fbpx

هل أزفت نهاية النظام السوري؟؟

0 1٬713

تعرف هذه الفترة انتشاراً لأخبار وشائعات عن قرب نهاية النظام السوري، وعلى الأقل نهاية رأس النظام، وقد كثرت أحاديث مرحلة البحث عن بديل، وهناك من تنطّع لترشيح نفسه رئيساً قادماً لسورية، وتتداول صفحات التواصل الاجتماعي أسماء وقوائم يقال إنها المرشّحة لتشكيل مجلس سياسي وآخر عسكري استعداداً لعملية الانتقال القادمة..

بغض النظر عن صحة المعلومات، وعن الدور الإسرائيلي فيها، وما قاله عنصر إسرائيلي في الموساد (إيلي كوهين) عن اقتراب نهاية الأسد، وكأنه بذلك يعطي الضوء الأخضر لبعض التابعين، والمتلهفين لتقديم أنفسهم رؤساء ومسؤولين لمرحلة قادمة، وبعضهم يتحفنا ببرامج طويلة شاملة، وهناك من يعرّفنا عن وجود هيئات ومؤسسات تسانده، وترشّحه..

فإن تراكب مجموعة من العوامل المتلاحقة، واقتراب نهاية مدة رئاسة المجرم بشّار، وبعض التحولات التي نشهدها على صعيد تأكيد منظمة مراقبة وحظر الأسلحة الكيماوية بإدانة النظام وإثبات استخدامه للأسلحة الكيماوية، وإمكانية البدء بتطبيق قانون قيصر(سيزر)، واقتراب نهاية الصراع العسكري.. إلخ، تفتح الشهية للتعامل مع هذه الأفكار، وتضعها على طاولة التفكير، والاحتمالات القابلة للتعاطي في الفترة القادمة.

لكن بالمقابل هل توافق الأطراف الفاعلة بالوضع السوري على تغيير النظام، أو التخلي عن المجرم بشار وما يمثله وجوده وغيابه من بقاء أو نهاية النظام؟، أم ما تزال متمسكة بالنظام كله؟، أو باتت قابلة بتغيير رأسه شرط بقاء النظام؟؟..

في معظم الاتصالات التي كانت تجري مع الروس (فوق الطاولة وتحتها) كانوا يرددون معزوفتهم العامة والمطاطية حول موقفهم من النظام ورأسه ((إنهم غير متمسكين لا بالنظام ولا برأسه، وأن الأمر يعود للشعب السوري)) ما يتيح المجال لتفسيرات مختلفة، وطرح أسئلة دقيقة عن الشعب المقصود، ووسائل التعبير عن إرادته تلك، وكيف؟، وأين؟، ومتى؟ في حين كانت المواقف الروسية على الأرض وفي المحافل الدولية (استخدام الفيتو دائماً) تتناقض تماماً مع تلك الأطروحات، فروسيا هي التي منعت سقوط النظام، أو انهياره الشامل منذ تدخلها الاحتلالي المباشر في 15 أيلول 2015، وروسيا هي الفاعل الرئيس في توجيه ضربات مؤثرة لفصائل الجيش الحر، ولتدمير البنى التحتية وتهجير ونزوح مئات آلاف المواطنين، وإنهاء عديد الفصائل المعارضة المسلحة والتي كان من نتيجتها استعادة النظام لمعظم المناطق التي كانت المعارضة تسيطر عليها، وروسيا هي التي كانت وراء لقاءات أستانة وما يعرف بمناطق خفض التصعيد التي تمّ قضمها وإعادتها لسيطرة النظام، ووقائع كثيرة كما هي حال اللجنة الدستورية ومصيرها، والحل السياسي ومآله، تدلل على أنها الطرف الرئيس في حماية النظام واستمراره، وما يحكى عن الانتخابات القادمة وحقّ رئيس النظام بالترشّح – كالآخرين – لعهدة جديدة سيوفرها الدستور الذي تتوقع روسيا أن يتضمن مثل ذلك الحق….

في الجانب الآخر فالموقف الإيراني واضح التمسّك بالنظام ورأسه وأدواته، ويقف ضدّ أي عملية تغيير ولو كانت جزئية، وإيران طرف فاعل في المسألة السورية، وربما تكون الأكثر تأثيراً على صعيد الوجود المجتمعي والسياسي.

روسيا الباحثة عن مصالحها ومناطق نفوذ مهمة لها ستبقى قوة خارجية محتلة، أو موجودة لفترة محددة، وعاجزة عن نخر واختراق المجتمع السوري، والتحول إلى عامل داخلي فاعل في الحياة السياسية والاجتماعية السورية بينما وضع إيران مختلف في هذا المجال حيث نجحت، وإلى حدّ كبير في اختراق المجتمع السوري من داخله عبر عملية التشييع، والتغيير الديمغرافي، والتأثير المذهبي/الديني المعزز بإمكانات مالية كبيرة، وإقامة الحسسينيات والأضرحة وتطويع الناس وتجنيدهم في حرسها الثوري ومليشياتها الطائفية، دون إغفال دور حزب الله في سورية وما يقوم به من فعل داخل المجتمع السوري وتكوين مليشيات وفعاليات تابعة له..

قد يكون من المضحك المبكي مباهاة وتنافس كل من إيران وروسيا في نيل “شرف” الفضل بمنع انهيار وسقوط النظام، وذلك الصراع، أو الخلاف المتماوج والباطني بينهما على مناطق النفوذ والتأثير، وما يحكى عن امتداد الصراع وتأثيراته في بنية النظام والقوى العسكرية التابعة له، وتوارد تحليلات كثيرة عن تبعية هذا الضابط، أو ذاك لروسيا أو لإيران وبناء مواقف عليها، وربما الذهاب بعيداً في التوقعات، وصولاً إلى انتشار أخبار عن مفاوضات تجري مع بعض ضباط النظام وكبار مسؤوليه لإعداده بديلاً لرأس النظام..

الأكيد أن التنافس موجود بين روسيا وإيران، وأن مشاريع كل طرف تختلف عن الآخر في المحتوى والمآل، لكن الصراع لم يصل إلى مستوى الاحتراب والاستئصال، ولن يكون ذلك – بالنسبة للجانب الروسي بالتحديد – ما لم يحصل على ضمانات استمرار واستقرار نفوذه، والمقايضة بأمكنة شتى ثمناً لأي تغيير في الموقف الروسي، وهو الأمر الذي لم يتبلور بعد نتيجة إرباكات وانشغالات الإدارة الأمريكية، وستكون جائحة كورونا عاملاً مهماً في تأخير اتخاذ الإدارة الأمريكية موقفاً حاسماً من النظام السوري يمكن أن ينسحب – حينها – على الاتحاد الأوربي ليصبح ماثلاً للتطبيق.

سيكون على السوريين انتظار انشغال العالم بوباء كورونا كي يضع أصحاب القرار المسألة السورية على طاولة الحل، الأمر الذي يُبعد التوصل لنهاية الأزمة السورية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية في الحل السياسي، على الأقل في هذه الفترة الحرجة من صعود الجائحة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، ولهذا يبدو أن مرشحو الرئاسة قد أصيبوا بمرض الجلْوَعة وفضحوا طبيعة علاقاتهم، وأوهامهم، وتركيبتهم..

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني