fbpx

ملاحظات اوّلية في صفقة القرن الفلسطينية!.

0 83

صفقة القرن الفلسطينية، هي خطّة سلام أمريكية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أطلقها الرئيس الأمريكي السابق ترامب يوم الثلاثاء، 28 كانون الثاني 2020، متوّجاً جهود إدارته لشرعنة سرقة حتّى ما سبق واعترفت به الإدارات السابقة من حقوق فلسطينية/سوريّة/أردنية؛ تتعلّق، خاصّة بوضع القدس، والمستوطنات والجولان، والغور!.

1- في تساؤلات، تبدو خارج السياق:

– هل في التوقيت، وطريقة الإعلان، علاقة مباشرة بالمرحلة الحالية من الصراع الدموي، المدمّر، الذي هجّر من السوريين أضعاف ما صنعته آلة، وأدوات، الحروب الصهيونية طيلة أكثر من قرن؟.

-هل فيما تقدّمه هذه الصفقة من خدمات لدولة الاحتلال الإسرائيلي، خاصة المرتبطة بقضايا السيادة والأمن القومي، تشكّل جهداً أمريكياً في إطار تقديم ضمانات وعربون صداقة، لدولة الاحتلال، التي تشكّل قاعدة عسكرية أمريكية متقدّمة في قلب منطقة الشرق الأوسط، تعويضا لها عمّا يُصيب المصالح الإسرائيلية من أضرار، مباشرة أو استراتيجية، باتت تمسّ الأمن القومي لدولة الاحتلال، نتيجة ما حقّقته أذرع النظام الايراني من تمدّد إقليمي – في إطار، وتحت مظلّة ما ترسّخ من علاقات، خاصّة بعد غزو العراق، سيطرة ونهب تشاركية إقليمية بين الولايات المتحدّة وأذرع النظام الايراني، أكبر منافس لدولة الاحتلال على السيطرة الإقليمية والسورية – باتت حلقاتها في لبنان وغزّة (والجولان) تضيّق الخناق على عُنق جيش الدفاع الإسرائيلي، وتهدّد قطعان مستوطنيه؟!.

2- بخلاف اتفاقات السلام؛ أو الهدن، السابقة، (بين دولة الاحتلال، من جهة، وبين الأنظمة العربية/وسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية، من جهة ثانية – التي غلب عليها الطابع الثنائي، المنفرد، والتي تضمّنت عشرات الاتفاقيات الخاصّة، والشاملة بدءاً من اتفاقيات فك الاشتباك، السوريّة/الإسرائيلية، في أيّار 1974 – وحتى اتفاقية المعابر، بين السلطة وحكومة الاحتلال، 2005)، يبدو أنّ الصفقة السياسية التسووية الراهنة لا تقتصر على وضع تفاهمات بين سلطات أمر الواقع، الفلسطينية في الضفّة وغزّة، وبين سلطة الاحتلال، بل يطمح القائمون عليها أن تكون جسرا لتحقيق صفقة سياسية إقليمية، بين حكومة الاحتلال، وحكومات الأردن، ومصر، بشكل مباشر، وحكومات عربية خليجية وأخرى، بشكل غير مباشر، كالإمارات والبحرين وعُمان.. برعاية وقيادة أمريكية!.

3- بخلاف الاتفاقيات السابقة، لا تقتصر الصفقة الحالية على تناول قضايا سياسية، جغرافية، بل تشكّل حزمة مشاريع متكاملة، تُستَثمَر فيها مشاريع اقتصادية، وبنى تحتية، بقيمة عشرات المليارات من الدولارات، يحصل الفلسطينيون منها على حصّة الأسد!.

4- بخلاف خطط السلام السابقة، العربية والأمريكية، التي اعترفت بالقدس الشرقية، عاصمة للدولة الفلسطينية، الموعودة، تؤكّد على بقاء القدس موحّدة، دون تقسيم، تحت السيادة الإسرائيلية، مع ضمان الحريات الدينية، والإقامة، للجميع، رغم الإشارة إلى إمكانية بقاء ممرّ فلسطيني، يصل مناطق سيطرة محور فتح بمناطق سيطرة محور حماس، وبما يوحي بالحرص على قيام دولة فلسطينية، متّصلة، بين الضفّة، وغزّة!.

5- بخلاف خطط السلام السابقة، التي ضمنت، نظريّا، حق الشعب الفلسطيني في كانتونات النزوح الإقليمية، بالعودة الى قراهم، ومدنهم، التي اقتُلعوا منها، على كامل مساحة فلسطين التاريخية، تتيح الخطّة الحالية حق العودة فقط إلى مناطق فلسطين الجديدة!.

6- تتضمن الاعتراف العربي بالحدود الحالية للدولة الصهيونية، دون الإشارة إلى وضع الجولان السوري المحتل، الذي ضمّته إسرائيل، ويخضع للقانون الإسرائيلي.

7- استثناء سوريا والعراق ولبنان، من مخططات السلام هذه، ودعوة واضحة للتطبيع مع جميع دول المنطقة.

8- رغم تناقض أهم بنود الصفقة الحالية مع الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني، التي يعترف فيها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ( القرار 242 في نوفمبر 1967، الأرض، مقابل السلام)، وتنكّرها لمشروع السلام العربي، الذي وافق عليها مؤتمر القمّة في بيروت 2002 (المتضمّن انسحابها الكامل من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حلّ لملايين اللاجئين )، فإنّه، وفي المدى المنظور، لا يملك الفلسطينيون فرصة انتزاع حقوق وطنية، أفضل مما يقدمها لهم الاتفاق الحالي، الصفعة!.

9- منذ سيطرة المقاومة الإسلامية على غزّة بقوّة السلاح الإيراني، وبدعم لوجستي، إسرائيلي قطري، لم تستطع تحرير شبرٍ واحدٍ من التراب الوطني الفلسطيني، أو تفرض اي تنازل سياسي على حكومة العدو – ك تقليص الاستيطان ومنع ضم القدس، أو الموافقة على بقاء قسمها الشرقي، على الأقل، تحت السيادة الفلسطينية – وكلّ ما أنجزته تمثّل بترسيخ التقسيم الكانتوني بين غزّة والضفّة، بما يقوّض ما تبقى من حلم الدولة الفلسطينية بعد 1967؛ ناهيكم بتعيّشها على فتات ما يُقدّم لها لتأمين مصاريف سيطرتها على غزّة، لا تبذل إسرائيل اي جهد من أجل تجفيف منابعها ( خاصّة القطرية / الإماراتية )!.

10- رغم ما تكشفه تلك الصفقة من سلسلة من التنازلات الفلسطينية والرسمية، العربية، عن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، وصلت الى حدّ التنازل عن القدس، وما تتضمنه من اعتراف غير مباشر باحتلال الجولان السوري، فهل يملك الفلسطينيون بديلاً أفضل؟.

11- المؤسف أن الخيار الآخر، المتوفّر، هو خيار المقاومة الإسلامية الذي لا يملك، على المستوى العسكري، إمكانات فرض حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، جزئياً، أو بشكل شامل، ولا يحوذ، على المستوى السياسي، استقلالية القرار، والعمل، في كونه جزء من محور إقليمي، أقوى، مهيمن، يفرض، عليه خططه العسكرية، وسقف أهدافه السياسية.

في ظل هذا التواطؤ الرسمي الغربي، الإمبريالي، والعربي الاستبدادي؛ مع أهداف الخطّة الإيسرو – أمريكية، وواقع الهزيمة، والتفتيت المرّة، التي تعيشها شعوب المنطقة، خاصّة الشعب السوري، وفي ظروف خضوع ساحات المقاومة اللبنانية، والفلسطينية، لأهداف المشروع الإيراني – وما يحمله من آفاق التسخين بدماء الشعبين، أو التجميد، على حساب حقوقهما المشروعة، وفقاً لمتطلبات الصراع التنافسي بين القوتين الإقليميتين، إيران وإسرائيل – وفي مناخ حالة العجز الشامل لسلطة أبو مازن، أيّة خيارات هي المتاحة أمام جموع الشعب الفلسطيني، الموزّع بين سلطة هنيّة الإسلامية، وسلطة أبو مازن، الليبرالية، ودول الشتات الإقليمية، وقوانينها الظالمة؟!.

السؤال المؤلم الذي يطرح نفسه، هل يضيع ما تبقّى من فلسطين، كما ضاعت القدس؟

– الرئيس ترامب يحذّر من أنّها ستكون الفرصة الأخيرة للفلسطينيين!

– النتن ياهو: صفقة القرن هي فرصة قرن، ولن نفوّتها.

– السيّد أبو مازن، يهدّد بإرسالها خطّة السلام الإسروأمريكية إلى مزبلة التاريخ!.

إذا كنّا نملك مبررات الخوف من تحذير الرئيس الأمريكي، وندرك قدرة بلاده على انتهاك حقوق الشعوب، وتدمير مؤسسات الدول، ونتفهّم حرص نتنياهو على تنفيذ الصفقة، فكيف لنا أن نفسّر تهديد ملك الضفّة، المحارب القديم، ابو مازن، وهو الذي يغفو هنيئا، تحت حراب القوات الإسرائيلية؟.

هل يخاف أبو مازن أن يفقد امتيازات منصبه الحالي، أم حقّا يخاف على ضياع قدسه الشريف؟.

12- السؤال الآخر، الجوهري: ألا يوجد حلّ آخر، إنساني، يحمي حقوق جميع سكان فلسطين الحاليين، ويضمن حقوق المهجّرين، بالعودة، أو التعويض؟.

الحل البديل، الإنساني هو بقيام دولة واحدة، ديمقراطية، علمانية، على كامل مساحة فلسطين التاريخية، تُعيد الأرض المسروقة إلى دول الجوار ( الجولان السوري )، يتساوى فيها الجميع، دون تمييز، أمام قانون عادل، غير عنصري!؟.

لو كانت تتوافق ادعاءات الولايات المتّحدة، التي تزعم أدوات ومراكز صناعة الرأي العام أنّها تعمل على تعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط، مع مصالح الطغم المسيطرة على مراكز صناعة القرار السياسي في البيت الأبيض والكونغرس والبنتاغون، أليست فلسطين التاريخية،بين النهر والبحر، هي المكان الأولى، والأجدر بقيام دولة ديمقراطية، غير دينية، تساوي مؤسساتها وقانونها بين حقوق وواجبات الجميع، بغضّ النظر عن أيّة تناقضات أخرى؟.
ألا يمكن ل فلسطين هذه، الدولة الديمقراطية، لو حسنت النوايا الإمبريالية ( وهي لن تكون كذلك، في ظل قيادة المافيات المتوحّشة، المسيطرة في أمريكا واسرائيل )، أن تُصبح النموذج الديمقراطي، لقيام مشاريع حضارية في كامل منطقة الشرق الأوسط؟.

13- تساؤلات في الصميم!.

– ألا يبدو جليّاً تكامل جهود سلطات الإسلام السياسي، في طهران والدوحة والرياض، بشكل خاص، مع جهود الولايات المتّحدة وحكومات دولة الاحتلال لاغتصاب الأرض والحقوق الفلسطينية والعربية، عندما عملوا على ميلشة المقاومة الوطنية الديمقراطية الفلسطينية، وحوّلوا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى صراع ديني بين المسلمين واليهود؟.

– ألا يبدو جليّاً تكامل جهود سلطات الإسلام السياسي، في طهران والدوحة والرياض، مع جهود أنظمة الديكتاتوريات العلمانية، وجهود الولايات المتّحدة وحكومات دولة الاحتلال، في اغتصاب الأرض والحقوق الفلسطينية والعربية؛ عندما نجحت في تغيير طبيعة الصراع الرئيسي الإقليمي، ونقله من ساحات الصراع العربي/الصهيوني، إلى صراع شيعي/سنّي، يمزّق شعوب المنطقة، ويهمّش مؤسسات دولها، ويدمّر مقومات المقاومة الحقيقية لأهداف وقوى وسياسات المشروع الصهيوأمريكي، الساعي طوال عقود ليس فقط لإقامة إسرائيل اليهودية العنصرية، على حساب الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني – يهوداً وعرباً – بل، والأخطر من ذلك، والمكمّل له، تدمير أهداف المشروع الديمقراطي لشعوب المنطقة، وقطع طريق انتقال ديمقراطي سلمي للسلطة السياسية؛ وهو ما يحدث في العراق وسوريا واليمن..، خاصّة في أعقاب حراك شعوب المنطقة الديمقراطي، وبمواجهة تحدّيات الربيع الإقليمي؟!.

14- في بعض ردود الأفعال!.

– إذا وضعنا جميع ردود الأفعال جانبا، وأخذنا المعنيين الرئيسيين في صفقة ترامب، (التي تؤدّي إلى بيع ما تبقّى من حقوق سياسية، أخلاقية، وطنية، للشعب الفلسطيني، في القدس، وغيرها، مقابل حفنة من الدولارات، يتكفّل بتقديمها النظام السياسي العربي، شريك الصهيونية، في تحقيق أهداف المشروع الإمبريالي الأمريكي)، قادة الضفّة وغزّة – السلطة وحماس؛. أليس من أبسط خطوات مواجهة الصفقة، التي يعلنون رفضها، إنهاء حالة الانقسام القائمة، وتوحيد الجغرافيا، والشعب الفلسطيني، في موقف، وقرار سياسي موحّد؟.

– هل هذا ما يقصده عبّاس، في دعوته، الفلسطينيين لرص الصفوف وإسقاط مخطط تصفية المشروع الفلسطيني؟.

– هل يفعلها هنيّة وأبو مازن؟

– هل نعلم، لماذا لا يفعلون ذلك؟.

– في نفس الوقت، لا عجبَ أن يطير نتنياهو من واشنطن إلى موسكو مباشرة، لتقديم آيات الشكر والامتنان لشريك، وصديق الصهيونية الكبير، الثاني، زعيم الكرملين، على إنجاز صفقة القرن الترامبويّة!.

– يدرك جيّدا، السيد النتن – بعكس أصحاب القضيّة الحقيقيين، شعوب هذه المنطقة ونخبها السياسية والثقافية – الدور الأساسي الذي لعبته روسيا، تاريخيّاً، وراهناً، في تحويل الحلم الصهيوني، إلى حقيقة؛ خاصّة، ما تقوم به القيادة الروسية، منذ 2011، من دور مركزي في مسار الصراع، الساعي إلى هزيمة أهداف المشروع الديمقراطي للشعب السوري، وتدمير مقومات قيام الدولة السورية، الديمقراطية – القوّة الوحيدة، القادرة على مقاومة المخططات الصهيوأمريكية في المنطقة، وإسقاط أهداف مشاريعها!

– لو كان السيّد نتنياهو، صادقا مع نفسه، لتوجّب عليه أن يتابع طيرانه إلى الرياض، ومنها إلى طهران، للإنحناء أمام قادة المشروع الطائفي، الشيعوسني، الذي نجح، بأكثر مما أنجزته إسرائيل، في تدمير شعوب المنطقة، وقواها السياسية الديمقراطية الوطنية – القوّة الأساسية المعادية للصهيونية، ومشاريعها – وتحويلها الى قطعان، مهاجرة، أو، إلى ميليشيات طائفية مسلحة، متناحرة؛ دون أن ينسى أصدقائه وشركائه الآخرين، القادة المجهولين، ببطاقات الشكر والتقدير!.

العدالة والديمقراطية لشعوب المنطقة.

تعيش فلسطين، الدولة الموحّدة، الديمقراطية العلمانية، منارة للحضارة والسلام!.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني