قصيدة عن فارس غاب بعيداً
فارس مراد، وردة قضت نصف عمرها في المعتقل، من أجل وطن الحرية والعدالة، اعتقل فارس مراد عام 1975 باسم المنظمة الشيوعية العربية وبقي رهين سجن تدمر اللعين لغاية 2004 حيث رأى الشمس والوطن أعوام قليلة وتوفي عام 2009.
فارس يغادر حالماً
لماذا هكذا تختار الكبير البعيد
ولادتك كانت عسيرة مثل آلهة الاغريق
والرهان الذي اخترته
طريقاً من الحلم… وأيّ طريق
لم تتزود للرحلة بغير الحلم والحب
تسيّج نفسك بهذي البلاد
وتدخل التيه على فرح
كطفل يطارد الفراشات بهذي السهول
ويرسم فضاء هذي المدن دون حدود
كنت تحب المدن
دمشق تغويك بشرفاتها
عيون صباياها
والياسمين البريء
أوغلت في الظن يا صاحبي
ترصدتك العقارب والأفاعي
وكنت تظن أن حب البلاد تميمة
وحرزاً تشهره بوجوههم
وتمضي للحلم الذي حملت
آه يا أولياء المدن
آه من المدن… من البلاد
أوقعها الغي
غوت
راودت على نفسها
باعتك أنت والأصدقاء
أية مدن يقدمها أهلوها
مومساً للبغاء
ويطلب منها الصمت مضاجعة الحاكمين
وأنت تلهج تحت السياط باسمها
وآليت ألا تنحني للوالغين
نصف من العمر أنفقته على حلم
ونصف بذاك الجحيم
وها أنت تزف دون عروس
وها نحن نقبل بعض على لهفة
وننتظر بعض المواعيد القادمات
نتفحص أجسامنا التي تدب
من سيكون
من سيزف الآخر
أي الورود يحب
هل أُديت كل الأمانات
ماذا تقول الوصايا
سيأتي الشباب
وننفجر بالضحك
ستأتي المدن
ونثمل ثانية… نشد على الأيدي
نحب الياسمين
نحب هذي البلاد كما أحببتها
فارس يشق الصبح
بالصبح
ومراد يكاتف القمم
ولا ينحني
إنها اللعنات التي تصيب البلاد
آه يا صديقي
لم تمهلك عيون الصبايا
وأردتك ضفائرهن الطائرات
كنت تغمض الجفن وتغفو
كي تجيء البلاد عروساً من الحب
يزفّها الأصدقاء
ها نحن نزفك دون عرس إليها
نُودعك الأرض كما أمّنتنا
نعانق بعض على خجل
بعض الأمانات لم تصل
وبعض الطريق يضل الطريق
وآخر يحاول فك الرموز
وكل يتهجى هذي البلاد
لنعرف سر الجمال وسر الربيع