fbpx

هل يصلح يفيموف ما بين بوتين والأسد

0 622

أصدر الرئيس الروسي “بوتين” خلال الأسبوع الماضي مرسومين رئاسيين يخصان سورية.. يتعلق الأول بتعيين مبعوث خاص له، أما الثاني فيتعلق بإجراء مفاوضات بين وزارتيْ الدفاع والخارجية الروسيتين وسورية بهدف تسليم روسيا منشآت بحرية سورية جديدة، وقد انشغل الإعلام بالمرسوم الأول، في حين لم يلتفت أحد إلى الثاني، وكان الأول قد صدر يوم الاثنين 25 أيار 2020 وقضى بتعيين سفير روسيا لدى سورية “ألكسندر يفيموف” مبعوثاً خاصاً للرئيس بوتين، ومنذ الإعلان عن ذلك المرسوم والمهتمون بالعلاقات الروسية/السورية لا يكفون عن التعليق والتحليل والتكهن برأي ما يتعلق بخلفيات ذلك الحدث، ولا تكاد وسيلة إعلامية إلا وأدلت بدلوها في هذا المجال، وخصوصاً أن تلك العلاقات قد شابها الكثير من الغموض والتساؤلات، وغدت عرضة للشائعات، والتقولات، في مرحلة باتت تشهد اشتداد الصراع الخفي بين الأطراف المتدخلة في سورية حول قضايا جوهرية كثيرة هي في صلب غاية الحرب الرئيسة، وخفاياها بعد أن حُسم أمر ظاهرها أو كاد (إذا استثنينا إدلب وقوات قسد في الجزيرة اللتين تُعدّ لهما سيناريوهات خاصة بكل منهما في إطار حل شامل..). وعلى استمرار هذه العلاقات مع بشار الأسد بالذات، سواء كفرد أم كأسرة حاكمة، أي تبنيه روسياً أو عدمه تستمر أو تتوقف المأساة السورية برمتها، فالكل يعرف أن الوجود الروسي هو الطرف الأقوى اليوم في سورية..! وعلى ذلك، فمن البديهي ألا يُفهم هذا الحدث بمعزل عما يجري في سورية، منذ عدة أشهر، وبخاصة بعد أن أُسكتت المدافع، وهي غالباً ماضية في طريقها نحو السكوت الكامل.. وهذا يعني أن حرارة مسار الديبلوماسية ستأخذ في الشدة والارتفاع، وأن الحاجة تقتضي بأن لا تمرَّ إجراءاتها عبر أقنية عدة.. وهذا جوهر الأمر، وهو ما عبَّر عنه المحلل السياسي الروسي “أندريه أونتيكوف” في حديثه لراديو روزنة في اليوم الثاني لصدور المرسوم إذ قال: 

“إن تعيين السفير الروسي في دمشق، ألكسندر يفيموف، مبعوثاً خاصاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو رسالة روسية لمن قال إن هناك خلافات جذرية بين موسكو ودمشق، وبإن الروس قد يسعون لتغييرات جذرية في النظام السوري”. وأضاف: بأن تعيين يفيموف هو “دليل واضح بأن العلاقات مع دمشق وكانت ولا تزال استراتيجية”. ورأى أونتيكوف “أن رفع الدرجة الدبلوماسية للسفير الروسي ستمنحه مزيداً من الصلاحيات، من أهمها ضمان الاتصال المباشر مع بوتين، دون حدوث أي تدخل للخارجية الروسية؛ سواء من قبل الوزير أو مدير قسم الشرق الأوسط في الوزارة”. وأردف “سيستطيع السفير مناقشة كل المسائل الحيوية حول تطوير العلاقات بخصوص دمشق مع بوتين بشكل مباشر”. 

وينسجم هذا الحديث مع ما صرح به السفير الروسي نفسه، ولا يتناقض أيضاً مع ما كانت الصحافة الروسية قد نشرته، إذ إنَّ الحديث جرى عن علاقات بين دولتين لا بين أفراد أو نظم ولا يتناقض مع ما أدلت به بعض الصحف الروسية في الفترة الأخيرة إذ تناولت الرئيس السوري بشيء من الاستخفاف، وعدم الاحترام، ما خلق شيئاً من ردود الأفعال من جانب السوريين الموالين لأسرة الأسد لا لسورية والسوريين..! وقد وصلت ببعضهم إلى أنه سينهي بوتين من الوجود.. (خالد العبود عضو مجلس الشعب السوري) وكذلك بعثت مجموعة من هؤلاء عريضة إلى وزارة الخارجية الروسية تصدَّرها رجل المخابرات بهجت سليمان، وطائفة من المخبرين والمطبلين السوريين، إضافة إلى عدة أسماء عربية من تابعيتهم، وتطالب العريضة الصحفيين أصحاب المقالات بالاعتذار.. كما تطالب المسؤولين الروس بمحاسبتهم..! 

 ومن هنا يجب قراءة محتوى مرسوم الرئيس بوتين الذي نص صراحة على تطوير العلاقات بين سورية وروسيا، بل أكد قوة العلاقات بين روسيا وسورية وتطورها.. وأنَّ مستحقات السلام في سورية هي في صلب تطوير العلاقات، ويتوقف الأمر هنا على بشار الأسد بالذات، ودائرة حكمه الضيقة وإذا ما كانوا سيقبلون بشروط السلام التي ستفرض وجود أطراف أخرى في مرحلة انتقالية تمر بها سورية وصولاً إلى نظام تتوافق عليه الأطراف السورية كلها وهذا هو جوهر ما هو مختلف حوله وإذا كان الروس أقوياء داخل سورية وأحرار في قرارهم فهم ليسوا كذلك على المستوى الدولي سواء تعلق بإعادة الإعمار أم بقانون قيصر القادم، ومن هنا يأتي السؤال المهم جداً:

 هل سيقبل بشار الأسد، ودائرة حكمه الضيقة بصيغة توافقية في المرحلة الانتقالية، وهم الذين رفعوا شعار “الأسد أو نحرق البلد” المعتقد أن الأسد بالذات غير قادر على تنفيذ مثل هذه الصيغة إذ هو على خطا أبيه من قبله..! من هذه النقطة بالذات يجب فهم محتوى تعيين السفير الروسي.. إنها رسالة مباشرة إلى بشار الأسد وإلى دائرته الضيقة..! ويعتقد بأنها ستحدث خلخلة في قلب تلك الدائرة الضيقة صانعة القرار ما سيقود إلى التغيير الحتمي الذي سيتناول الرأس ومن يستمر في موالاته أما صيغة التنفيذ فمتروكة للظروف التي سنشهدها في الأيام أو الأسابيع أو الأشهر القادمة..!

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني