fbpx

هيئة التفاوض السورية.. حراك وبحثٌ عن أفق

0 250

قرابة خمسة أعوام، مرّت على بداية اجتماعات الرياض، التي أسّست لهيئة التفاوض السورية، وسُجّلت باسم العاصمة السعودية، متضمنة مجموعة من الشخصيات السورية، من مختلف المشارب والتيارات، باجتماعين منفصلين هما الرياض 1 والرياض 2.

الرياضان بين الاستحقاق والواقع

بداية الحديث عما قدمه مؤتمرا الرياض1 والرياض2، لابدّ من الإشارة إلى أن الرياض 2 حمل ذات الأفكار، التي تحدث عنها الرياض1، لكن بصيغة تفصيلية أكثر، كانت نتيجةً لظهور بعض الخلافات والنقد، لعدم توسع الرياض1 في شرحها، في حين أكد البيانان الختاميان للمؤتمرين على ضرورة الالتزام ببيان جنيف1، والقرارات الدولية ذات الصلة، كمرجعية وحيدة للعملية التفاوضية.

كما أكد على ضرورة رحيل الأسد، وأضاف مؤتمر الرياض2 بنداً جديداً، يقول: المفاوضات المباشرة غير مشروطة، أي أن المواضيع كافة تطرح وتناقش على طاولة المفاوضات، وليس هنالك حق لأي طرف، أن يضع شروطاً مسبقة.

في حين، لا تعتبر المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية، الصادرة سابقاً، في القضية السورية، من ضمن الشروط المسبقة، كما أن مناقشة شكل الحكم، وصلاحياته، ومسؤوليه، والحكومة، وموقع الرئيس، كلها أوراق تفرد وتفند على طاولة التفاوض.

وأن تعتبر هيئة التفاوض هيئة وظيفية بالمقام الأول، وليست هيئة سياسية، مهمتها الوحيدة هي التفاوض، للوصول إلى حل في سوريا، وليس إدارة ملف الثورة أو إدارة العلاقات الخارجية أو السياسية المتعلقة بالثورة.

ما الدور الذي تلعبه هيئة التفاوض الآن

سباق محموم تنتهجه هيئة التفاوض السورية حالياً، والتي يقودها في هذه المرحلة الحساسة أنس العبدة، الذي انتخب مرتين غير متتاليتين رئيساً لائتلاف قوى الثورة والمعارضة.

ويأخذ هذا السباق صورته الحقيقية، من خلال تحريك عجلة اللقاءات والاجتماعات المكثفة، مع الأطراف والجهات السورية المختلفة، سواء في الداخل السوري المحرر، أو في الخارج، ولربما كان الهدف من وراء هذا التحرك المحموم حلحلةً منتظرةً للملف السوري، وربما لحلٍ قادمٍ، يقال إنه يطرق الأبواب، أو لعله يكون نتيجة رغبة من هيئة التفاوض، في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من قطاعات الشعب السوري، والتوافق معهم على رؤية مستقبلية واحدة، لسوريا موحدة.

لكن، إن كانت الغاية هي التواصل المباشر مع الشعب السوري، وتجديد أواصر الثقة بين الطرفين، قد لا تكون هذه الاجتماعات قادرة على رسم سياسة تجميعية للحاضنة الشعبية المناسبة، لمثل هكذا تحرك، وإنما تبرز الحاجة إلى تغيير الصورة النمطية المجتزأة، التي لربما تشكلت لدى الشعب السوري، تجاه الهيئات السياسية، والخلط بينها وبين الهيئات الوظيفية، مثل هيئة التفاوض السورية، وتحميلها ما هي ليست عليه.

لذلك تحتاج هيئة التفاوض السورية، التي تمثّل عموماً غالبية الطيف السياسي السوري، (الائتلاف وهيئة التنسيق الوطنية ومنصة موسكو ومنصة القاهرة ومستقلين..) إلى دعمٍ والتفافٍ شعبي حولها، لمنحها قوةً تحصّن قراراتها، وتكون مرجعية وطنية تساعدها في الإصرار على تنفيذ القرار الدولي 2254، ما يمنع اختراق ثباتها والتزامها، باعتبارها ممثلاً للثورة السورية، ولقوى المعارضة الرافضة لنظام الحكم الاستبدادي، الذي يمثله نظام الأسد.

ما الذي ستجنيه هيئة التفاوض من هذه الاجتماعات؟

سؤال يستوجب الحصول على معلومة، تفضي بالقول: إن الهيئة من خلال سعيها لبناء دعائم علاقات جديدة، مع القوى السياسية والحاضنة الشعبية، ستكون أكثر تماسكاً بمواقفها، وأكثر شفافية مع الحاضنة الشعبية في سوريا.

هذه الممارسة التي تجري الآن، وتقوم بها هيئة التفاوض ممثلة برئيسها أنس العبدة، تعني أنها تنوي الوقوف في وجه الضغوطات، التي تتعرض لها، من قبل المجتمع الدولي، أو حتى من الجهات الداخلية، من خلال حصولها على دعمٍ من الحاضنة الشعبية، وتحريك الرأي العام السوري، لتحقيق مصالحه من خلال الطرق السلمية.

هذه الممارسة السياسية يجب أن يكون لها ورقة عمل واضحة، تبيّن حدود التعاطي بين الهيئة والحاضنة، وكذلك لابدّ من وجود ذراع إعلامية لا تزال غائبة عن مؤسسات الثورة الرسمية.

فالمطلوب إذاً، وضع الرؤية الممكنة التنفيذ كورقة عمل، يسبقها ضخ إعلامي حقيقي، بوسائل مختلفة، ولكن ضمن استراتيجية واحدة، مرسومة وقابلة للتطوير والتعديل، وفق المعوقات التي تعترضها.

إن صدور بيان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، بتشكيل الهيئة العليا للانتخابات، يعتبر ملاقاة لتنفيذ القرار الدولي رقم 2254، الذي صدر بنهاية عام 2015م، وما جاء فيه من ضرورة تزامن التفاوض على السلال الأربع، استعداداً لمرحلة انتقالية، لا وجود فيها للأسد، وهو ما قد يفسّر التحركات الأخيرة للمعارضة السورية، على مختلف الصعد سياسياً وإدارياً، خاصة مع حديث الشارع الموالي للأسد عن استعداداته لانتخابات 2021.

فهل سيكون ختام الثورة السورية، كما كانت بدايتها، على يد الشعب السوري، وليس بفعل أطراف خارجية؟

الأفق مفتوح على احتمالات متعددة، ولكن أرجحها، وما يهمنا فيها، هو مصلحة السوريين بالخلاص من نظام الاستبداد الأسدي، وتحقيق دولة المؤسسات والمواطنة والحريات والديمقراطية.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني