يدعي الأمريكيون أنهم دعاة الحرية.. لكنهم يحمون إرهاب قوات “قسد”
الأمريكيون يعتقدون أنهم فوق كل قانون دولي، هذا الإحساس تولّد لديهم بعد أن ألقوا قنبلتيهم الذريتين على هيروشيما وناغازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية، وهو نفس الإحساس حين قامت قواتهم الجوية بقصف مدينة الرقة وتدمير غالبية أحيائها، بحجة قتال تنظيم ما يسمى “دولة العراق والشام” (داعش).
قتال داعش لم يكن يحتاج إلى كلّ هذه القوة المدمرة، ولكن السياسة الأمريكية بدعم ذراعهم الكردية المسماة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، كانت تريد من هذا التدمير تغييراً ديموغرافياً لسكان منطقتي الجزيرة والفرات، بغية جعل هذه المناطق قاعدة متقدمة لتنفيذ سياسات مختلفة، أهمها توطين الأكراد في مناطق العرب، وتهديد الدولة التركية وأمنها القومي، عبر استخدام هذه الذراع التي تحلم ببناء دولة كردية على حساب جغرافية الشعوب الأخرى (العراق وتركيا وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا).
الأمريكيون الذين نصبوا تمثال الحرية القادم كهدية من فرنسا، لم يحترموا البتة مبدأ الحرية خارج حدود بلادهم، وهم فوضّوا أنفسهم كقضاة وكمحاكم دولية، وهذا جعلهم يتدخلون في شؤون الشعوب والبلدان، ويمارسون كل ما من شأنه منع الدول الأخرى بالتقدم والتطور، من أجل بقاء هيمنتهم الدولية على اقتصادات العالم.
الأمريكيون دعموا ذراع حزب العمال الكردستاني (PKK)، في سوريا، وقام الأخير بقمع كل حراك وطني كردي سوري، رغم أن هذه الذراع مدرجة على لوائح المنظمات الإرهابية لدى الولايات المتحدة ذاتها، فقوات قسد مارست القمع والقتل بحق كل معارضيها من العرب أو الكرد، وعملت بصورة إرهابية على اتباع منهج التغيير الديمغرافي في مناطق الجزيرة السورية في الهول وقراها وفي غويران في مدينة الحسكة.
كل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبتها قوات قسد، ووثقتها منظمات حقوقية، لم تعن شيئاً للولايات المتحدة، بما فيها مقتل مسؤولة حزب تيار المستقبل (هفرين الخلف) التي تعرضت للقتل في مناطق ما يسمى (الإدارة الذاتية)، أي أنه تمّت تصفيتها من قبل أنصار الـ (PKK)، وتمّ لصق التهمة بفصيل ثوري يقاتل نظام الأسد ومن يهدّد وحدة التراب السوري.
لصق تهمة قتل هفرين الخلف بفصيل من فصائل الثورة السورية “أحرار الشرقية” كان المقصد منه سياسياً، وهو محاولة تقليم أظافر فصيل استطاع طرد داعش من منطقة مارع ومن مناطق في قاطع عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام. تقليم الأظافر يأتي من خلال إدراج هذا الفصيل أو ذاك على لوائح العقوبات الأمريكية بغية منعهم من قتال قوات الـ (PKK)المتسترة بقناع يسمّى “قوات سوريا الديمقراطية”.
قتال أحرار الشرقية ضد قسد، ومنع قوات هذا الأخير من العبث بأمن مناطق الشمال المحرر، وتهديد تركيا، هو من دفع الولايات المتحدة على لصق تهم بفصيل “أحرار الشرقية” دون أدلة ووثائق حقيقية، في وقت يتمّ التغاضي العلني عن جرائم ارتكبتها ولا تزال ترتكبها فلول الـ (PKK) في سوريا، وذراعها قسد.
إن تنصيب الأمريكيين أنفسهم قضاة على العالم، يأتي من انتهاكهم الصريح للمعاهدات الدولية التي تنظّم العلاقات بين الدول، فهم حين يختارون التدخل العسكري في بلد ما (العراق مثلاً)، لم يكن بإمكانهم أخذ موافقة مجلس الأمن الدولي على مثل هذا التدخل، ولذلك تدخلوا وشنوا الحرب على العراق، وهذا يعتبر عدواناً صريحاً على الدولة والشعب العراقيين.
إن سكوت الإدارات الأمريكية المتعاقبة عن جرائم ارتكبها ويستمر في ارتكابها نظام الأسد والروس والإيرانيون وميليشياتهم الشيعية، ولصق تهمة قتل “هفرين الخلف” بفصيل ثوري هو أحرار الشرقية إنما يعتبر انحيازاً أمريكياً صريحاً للعدوان على الشعب السوري وشعوب المنطقة.
إن غياب دور منظمات حقوقية أمريكية عن مشهد مقاضاة ومحاسبة القيادات الأمريكية، التي تنتهك القوانين الدولية، والتي تتسبب بوقوع ضحايا بين المدنيين في بلدان كثيرة، يجعل من هذه المنظمات شاهد زور على حقيقة سياسات الولايات المتحدة في العالم.
الشعب الأمريكي الذي يتمّ تجهيله بتدخل بلاده في شؤون البلدان الأخرى، ينبغي عليه رفض عار الانحياز الأمريكي لأنظمة الديكتاتوريات والعصابات المسلحة مثل قسد وأخراتها، ولهذا ينبغي على المنظمات الحقوقية الأمريكية، أن تكون على تواصل حقيقي مع الساحات التي تشهد صراعات في العالم، بغية مراقبة طبيعة التدخل الأمريكي ونتائج هذا التدخل.
إن الولايات المتحدة التي سنّت قانون قيصر، لم تستطع حتى اللحظة إيلاء هذا القانون جدية التنفيذ، وهو ما يمكن أن نلمسه في استمرار نظام الأسد في ممارساته الوحشية القمعية ضد الشعب السوري، ونلمسه أيضاً في دعمها المستمر لما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، التي ترتكب أبشع جرائم القتل والتهجير دون أي محاسبة.
لهذا ينبغي ممارسة استراتيجية إعلامية متقدمة ضد السلوك الأمريكي في سوريا، وضد فرض قوات قسد ومخططاتها التقسيمية، وذلك عبر إعلام يخاطب الأمريكيين في أرضهم وعبر الفضاء الالكتروني، وهو أمر لا يزال يحتاج إلى رؤية شاملة وبرنامج عمل جدي من قبل قوى الثورة والمعارضة السورية.
إن التهديد بفرض عقوبات على قوى الثورة السورية، هو شكل من أشكال محاولة تطويعها، وجعلها أداة تخدم سياسات أمريكية بعيدة، لا شأن للشعب السوري وشعوب المنطقة بها. ولهذا لا بدّ من فضح هكذا سياسات أمريكية معادية للشعب السوري وثورته العظيمة.
صدقت والمصيبة كل هذا تعمل به وعلى عينك ياتاجر وماحدا يقلها على عينك حاجب
جعلت الكرة الارضية هورشيمه اخرى