fbpx

قصيدتان للشاعرة السورية سكينة حسن

0 83

عيناكِ قمرا ليلي

عيناك تسطّر حروفَ أوجاعي،

وبقايا أسطورةِ أحلامي.

بُتِرَتِ الأفراحُ بين جوانحي،

وأنا وحدي مع أشجاني.

يا صغيرتي.

قصّة الجِراحاتِ

مختصرةٌ في أنينٍ

ينوحُ على طقوسِ

الشّوقِ في أعماقي،

في احتضارٍ في ذاكرتي

يَلوكُ أشلاءَ أيامي.

يا نبضي،

يا صغيرتي.

تعالَيْ.

لنبحثَ في صوتِ الليل،

عن حروفٍ تَشْبَهُنا،

 عن مدينةٍ لا تَظلِمنا،

عن خيمةٍ مُهترئةٍ تأوينا،

وعن وطنٍ لا يقتلُ فينا الحياة.

بُنَيَّتي زفين،

يا زهرةَ شلير.

تعالَيْ.

نزينْ عناقيدَ الأملِ

في عيون الثائرين.

وأوصيكِ يا طفلتي،

إذا شِئتِ،

بأنْ تشنقي بضفيرتِك

كلَّ الأحزان،

وتَنحَتي في جبينِ

الصّخرةِ،

وفي خاصرةِ

القَدَرِ كلمةَ

“هَرِمْنا”.

مدائنُ العالمِ كلُّها

ربيعُها صقيعٌ.

تَمْتَمَتْ زهرتي، وأنا غارقةٌ

في وسائد اللّجوءِ،

وقالت:

أمّاه،

وُلِدتُ هنا وروحي

حُبْلى.

تَئِنُّ وجعاً في دروبِ

الحياة.

أنا صوتُ النّاي

الحزينِ،

أنا صرخةُ “رزان”

الثائرةِ من أجل

الحرّية،

أنا عطرُ ياسَمينِ

الشّام،

أنا غصنُ زيتونٍ

في عفرين،

أنا سنبلةُ قمحٍ

في ربوعِ الجزيرة.

وجدائلي

رياحينُ الفرات.

أنا همسةُ الصباحِ

على مشانقِ الفجر،

وسحابةُ حنينٍ فوقَ

جدارِ السَّراب.

أنا طفلةٌ،

وُلِدَتْ من رَحِم الألم!!.

***

الحُلمُ

خطفتُ من جِيْدِ السماء

قوسَ قُزَح،

ومن أنفِ القدَرِ حُلماً،

ومن المشرّدينَ على أرصفةِ

الضّياعِ بؤساً،

بل خطفتُ من الحاكم كفَني،

 وشاهدَ قبري،

ومن اللصَ كسرةَ خبزٍ

وقطرةَ ماء،

وخطفتُ من جبينِ الشّهيدِ

قبلةَ اعتذاري.

***

خطفتُ من الجن مارداً،

ومن كفِّ الشّريرِ حجرةً

حُبلى بالموت.

ومن جعبة الملائكةِ تراتيلَ

الأنقياءِ.

ومن أبناء آوى ضفيرةَ

طفلتي.

خطفتُ من جنحِ الظلامِ

قناديلَ دليلي

من كهفٍ، ومن جبٍّ،

ومن حُجرةِ الإعدامِ.

خطفتُ شهادةَ الزُّور

من جيبِ مهزومٍ،

ذليلٍ،

مخمورٍ.

وكسرتُ سهامَ الغدرِ التي

تَقَيَّحَتْ في ثنايا روحي.

خطفتُ من كفِّ الغول

حبلَ مشنقتي.

لَقِفْتُ من السجّانِ مفتاحَ

أغلالٍ كبّلتْ معصمي،

انتزعتُ صدفةً من كتفِ الأوغادِ النياشينَ،

لقِفتُ من ذئابِ البراري

فتوى نحري،

خطفتُ من الكنيسة صليباً،

ومن مأذنة الجامع هلالاً.

وأخرجتُ من قاعِ البحرِ

حذاءَ طفلٍ،

خطفتُ من مياهه

طرحةَ عروسٍ، وباقةَ وردٍ.

ونزعتُ من الأصنامِ خلاخيلَ الغجرِ،

أخذتُ من جيبِ مسؤولٍ

خارطةَ وطني لأقطّعَ

ستائرَ ذلٍّ ورّثْني

عقيدةَ أبي لهبٍ.

وعرفتُ من قابيلَ

وهابيلَ بقايا

تاريخ أمتي.

خطفتُ من الفجر

ركعةَ صلاةٍ،

وبسملةً على أرواحِ

الأحياءِ.

***

لقد سرقوا مني وطني،

هويتي، قضيتي،

وتاريخَ ميلادي،

حتى يئِستُ من وطني

الكائنِ في فوهةِ

بندقيةِ قاتلي.

وبعدَ هذا كلِّهِ أقول

بِملْءِ فمي:

عذراً يا وطني

فأنا بطلةُ، مقهورةُ، مهزومة.

***

ولكنْ، سلاماً إلى الأحرار،

والحرائر، في بلدي

الجريح،

الذي ما يزالُ

ينزف دماً

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني