fbpx

ولدت هناك

0 388

لا تيأسنْ من عودة الدراج
قالت جدتي
سيعود أكثرْ
ويفر من قدميك
حين تدوس طرف العشب
إذ تمشي خفيفاً في الحقول
يطير قرب الماء
سوف يجيبه ويطير “خُنْضَر”
جنحاه من عشب السواقي
لم تطوعه الدروب ولم يعفر
ويطير أخضر
يطير أحلى من حدائق هذه الدنيا
فتبصر جنحه المغسول بالألوان
تجمع بعده بلور ذكراك المكسر
ويجيء خالك بالإوز من البحيرة متعباً
فتصيح جدتك النشيطة
شده عند السرير
“سرير جدك”
سيفر بالحبل الأوزُ
إذا أحس ضعيفَ شدك
أعدو سعيداً في القرى
أعدو…
ولكن جدتي لأبي
أتتنا في الضحى في كيسها الأعناب
وارتاحت قليلاً
بعدها أُلبست أجمل ما ادخرتُ
هيا معي قالت ولكني فررتُ
أبكي بعيداً في العراء
أتذكر الباصات منزعجاً ببنطال قصير
جنب سيدة عجوز لست أعرف
جدتي لم جئتني؟
وأخذتني
أبدلتِ مجرى الماء والموج الرفيق
ولمعةَ الأسماك تحت قناطر
كانت تقود إلى حقول الله
بالمدن الكبيرة
بلقاءَ يدعو خالتي الشقراء جدي
مهره يعدو طويلاً
ملقياً ذهبا ًعلى الطرق الكثيرة
ما بين مجرى الماء والحقل البعيد
تزيح كف الريح
عن عينيه خصلته الصغيرة
بزهور باقلاء تمتلئ الحقولْ
وتمر موجاً إثر آخر
جنب موج النهر أمواج الفصول
ويسير موج النهر
نصبح رفقة فأظن رفقتنا تطول
شغلتك عن ذاك الصغير
وعدتك أن الأرض ملأى
بالنساء وبالعبير
خطفتك هذي الأرض
لكن كلما طوفتَ أكثر
ستحس بالطفل الصغير إذا تعثر
ستظل تبصر كيف يمشي
كيف يجلس فوق قنطرة
يرى السمك الصغير اللاعب الفضي
لم يعرف حدوداً بين قنطرتين
لم يملك جوازا
شغلتك هذي الأرض
لكن كثر ما ستحس بالطفل الصغير
إذا أخافته الأفاعي
أو إذا آذاه عاقول وراء البيت
أو ملأ المزارع صوت قُنبَر
ليقول ما هذا
ويبقى الصوت في الأضلاع
والأصداء تبقى
بعد أن تمضي الحياة هنيئةً
كقطيع أغنام وراء النهر
لكن سوف تهدأ شاحنات النفط
تمرق كلما سمح الرعاة
وكلما قار قبيح من مؤخرة تقطر
في البعد فلاحون ساروا
فرحين كانوا بالمساحي
ثم عادوا بعدما انتصف النهارُ
لكنما أحفادهم ضاقوا بها
صاروا يؤدون التحية في المخافر
شرطة صاروا
وضاقوا بالسواقي والسنابل في الرياحِ
لكن ستمطر هذه الدنيا
وتبقى حينها تتقطر الألوان
يبقى النهر يسهرْ
لا تيأسنْ من عودة الدراج حتى لو تأخرْ
سيعود أكثر

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني