fbpx

متصل الآن

0 365

صفحة “الواتس” الصفراء أمام عيني واضحة، والخط بيِّن والكلمة ظاهرة للعيان في أعلى الصفحة لا مجال للريب قطعاً.
متصل الآن.
يا إلهي..!
سليم ابني متصل الآن..!
هذا ما أراه الآن رغم أني أغمضت عينيّ ثم فتحتهما وفركتهما مرة ومرة، وما تزال الكلمة ماثلة أمام ناظري:
متصل الآن..!
كيف أنت متصل الآن يا سليم، وقد جاءني أخوك ذات صباح ليقول لي أن سليماً أصيب، ولكني سألته:
إصابة فقط أم….؟!!
ترى هل الإصابة في يدك أم رجلك يا سليم؟
وهل ما زلت تقدر على المسير؟
وهل ما تزال عيناك تراني وهل سأسمع صوتك بعد الآن..؟
ولمَ أرسلت لنا حقيبة أغراض وفيها هاتفك ودفترك الأخضر الصغير، وفيه وصيتك التي أفرغت فيها كل ما في قلبك من حب وحنين ووصايا للأهل والأصدقاء والجيران؟
وهل ستقف كما كنت تفعل أمام علاّقة ثيابي؟
وتلبس “كلابيتي” وتبتسم، وأنت تنظر إليها، وقد وصلت إلى تحت ركبتك ثم تنظر إلي وتضحك، وكأنك تقول: صرت أطول منك يا أبي…!!
هل ستصل إلي أنفاسك المتسارعة كل صباح، وأنت تدعوني إلى مرافقتك لصلاة الفجر؟
أم أني سأرى بسمتك الحلوة وأنت تدخل الصالون وتنحني فوقي لتقبل يدي وتجلس إلى جانبي وتضحك وتقول:
“زكاتك حجي شبكة”.. وتذهب لترد بالجملة والمفرق على عشرات الرسائل التي تصلك كل وقت من صداقات كثيرة كونتها في سنوات عمرك القليلة..؟
وهل ستعود بعد العصر كعادتك لتطلب مني مرافقتك في زيارة والد أحد أصدقائك المرضى أو تنقل لي أخبار الفقراء؟..
وهل في ليالي رمضان القادمة ستمتنع عن الذهاب إلى المسجد في صلاة التراويح كما فعلت سابقاً لتذهب إلى زميل لك مقعد وتصلي معه في بيته لتكسبه ثواب الجماعة؟..
لن أكتب على صفحتك ولا كلمة، لتبقى كلمة متصل الآن باقية، ولن أستمع إلى ذاك الصوت البعيد الذي يرد على أمك الآن:
“والله يا خالتي أنا اشتريت هاد الخط اليوم”..!!
في رحمة الله

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني