fbpx

مجدداً وبعد الحرب السورية
جمهورية الكلب، الرواية الثالثة لإبراهيم اليوسف وأسئلة صدام الثقافات

0 234

صدرت للشاعر السوري إبراهيم اليوسف روايته الثالثة “جمهورية الكلب” عن دار خطوط وظلال- الأردن- عمان/2020، بعد روايتيه: شارع الحرية-2017 و” شنكالنامه” -2018″. 

وإذا كانت روايتا المؤلف السابقتين قد تناولتا واقع مكانه والمنطقة، وإنسانهما، بعد الحرب السورية. حرب السنوات العشر، كما تسمى، مركزاً على واقع ابن المكان في مواجهة أدوات الإرهاب والاستبداد، وفي مطلعها تنظيم داعش الإرهابي، فإن هذه الرواية الجديدة اتخذت المهجر الذي اضطر السوريون اللجوء إليه، بعد الحرب، وتحديداً ألمانيا، وأوربا، مكاناً لها، إذ يتناول صدام الثقافات، من منظور آخر، يبدو لدينا في عداد ماهو مهمل أو مهمش، إلا أنه يرى فيه رمزية ما، كما ستبين ذلك فصول الرواية التي تمتد على 360 صفحة من القطع المتوسط، وبغلاف معبر رسمه الفنان الأردني الفلسطيني محمد العامري.

بطل الرواية هو الراوي ذاته إذ يستعرض تفاصيل الحياة التي فتح عليها وأسرته عيونهم، في وطنهم الأم، وذلك من خلال نظرة محددة إلى عالم الكلاب، كنتيجة لثقافة متوارثة، متأصلة، إلا أنه يصطدم منذ وصوله إلى ألمانيا بحضور الكلاب كجزء من الحياة اليومية بالنسبة لأصحاب المكان، إذ إنه يتذمر من هذا الواقع إلى حين، قبل أن يتعرف على أرملة ألمانية، هي حفيدة أدولف هتلر، من جهة أمها، وزوجة خبير نفط ألماني قضى وسائقه الخاص في الحرب العراقية نتيجة قصف السيارة التي كان يستقلها وزوجته، هاربين من الموصل التي كان يعمل فيها، متوجهين إلى بغداد، لتنجو زوجته، ويبقى مصيره والسائق مجهولاً؟

وبالرغم من الموقف المتشدد من قبل الراوي آلان نقشبندي من عالم الكلاب، إلا أن رأيه ينقلب، رأساً على عقب منذ حادثة لجوء كلب سيدة أرملة هي بيانكا شنايدر تعرف عليها في إحدى حدائق المدينة التي يقيمان فيها، إلى بيته، دون أن يعرف أسباب ذلك، إلى وقت طويل، وجاء ذلك، مباشرة، عقب دعوة بيانكا له إلى منزلها لحضور احتفالية – يوم الكلب العالمي – إذ يتفاجأ ذات يوم بلجوء كلب السيدة – على غير العادة – إلى منزله، ما يثير نفور وتذمر وقلق الأسرة، وبالتالي نفوق الكلب، لسبب غامض، وتدخل رجال البوليس للتحقيق في الأمر، بعد أن يتعذر التواصل مع صاحبة الكلب، ليعيش حياة قلقة، وإن كان سيقرر في لحظة ما أن يربي هو كلباً، حتى ولو كان ذلك على حساب مغادرته البيت!

يعتمد الكاتب خلال الرواية على المذكرة، واليوميات والتاريخ، وحضور ملامح من شخصيته، بعيداً عن الاستغراق في أي منها، كما فعل ذلك في أكثر من عمل له، بالإضافة إلى جمعه مابين الواقع والخيال. واقع تواريخه، ويومياته، ويوميات الحدث الجديد، وذلك عبر لغة ريبورتاجية. سلسة، بعيدة عن الاتكاء على الشعر الذي يتوقع حضوره من مؤلف عرف من دخل في هذا الحقل، قبل أن يتوجه إلى نشر أعماله الروائية.

رواية جمهورية الكلب، كما جاء على الغلاف الأخير للكتاب تكاد أن تتفرد في تناول صراع ثقافتين إنسانيتين، لكل منهما ثيماتها وعلاماتها الفارقة، من خلال التركيز على ثقافة الموقف من – الكلب – إذ لكل مجتمع. لكل ثقافة. لكل بيئة موروثها الخاص في هذا المجال، ومن هنا فإن الرواية تقدم رؤية جديدة لهذا العالم، من خلال أمثلة وأحداث ومواقف متناقضة، من قبل مهاجرين سابقين وحاليين من الكلب، من دون أن يطلق الحكم الأخلاقي الذي يمكن لقارىء الرواية الوصول إليه، في لحظة تقويمية فاصلة، أمام كائن لطالما تم التعامل معه على أنه منبوذ، إلا أن هناك من يتصالح معه، وفق مقومات واقع وثقافة جديدين!

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني