مينيتي: ضرورة تطوير ميثاق أوروبي من أجل أفريقيا للسيطرة على تدفقات الهجرة
وزير الداخلية الإيطالي الأسبق يقول إن روما قادرة على قيادة الطريق نحو علاقة جديدة بين أوروبا وأفريقيا، وأن ما يحدث في أفريقيا يؤثر بشكل مباشر على أوروبا، مع ضرورة أن تتضمن الاتفاقيات مع أفريقيا الالتزام باستعادة المهاجرين الذين دخلوا أوروبا بشكل غير قانوني ومكافحة المتاجرين بالبشر….
اعتبر وزير الداخلية الإيطالي الأسبق ماركو مينيتي، في مقابلة مع صحيفة “لا فيريتا” الإيطالية، أن نهج إيطاليا بشأن قضية الهجرة حاسم، حيث لايمكن لإيطاليا أن تصبح نقطة ساخنة في أوروبا.
وقال مينيتي، الذي يترأس اليوم مؤسسة ميد أور الإيطالية التابعة لمجموعة ليوناردو: “هناك نقطتان متصلتان بالحاضر. الأولى تكتيكية: كنت وزيراً منذ ديسمبر 2016، بعد برميل بارود الربيع العربي. واليوم كما بالأمس، فإن عدد الوافدين كبير بشكل خاص، وتشهد بلادنا توترات شديدة”.
وأشار إلى نقطة اتصال استراتيجية، قائلاً: “كما كتب المؤرخ البريطاني بيتر فرانكوبان، فإن مشكلات الهجرة، مثل مشكلات المناخ، كانت موجودة لآلاف السنين. وبما أن اختلال التوازن الديموغرافي هو حقيقة بنيوية للكوكب، فلا ينبغي إدارة الهجرة من خلال “سياسات الطوارئ” التي لا تحل في الواقع شيئًا”. واعتبر مينيتي أنه لا يمكن كسب اللعبة من خلال النظر فقط إلى الأفق الإيطالي.
وشدد مينيتي على الحاجة إلى سياسات أوسع وضرورة النظر لأفريقيا، مشيراً إلى زياراته لأفريقيا كوزير للداخلية، لعقد اتفاقيات في ليبيا ومع القبائل. وأعرب عن تقديره لخطاب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، موضحاً أنه على رئيسة الوزراء أن تكون بمثابة جسر بين أوروبا وأفريقيا.
وقال مينيتي إن إيطاليا تدفع الثمن الأعلى، لكنه عبر عن القناعة بأن روما قادرة على قيادة الطريق نحو علاقة جديدة بين أوروبا وأفريقيا، بحسب موقع “ديكود 39” الإيطالي.
ورأى أنه لا توجد دولة أوروبية تستطيع القيام بهذا الدور إن لم تكن إيطاليا، حيث تتمتع بالقوة والتاريخ والثقافة بالإضافة لحكومة قائمة على نجاح انتخابي راسخ.
ودعا مينيتي لجعل خطة ماتي الإيطالية الخاصة بأفريقيا خطة أوروبية وتوقيع اتفاقية مع الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وأن تكون شروط الاتفاقية أن تقدم كل دولة أوروبية حصة من الإدخالات القانونية، ولكن بشرط الإعادة الفورية للوافدين بطريقة غير شرعية و محاربة المتاجرين بالبشر. وقال إن إيطاليا اتخذت خياراً مهماً من خلال زيادة حصص التدفقات القانونية.
كما أعرب مينيتي، خلال مقابلة مع صحيفة “لا سوار” البلجيكية، عن قناعته الراسخة بأنه من أجل السيطرة بشكل أفضل على تدفقات الهجرة، من الضروري تطوير ميثاق أوروبي جديد من أجل أفريقيا.
وتطرق مينيتي لزيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية وسط تدفق المهاجرين، قائلاً إنها أدركت جيداً أن لامبيدوزا تجسد نقطة الالتقاء بين أوروبا التي تجتاحها المخاوف المتزايدة والقارة الأفريقية التي تواجه تهديداً متزايداً.
وقال إن خطة عمل رئيسة المفوضية الأوروبية بشأن الهجرة أرست الأسس لنهج أوروبي منسق، ولكنها مجرد بداية لرحلة طويلة.
وعن العلاقة بين زعزعة الاستقرار الأخيرة في بعض البلدان الأفريقية وتدفق المهاجرين إلى إيطاليا، قال مينيتي إن الأشهر الثلاثة الأخيرة شهدت بداية اضطراب مفاجئ في التوازنات التقليدية في أفريقيا.
وأشار إلى الانقلابات في الجابون والنيجر، والتمردات المسلحة التي يهيمن عليها الطوارق في مالي، والحرب الأهلية في السودان، والزلزال في المغرب، والفيضانات في ليبيا، معتبراً أنها خلقت السياق لعاصفة مثالية لأوروبا من حيث الهجرة.
وكشف مينيتي أن خمسين ألف شخص يعيشون في درنة بليبيا قد نزحوا بسبب الفيضانات الأخيرة، وأن مصر تستضيف حاليا 310 ألف لاجئ سوداني، مضيفاً: هذا السيناريو الكارثي المحتمل يمكن أن يؤدي إلى إنشاء علاقة مميزة جديدة مع إفريقيا.
واعتبر أن أوروبا تعيش بين كماشة إنسانية مزدوجة: ففي الشرق يتعين عليها أن تدير تدفق اللاجئين من أوكرانيا، وفي الجنوب يتعين عليها أن تتعامل مع المهاجرين القادمين من حوض البحر الأبيض المتوسط.
وعن الحلول للتحكم بشكل أفضل في تدفقات الهجرة الحالية وبناء علاقة مميزة مع بلدان المغادرة والعبور، قال مينيتي إنه في اجتماع المجلس الأوروبي المقبل في أكتوبر، يجب إعداد البنية الأساسية لميثاق أوروبي جديد من أجل أفريقيا، بمشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وذلك بدعم من الموارد المالية الكبيرة والمتاحة مشيراً إلى مليار ونصف يورو كبداية.
وقال مينيتي، في مقابلة مع صحيفة “دي فيلت” الألمانية، إن أرقام وصول المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي تمثل تحديًا والخطورة تكمن في العودة إلى أرقام عام 2016، حين تم تسجيل أعلى عدد من الوافدين على الإطلاق في وسط البحر المتوسط، مع إمكانية تفاقم هذا الاتجاه بسبب عمليات زعزعة الاستقرار في شمال ووسط أفريقيا. وجاء رد مينيتي على سؤال بخصوص وصول 115,000 شخص منذ بداية العام وهو أكثر من العام الماضي بأكمله.
وأشار مينيتي إلى الوضع المقلق في ليبيا مع سقوط 57 قتيلاً في اشتباكات في العاصمة طرابلس مؤخراً، فضلاً عن الحرب الأهلية في السودان، مع حضور روسي قوي للغاية يمتد من ليبيا إلى أفريقيا الوسطى، ومن مالي إلى بوركينا فاسو إلى السودان. وقال إن مصر وتشاد تستضيفان حالياً مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين وكل هذا يمكن أن يتحول إلى تأثير الدومينو بالنسبة لأوروبا.
وتحدث مينيتي عن الانقلاب في الجابون باعتباره عنصراً آخر من عناصر الأزمة، وهي الأزمة التي ينبغي لأوروبا أن تشعر بالقلق الشديد إزاءها. لأن كل ما يحدث في أفريقيا الآن يؤثر بشكل مباشر على أوروبا، ولهذا السبب من المهم جدًا الانتقال من الأقوال إلى الأفعال.
وشدد وزير الداخلية الإيطالي الأسبق على الحاجة إلى عقد قمة خاصة بشأن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا، بمشاركة رؤساء حكومات أفريقيا والاتحاد الأوروبي.
وأكد مينيتي أن أفريقيا تحتل مكانة مركزية في ثلاثة قطاعات مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي. أولاً، قضية الطاقة، التي أصبحت خطيرة مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، موضحاً أنه حتى يصبح الاتحاد الأوروبي مستقلاً تماماً عن روسيا، سواء في مجال إنتاج الطاقة التقليدية أو المعادن النادرة فإن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى أفريقيا.
كما تحدث عن الأمر الثاني وهو مكافحة الإرهاب الدولي، مشيرا إلى أن شمال ووسط أفريقيا هما أهم بؤر للإرهاب في العالم حالياً، مرجحا انتقال هذه المشكلة بسهولة إلى أوروبا.
وأشار إلى القضية الثالثة المتعلقة بعدم التوازن الديموغرافي، الذي يعد أيضًا محركًا للهجرة، موضحاً أنه فيما تنمو أفريقيا، فإن سكان معظم الدول الأوروبية يتقدمون في السن.
وبسؤالة عن أفضل طريقة لمحاربة الهجرة غير الشرعية، قال مينيتي إنه في الاتحاد الأوروبي، يتعين علينا القيام بأمرين، الأول على الاتحاد الأوروبي أن يقدم في هذه القمة الخاصة خطة للتنمية الاقتصادية والنمو في أفريقيا، من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة وتوفير الأموال اللازمة على الفور.
وشدد على ضرورة إنشاء طرق هجرة قانونية إلى الاتحاد الأوروبي، في خطوة قد تتشكل عبرها سياسة الهجرة الحديثة.
واعتبر مينيتي أنه من الضروري أن تتضمن الاتفاقيات مع الدول الأفريقية الالتزام باستعادة المهاجرين الذين دخلوا الاتحاد الأوروبي بشكل غير قانوني ومكافحة المتاجرين بالبشر.
وأشار أيضا إلى أهمية مواءمة تشريعات الهجرة في جميع دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ما يتعلق بالاندماج، موضحا أن المهاجرين لا يجب أن يصلوا إلى مراكز كبيرة، بل يجب أن يتم توزيعهم في جميع أنحاء البلاد.