لقاء استكهولم 2 صدق الحاجة والضرورة
موقع السفينة – 14 أبريل 2022
لا يصحّ نعت المناقشات التي جرت في لقاء استكهولم بأنها استهلاك للوقت وضحكٌ على اللحى ولعبً في الهوامش إطلاقاً، الكرد كانوا صادقين في مسعاهم والمعارضون الديمقراطيون أيضاً حتى ولو كان ذلك ضد رغبتهم ومشاعرهم لكنهم (الكرد والمعارضون) ملزمون أن يلجموا الرؤوس الحامية ويضبطوا الساعة على التوقيت السوري، ليست هناك فرصة لترف الخيارات في اختيار الشركاء. تم وصف الجهة السورية الراعية/الداعية باللاديمقراطية وطلب منها ان تكون واضحة في موقفها تجاه الطغمة الاسدية كما طلب منها ترتيب البيت الداخلي الكردي والانفتاح على الطرف العربي وضرورة مشاركته الفعلية في القرارات العسكرية والإدارية والسياسية في مناطق الإدارة الذاتية التي تخضع لسيطرتها كما تم وصف تجربتها في الحكم بأنها لا تصلح ان تكون قصة نجاح يمكن البناء عليه في الوضع السوري الراهن بالرغم من الوجود الأمريكي الداعم والحامي. ليست هناك سلطة ديمقراطية على الأرض السورية، فالديمقراطية ليست رغبة بل هو شكل ونظام حكم كما عبر عن ذلك أحد المشاركين، وحتى ولو كانت هناك رغبة في بناء نظام ديمقراطي فالشرط الموضوعي غير متوفر، إضافة إلى ذلك فإنها ليست أولوية في الوقت الراهن، بناء الدولة هي الأولوية القصوى، وبنائها يستلزم وحدة الأرض والاستقلال والسيادة، فالوضع القانوني والإداري والاقتصادي المتباعد بين السوريات الثلاث (سوريا النظام – سوريا الإسلاميين – سوريا شرق الفرات “الكرد”) تساهم في تباعدها وتجذر الانقسام الحاصل.
الاستماع الإيجابي والردود الهادئة من الطرف المعني (مسد) أضفى على اللقاء روحاً إيجابية، ففي حيثية ترتيب البيت الكردي أشارت إلهام أحمد إلى دعوة المجلس الوطني الكردي على أعلى مستوى في هذا اللقاء وفي اللقاء الماضي، وأن الباب سيظل مفتوحاً للقاء المقبل مع تقديم التسهيلات المطلوبة من طرفهم كافة، هذه الخلاصة هي ما يمكن البناء عليها. الأمر الملفت الأخر في لقاء استكهولم كان قول د.محمد حبش أن فكر ابن تيمية يمثل الإسلام ولكنه أضاف على ذلك أن النبي محمد لو كان موجوداً الأن لغيّر الكثير من الإسلام، مستشهداً بالآيات 21 المنسوخة في عهده. أخيراً استند أحد المشاركين على تعريف لاهاي للاحتلال بأنه وجود عسكري مشروط بالتدخل في كل السلطات. أمريكا وفق هذا التعريف ليست قوة احتلال على خلاف تركيا وإيران وروسيا. لنكن واضحين وصريحين في أمرين أساسيين، الأول: لو وجد الكرد الظروف والمعطيات كافية لإعلان دولتهم المستقلة في قرية صغيرة لما ترددوا في ذلك لحظة واحدة وهم يعلمون أكثر من غيرهم استحالة إعلان دولة كردية في محيط عربي متدين أولاً وفي جوارها دولتين اقليميتين كبيرتين (تركيا وإيران) اللتان على اقل تقدير تدخلان في معادلات الكبار هذا إن لم نقل أنهما دولتان لهما حسابات الكبار، وهما لن يترددا في محاربة أي كيان كردي ولوكان هذا الكيان على سطح القمر حسب تعبير بعضهم، إضافة إلى أن الكرد حاولوا وتجرعوا الخيبة في استفتاء إقليم كردستان العراق 2017 حيث خسروا معظم المناطق الكردستانية خارج سيطرة الإقليم، تلك المناطق التي كانوا قد استعادوها في حربهم ضد داعش، إذاً لنقل أن وحدة سوريا المنشودة ستحمي الكرد من تركيا ومن الإسلام السياسي المتطرف، وقد تساهم في استعادة مناطقهم التي احتلتها تركيا وأطلقت يد الجماعات الإسلامية المتطرفة فيها، هذه الوحدة مرهونة لحسن الحظ بألا تكون الدولة السورية الجديدة إسلامية متطرفة. الامر الثاني: لو وجد الديمقراطيون السوريون نموذجاً عربياً يسمح ولو بعشر ما تسمح الإدارة الذاتية من حريات شخصية وعامة لركضت حافية القدمين لتبحث بالفتيلة عن تجارب النجاح وعن المؤشرات التي تضخم مزايا التجربة على عكس ما تفعله هذه النخب الأن في بحثها الحثيث عن نقائص الإدارة وتضخميها ونزع الشرعية الشعبية وإلصاق تهم تبعيتها لإيران والنظام السوري. قد تحقق بعض الثورات انتصارات وتغيير مجرى التاريخ في بعض البلدان لكنها تترك البلاد حطاماً ويندر أن تجد ثواراً تركوا الخنادق ليردموها ويبنوا عليها جسوراً وعمراناً. الأوطان في قواميسهم بطولات وشواهد قبور.