نظام أسد إجرامي وغير شرعي.. المطلوب دولياً سحب ممثله من الأمم المتحدة
تساؤلات كثيرة يثيرها المراقبون للوضع السوري، تتمثّل بأسئلة مشروعة، حول شرعية نظام الأسد داخلياً وأممياً ودولياً، والذي صار نظام عصابة عائلية (آل أسد)، ما يتطلب معه تسليط الضوء على تجاهل المجتمع الدولي لجرائم موثّقة ارتكبها هذا النظام، واستمراره بمنح مقعد سورية في الأمم المتحدة لنظام غير شرعي، وهذا يمكن اعتباره خللاً بعمل هذه المنظمة الدولية.
داخلياً: ارتكب نظام أسد جرائم كبرى بحق السوريين، حيث اُنتهكت علانية حقوق الإنسان، وارتُكبت جرائم حرب وجرائم إنسانية، غالبيتها موثقة بتقارير ذات مصداقية عالية وأدلة ومواد تصويرية مثبت صحتها، حيث لا يزال الدمار في المدن والبلدات والقرى ماثلاً للعيان في عدد كبير منها، الدمار أتى بسبب إعلان النظام حربه على السوريين المطالبين سلمياً بدولة مواطنة وحريات وكرامة إنسانية، ما أدّى إلى نزوح داخلي للملايين منهم، هرباً من قصفه لمدنهم وقراهم إلى المدن الأخرى، كالعاصمة دمشق، ومدن الساحل، أو حمص، أو حماة، أو الحسكة.
إقليمياً: أدّت حرب نظام أسد إلى لجوء ملايين السوريين إلى بلدان الجوار، وقد بلغ عددهم في الأردن قرابة مليون وثلاثمئة ألف لاجئ، أما في لبنان فالتقديرات تقول بوجود مليون ونصف المليون لاجئ سوري، وفي تركيا عدد السوريين وفق إحصاءات الحكومة التركية بتاريخ كانون الثاني/يناير قرابة ثلاثة ملايين ونصف مليون لاجئ سوري.
بمعنى آخر، سببت حرب النظام الأسدي أوضاعاً مربكة لدول الجوار في جوانبها المختلفة، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي والصحّي.. إلخ.
دولياً: بقي النظام ممثلاً في الأمم المتحدة رغم انتهاكه لقوانينها، وعدم امتثاله لقراراتها، مثل القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ الثامن عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2015، وهذه سابقة خطيرة في عمل المنظمة الدولية، إذ كيف يجلس في مقعد سورية في هذه المنظمة ممثلٌ لنظام ارتكب جرائم كبرى بحق الشعب السوري، وكان من بين هذه الجرائم استخدامه لأسلحة القتل الجماعية المحرّمة دولياً (الأسلحة الكيماوية).
ودولياً أيضاً: صار نظام أسد يشكّل خطراً على المحيط الإقليمي المجاور له، وخطراً على العالم بصورة عامة على أرضية إنتاجه وتسويقه وتهريبه للمخدرات (الكبتاغون)، حيث تعاني دول كالأردن ودول الخليج العربية من تهريب نظام أسد للمخدرات إليها عبر وسائل مختلفة، كما أن هذه التجارة التي تدر أموالًا طائلة على نظام عصابة الأسد مرشحة لأن تتمدد لأوروبا حسب مصادر أمنية أوروبية ما يشكّل خطراً حقيقياً دولياً على المجتمعات الإقليمية والأوروبية، وتحديداً فئة الشباب فيها.
نظام أسد ومنذ بداية الثورة السورية السلمية، واجه المتظاهرين بالحديد والنار، فكان يطلق الرصاص الحي على المتظاهرين السلميين، فيسقط منهم كل يوم عشرات الشهداء، وهذا شاهده ديبلوماسيو دولٍ عديدة في مقدمتها السفير الأمريكي السابق روبرت فورد.
كثير من الدول سحبت سفراءها من دمشق احتجاجاً على وحشية رجال أمن نظام أسد، وعلى زجّ الجيش بمواجهة مدنيين عُزّل، ومع ذلك، لم يتوقف هذا النظام عن ارتكاب جرائمه العلنية بالقتل والتدمير والاعتقالات وخطف المدنيين، بينما كانت المنظمة الدولية تراقب ما يجري في سورية من انتهاكات كبرى لحقوق الإنسان يقوم بارتكابها نظام أسد، حيث يأمر بهذه الوحشية رأس النظام بشار أسد وطاقمه الأمني الذي ينفّذ أوامره.
وفق ما تمت إضاءته، يمكننا القول إن الأمم المتحدة عبر جمعيتها العامة، وعبر مجلس أمنها، لم تقم بدورها المنوط بها في مثل هكذا أوضاع مؤلمة، فلقد أيّد ممثلو قرابة مئة وثمان عشرة دولة تمثيل الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة للشعب السوري، ولكن لم تجر خطوات ملموسة لتحويل مثل هكذا قرار إلى واقع ملموس، ما أبقى نظام أسد ممثلاً لشعب يذبحه ويهجّره بنفسه.
إن بقاء نظام أسد في تمثيل سورية كدولة، هو أمر يخالف بنية المنظمة الدولية، ويكشف عن عجز هذه المنظمة في إبعاد ممثلي نظام أسد عنها، لا بل تعطيل قراراتها، وعدم تنفيذها والانصياع لها، ويتم ذلك بمساعدة دولٍ تحمي جرائم هذا النظام مثل روسيا.
بقاء نظام أسد كممثلٍ للدولة السورية هو مرفوض على الصعيد الوطني السوري، فغالبية السوريين يرفضون أن يكون ممثلهم في الأمم المتحدة فريق نظام أسد، كذلك لا يمكن لهذا النظام أن يبقى محتفظاً بمقعد سورية في المنظمة الدولية، سيما بعد ارتكابه لجرائم عظمى موثقة في أرشيف صور قيصر، وقيامه بالمجازر الموثقة التي أكّدت قيامه بها منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التابعة للهيئة العامة للأمم المتحدة، وكذلك صور الأقمار الصناعية التي رصدت عمليات القتل الجماعي عبر القصف بالأسلحة المختلفة.
الأمم المتحدة هي هيئة تمثّل شعوب العالم المنتظمة بإطار قانوني وحدود جغرافية تسمى الدول، هذه المنظمة، لا تزال عاجزة عن فرض قراراتها الدولية الصادرة عن مؤسساتها، وهذا يكشف عن بنية تنظيمية تحتاج إلى تغيير فيها، سواء ما يتعلق منها بدور مجلس الأمن، هذا المجلس الذي مُنحت فيه خمس دول حق النقض ما حوّل دوره إلى دور المدافع عن مصالح دولة وليس مصالح السلم العالمي وحقوق الشعوب.
إن بقاء نظام أسد كممثل لسورية هو احتقار لكفاح الشعب السوري، الثائر على نظام مجرم، ارتكب أفظع الجرائم، وصار يشكّل تهديداً للاستقرار العالمي، لذا، يجب إيجاد آلية قانونية دولية، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، يُلغى بموجبها احتكار دولٍ خمس لحق النقض الدولي، وجعل التصويت في مجلس الأمن تصويتاً بموجب قاعدة الأكثرية النسبية، بعد توسيع هذا المجلس بدول تحتل دوراً عالميا مهماً على صعيدي الاقتصاد والأمن الدوليين.
إن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي معنيان بإبعاد نظام أسد عن تمثيل الشعب السوري، حيث لم تعد الحكومة في سورية حكومة حقيقية، بل صارت تعبيراً مكثّفاً لعصابة عائلية اختطفت سورية ودورها في العالم، هذه المافيا الأسدية هي من ينهب ويقتل ويدمّر ويغتال ويهدّد ليس السوريين فحسب، بل باتت هذه العصابة تهدد دول المنطقة من خلال إغراقها بالمخدرات.
الولايات المتحدة وعبر ممثلي الكونغرس بمجلسيه أقرت قانون مكافحة الكبتاغون، وهي تعمل على تنفيذه، على مستوى تدمير هذا البرنامج الخطير القاتل للشعوب، كما تعمل على جرّ مافيا أسد وعصاباته الأمنية إلى المحاكم الدولية لارتكابه الجرائم (قانون قيصر).
فهل نرى قريباً طرد ممثلي نظام أسد من مقعد سورية في الأمم المتحدة؟ وهل سيلجأ المجتمع الدولي إلى فرض تعيين شخصيات سورية مشهودٌ لها بالنزاهة والوطنية في مقعد سورية في هذه المنظمة الدولية؟ الشعب السوري ينتظر مثل هذا القرار..