا يكون لحق بها أية أضرر أو لحقت بها أضرار بسيطة قابلة للترميم دون الحاجة إلى إزالة البناء أو هدمه، وكذلك حرم مالكي العقارات من استخدام حقهم بالتسوية على مخالفات البناء التي تُنظمها المواد “6 إلى 9” من القانون “40” لعام 2012، ومنع مالكي العقارات الواقعة ضمن المخطط التنظيمي القديم من التصرف بعقاراتهم التي كفِله لهم المرسوم التشريعي “26” لعام 2013 الخاص بتحديد حالات السماح وعدم السماح بالتصرف لمالكي الأراضي الكائنة ضمن حدود المخطط التنظيمي.
وفي مرحلة لاحقة يتطلب ذلك صدور مرسوم من بشار أسد يقضي باستملاك المنطقة وفق أحكام قانون الاستملاك رقم 20 لسنة 1983، لتنفيذ المخطط التنظيمي لهذه المنطقة بما لا يتعارض مع أحكام المادة 15 من الدستور.
يتم تنفيذه وفقاً للقانون “23” لعام 2015 الخاص بتنفيذ التخطيط وعمران المدن، الذي يسمح للوحدة الإدارية بتغيير وتعديل الصفة العمرانية للمناطق العقارية من “مناطق حماية، ومناطق زراعية، ومناطق توسع سكني” إلى مناطق تنظيم.
• كما سيتم تطبيق قانوني التطوير العقاري رقم “15” لعام 2008 المعدل بالقانون 34 لعام 2010. والقانون “25” لعام 2011 اللذين عرفا المطور العقاري بأنه: الشخص الطبيعي أو الاعتباري السوري ومن في حكمه أو العربي أو الأجنبي الذي تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في هذا القانون وتعليماته التنفيذية. والذي يحق له تملك أملاك الدولة الخاصة غير المخصصة لإحدى الجهات العامة وتنقل ملكيتها إلى الوحدة الإدارية مجاناً إذا كانت واقعة داخل المخطط التنظيمي وبالأسعار التي يتم الاتفاق عليها بين الجهة الإدارية ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إذا كانت خارج التنظيم، مما سيطال العقارات الزراعية التي تم ضمها لمخطط جوبر التنظيمي، وكذلك عقارات وأجزاء العقارات المملوكة من الأفراد التي يتم استملاكها لغايات إحداث مناطق التطوير العقاري. الذي يفتح الباب للشركات الإيرانية والشركات القابضة المتعاقدة معها بتنفيذ المشاريع العقارية، سيما وأن النظام ابرم عدة اتفاقيات مع النظام الإيراني خاصة بتخطيط المدن والأشغال العامة والإسكان، وتطبيق القانون رقم /3/ لعام 2018 الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة نتيجة أسباب طبيعية أو غير طبيعية أو لخضوعها للقوانين التي تقضي بهدمها، وبيع تلك الأنقاض في حال عدم تمكن أصحابها من رفعها خلال “30” يوماً من الإعلان عن ذلك.
وقد تضمنت هذه القوانين مهل قانونية للاعتراض على المخطط أو على قرارات لجان التقدير أو غزالة الشيوع أو غيرها من اللجان الفنية والقانونية وهي مدة “30” يوماً من تاريخ الإعلان عن المخطط على لوحة إعلانات الوحدة الادارية، وتُعتبر هذه المهلة من “مدد السقوط” التي فرضها المشرع وحددها مُسبقاً للقيام بعمل معين، وذلك تحت طائلة سقوط الحق للقيام بمثل هذا العمل.
ومن المعروف أن حي جوبر والغوطة الشرقية مثلُها مثلُ حي اليرموك والتضامن والقابون وتشرين مناطق منكوبة ومُدمرة بالكامل، وسكانها إما شهداء، أو مهجرين، أو معتقلين، أو نازحين، أو لاجئين، أو مفقودين، لا يملكون وثائق الملكية التي إما بقيت تحت الأنقاض أو أتلفت نتيجة القصف أو ضاعت أثناء التهجير القسري، ولا يمكنهم تقديمها خلال “30” يوماً سيما أن ملكية تلك العقارات قد تحولت من ملكيات مباشرة إلى ملكيات مشتركة إما بالإرث أو بالشراء والبيع على الشيوع، وهذه تحتاج إلى تنظيم وثائق حصر إرث معقدة ومعاملات إفراز أو إزالة شيوع تحتاج إلى وقت طويل قد يمتد سنوات.
والقانون “23” لعام 2015 يعطي يحق للجهة الإدارية اقتطاع 50% من العقارات مجاناً للمشيدات والمرافق العامة بدون تعويض، كما أنه فرض نفقات التخطيط والتقسيم على عاتق المالكين وهي من الديون المُمتاز التي تمنع من نقل ملكية السهام الى أصحابها، كما يعتبر المنطقة شخصية اعتبارية تحل محل جميع المالكين وأصحاب الحقوق فيها، تمثلها الوحدة الإدارية وتمارس الصلاحيات التي تكفل تصفية أملاك المنطقة وحقوقها بعد اقتطاع ما يترتب عليها من نفقات ورسوم وضرائب وغيرها.
كما أنها تمنح المستأجر حصة سهمية تعادل نسبة 40 بالمئة من القيمة التخمينية للجزء المشغل للشاغل السكني و40 بالمئة للشاغل التجاري، ولا يستحق أي منهما السكن البديل.
وقصرت حق المخالفين الذين بنوا فوق أراضي الأملاك العامة أو الخاصة أو المشترين منهم على أخذ أنقاض أبنيتهم ولا يحق لهم سوى ذلك ولا تدخل قيمة هذه الأبنية والمنشآت المخالفة في حساب حقوق المالكين. وجعل أمر تخصيصهم بمساكن بديلة أمراً جوازياً مقروناً بتوَفر فائض مالي لدى الجهة الإدارية.
ختاماً: لم يزل النظام السوري مُمعِنَاً في سياسة العقاب الجماعي ضد معارضيه ونهب أموالهم، والاستيلاء غير المشروع على أملاكهم المنقولة وغير المنقولة، وتحويل هذه المناطق إلى مناطق استثمارية لشركات التطوير والاستثمار العقاري الايرانية التي استحوذت على أغلب عقود تنفيذ مشاريع التطوير العقاري التي أعلنت عنها الشركات القابضة التابعة للمحافظات السورية وأهمها شام القابضة التي استولت على عقارات منطقة المزة كفرسوسة داريا ومخيم اليرموك والقابون وعهدت إلى الشركات الإيرانية بإعادة إعمارها مع منحها حق تملك أكثر من 51% من تلك العقارات، دون دفع أي تعويضات للمالكين الأساسيين او أصحاب الحقوق العينية الأخرى على تلك العقارات وها هو اليوم يعاقب سكان حي جوبر وما حوله بحرمانهم من أملاكهم وعقاراتهم دون وجه حق، ضارباً عرض الحائط النصوص الدستورية وخاصة المادة “15” من الدستور، والمواثيق الدولية التي تكفل احترام حق الملكية، وكما أنها انتهاك فاضح لمبادئ بينهيرو الخاصة بحماية أملاك النازحين والمشردين داخلياً، وكذلك المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة المتعلقة بالتشريد الداخلي.
لذا يجب على مؤسسات المعارضة والثورة والمنظمات الحقوقية السورية والدولية الضغط على الأمم المتحدة لإيجاد آلية لمحاسبة هؤلاء المجرمين ووقف هذه الجريمة النكراء.