من أين يبدأ الحوار الكردي العربي؟
– في البداية لابد وبدون وضع شروط مسبقة وكي ينجح الحوار ونصل إلى نتائج عيانية ملموسة من اعتراف العرب بأن الكرد والعرب شعبان مختلفان قومياً ولغوياً ولكل منهما ثقافته وهويته المتمايزة، عندها فقط، يمكن أن ينطلق الطرفان معاً للحوار وتشكيل رؤية مشتركة لسوريا المستقبل كدولة وكنظام حكم على أساس المواطنة المتساوية وحكم القانون. المشكلة ليست في دمشق أو مع النظام الأسدي فقط، فهو معروف لكل ذي عين، دكتاتوري، إقصائي، ومحتل لسورية كدولة وكشعب ولا يعترف بأي منهما خارج سطوته وسيطرته، فكيف سيعترف بحقوق الكرد السوريين وينظر إليهم كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات في ظل الطغيان الأسدي والسلطة العائلية التي لا تتشارك حتى مع بطانتها ومواليها، ولا تنظر إليهم كبشر بل كأدوات أو أشياء عليها الامتثال والطاعة وتنفيذ الأوامر. مشكلتنا الرئيسة مع النخب السورية ومع القشرة السياسية المتحركة ومع القوى الناهضة في المجتمع السوري التي حتى الآن لا تعترف بالتعددية ولا بأي مكون قومي أو إثني أو طائفي بذاته غير العرب والسنة.. 2- يتهم الكرد بالاستقواء بالخارج وتنفيذ أجندات قوات التحالف الدولي وخاصة أمريكا، هنا يمكننا الاستشهاد والعودة إلى التاريخ في عهد الانتداب الفرنسي عندما طالب قائد الثورة السورية إبراهيم هنانو من قائد قوات الحامية الفرنسية في لقاء معه بقاء قوات البحرية الفرنسية على السواحل السورية، استغرب القائد الفرنسي وقال له: أنت تحاربنا من جهة وتطالبنا من جهة أخرى ببقاء قواتنا البحرية على السواحل السورية. رد عليه هنانو: أحاربك من أجل أن أحصل على استقلال بلادي وأطالب قواتكم بالبقاء، لأن عيون الأتراك على سوريا، والآن أيضاً إذا تم انسحاب القوات الأمريكية من شرق الفرات (المنطقة الكردية)، هنالك ثلاث جهات بالمرصاد تتربص للانقضاض والسيطرة عليها، وهي النظام والروس والأتراك ومرتزقتها من المعارضة السورية، وما تم إنجازه في شرق الفرات رغم ما يعتريه من نواقص وسلبيات – والحديث عنها لا ينتهي – إلا أنها لا يمكن مقارنتها مع مناطق سيطرة النظام والأتراك، سواء من ناحية الوضع الأمني والاقتصادي أم من ناحية الحريات والعمل السياسي والمدني، ونقول هنا بلا لف أو دوران ورداً على بعض تخرّصات بعض الكرد المطالبين بخروج القوات الأمريكية من شرق الفرات فإن الأمريكان هم اليوم الأقرب إلى مصالح الشعب السوري والكردي على حد سواء وبالتالي بقاء هذه القوات يساهم في حماية هذه المناطق ويعرقل الحل الروسي وبقاء النظام الأسدي. من مصلحة السوريين جميعاً أن تبقى القوات الأمريكية في سوريا وصولاً إلى الحل السياسي المستند إلى قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 2254 ومخرجات جنيف1 فمنصات مثل سوتشى وأستانا أو غيرهما لا يمكن إلا أن تكون منصات لإعادة تدوير نفايات النظام وإعادة إنتاجه في نسخة معدلة، وهذا لا يتوافق مع انتفاضة السوريين وتطلعاتهم في الحرية والديمقراطية والمساواة واستعادة الكرامة في دولة وطنية حديثة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”