fbpx

نَفَحَاتٌ مِن اِبْتِهالاتِ السَّياب

0 122

يُعدُّ الشاعر بدر شاكر السياب رحمه الله من أعظم شعراء هذا العصر كونه أحد رواد التجديد في الشعر العربي الحديث بل أجلهم مكانة.

تُرجمتْ أشعاره إلى أغلب لغات العالم لما تحمله من إنسانية الثائر على الفقر والجوع والحرمان في مواجهة لصوص الشعوب وعبيد الدرهم والدولار.

تُعَدُّ قصيدته الشهيرة (أنشودةُ المطر) من أجمل ما قيل من شعر في هذا العصر.

لم نعرفْه في مناهج التدريس العربية إلا شاعراً متمرداً على كلِّ شيءٍ حوله حتى على الله والقدر.

عرفناه من خلال قصائده الممنهجة المسيسة التي نُدَرِّسها للأجيال ثائراً بطلاً علمانياً لا يأبه لدين أو تشريع.

قبل رحيله رحمه الله أصيب بداءٍ عُضالٍ فأعاد قطار فكره إلى سكة التوحيد فآب الى ربّه وتاب ونفحَ الأدبَ العربيّ بأجمل القصائد الإيمانيّة وقد صدق فيه قول فاروق الأمة:

{لَيَنْقُضَنَّ عُرَى الإسلامِ عُرْوةً عروة منْ عاشَ في الإسلامِ ولم يذُقْ طعمَ الجاهلية}

هذه بعضُ نفحاته الإيمانيّة من قصيدة بعنوان:

سِفْرُ أيّوب

لك الحمدُ مهما استطالَ البلاءْ

ومهما استبدّ الألمْ

لك الحمدُ، إن الرّزايا عطاءْ

وإنّ المُصيباتِ بعضُ الكرمْ

ألم تُعطِني أنتَ هذا الظلامَ

وأعطيتني أنتَ هذا السَّحَرْ؟

فهلْ تشكرُ الأرضُ قطرَ المطرْ

وتغضبُ إن لم يجُدْها الغَمَامْ؟

شهورٌ طِوالٌ وهذي الجِراحْ

تُمزِّقُ جَنْبيَّ مثلَ المَدَى

ولا يهدأُ الدَّاءُ عندَ الصَّباحْ

ولا يَمْسحُ اللّيلُ أوجاعَه بالرَّدَى

ولكنّ أيُّوبَ إنْ صَاحَ صَاحْ:

لك الحمدُ إنَّ الرَّزَايا نَدَى

وإنَّ الجِرَاحَ هَدَايا الحَبِيبْ

أضُمُّ إلى الصَّدرِ باقاتِها

هَداياكَ في خافِقِي لا تغيبْ

هداياكَ مقبولةٌ… هاتِها

جميلٌ هو الليلُ أصداءُ يومْ

وأبواقُ سيَّارةٍ مِن بعيدْ

وآهاتُ مَرْضى وأمٌّ تُعيدْ

أساطيرُ آبائِها للوليدْ

وغاباتُ ليلِ السُّهادِ الغُيومْ

تُحَجِّبُ وجْهَ السَّماءْ

وتَجْلُوه تحتَ القمرْ

وإن صاحَ أيُّوبُ كانَ النداءْ:

لك الحمدُ يا رامِياً بالقَدرْ

ويا كاتباً بعدَ ذاكَ الشِّفاءْ

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني