fbpx

قراءة نقدية في قصيدة (اختيارات منتشية) للشاعرة المغربية فاطمة العبدي

0 357

الشاعرة فاطمة العبدي

من مواليد مدينة وازن بتاريخ 7 ماي 1966
نشأت واكملت دراستها الثانوية بمدينة الخميسات بعد ذلك التحقت بجامعة طاراس تشيفشينكو بكييف عاصمة اوكرانيا حيث حصلت على الماجستير في العلاقات الدولية حالياً متصرفة، الكاتبة العامة لجمعية تنمية الصداقة المغربية الروسية

قراءة نقدية في قصيدة (اختيارات منتشية) للشاعرة المغربية فاطمة العبدي 

لعبت المرأة العربية دوراً مميزاً في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية عبر العصور، وكان للشعر العربي نصيب وافر من إبداعات المرأة الأم والمرأة الحبيبة والعاشقة والإنسانة المدافعة عن حقوقها المسلوبة أيام القهر والاستلاب، إذ أبانت على قدرتها على نظم الشعر وتفوقها في فنونه المختلفة، من مدح وغزل وهجاء وحكمة وحنين إلى الأوطان، كما تميزت بقدرتها على نقد الشعر وتمييز جيده عن رديئه، ونجد مجموعة من النماذج النسائية اللواتي أثرين الخزانة العربية بمجموعة من الدواوين والأشعار المميزة التي بقيت شاهدة على حضور المرأة ووجودها القوي في الساحة الشعرية خاصة والأدبية عامة. وتبقى الشاعرة المغربية فاطمة العبدي نموذجاً لشاعرة زاوجت بين النموذج العربي لانتمائها لوطن عربي المغرب ونموذج غربي لدراستها بالديار السوفياتية لتعطينا إبداعاً من نوع خاص تارة ينطق أنوثة في رقة وليونة وتارة ينفجر ثورة ورفضاً.

نقدم نموذجاً من قصائدها العديدة وهي قصيدة (اختيارات منتشية).

اختاري أن تكوني قطرة ماء

تسافر في وجه عاشق مرحاً

ترقص في فراغات الضوء

تنام فقط عندما ينتشي القلب

اختاري أن لا يعلو وجهك الحزن

يبكي فرحاً، لشمس بعيداً تسطع

اختاري أن تكوني حروفاً مخملية

في قصص أسطورية عن اللهفة

حرف في كلمات قدت من النبض

في حكايات العشق وثورات العقل

اختاري أن تكوني الغسق في الليل

ترسمي السماء بألوان الأرض كلها 

ولك لون القلب ترسمي به شفتيك

اختاري أن تتح لي إلى ريش حمام

يحط بين قلبين ينتميان للانتماء

لا خطوط لا منعرجات فقط مدى مفتوح

اختاري أن تروي ظمأ العطشى بين الماء

فالماء تحول إلى أمواج من الرمل

 تتموج كثبانه بين قلوب صماء

عيونها كالحجر بلا كلام تحملق في السماء

اختاري أن لا تكوني ما يريده تاريخ المسخ.

فعنوان القصيدة (اختيارات منتشية) يحيلنا إلى فكر حر يعطي المجال للاختيار دون قيد أو شرط، إذ جاءت كلمة اختيارات وهي جمع مؤنث سالم لتعبر عن تطلع أنثى إلى اختيارات متنوعة، والاختيار هو انتقاء بين خيارات ليستقر العزم أحدها، وهذه الاختيارات ليست لأي كان بل هي صادرة عن منتشية والمنتشية من الانتشاء وهي اسم فاعل جاءت لتبين نوع هذه الاختيارات التي ستكون بالتأكيد قمة في الصلاح مادامت من تقوم بها في أعلى حالاتها النفسية.

وقد بدأت الشاعرة فاطمة العبدي قصيدتها بفعل أمر اختاري والذي يوضح مدى التصالح مع الذات إذ الشاعرة تترك لنفسها مجال الاختيار بأن تكون قطرة ماء الذي هو رمز الحياة وسر وجودها تسافر في وجه عاشق مرحاً، أو ترقص في فراغات الضوء لتنام بانتشاء القلب، وكل هذا يحيلنا على ما تتمتع به روح الشاعرة من تفاؤل وحب للحياة حيث لا مجال للحزن في مدارها حيث تسطع الشمس بعيداً، وخيار آخر في أن تكون حروفاً مخملية في قصص أسطورية حول اللهفة والعشق وثورات العقل، أو تكون غسقاً في الليل وبسمة بلون القلب، وتحملنا الشاعرة فاطمة العبدي من خلال قصيدتها إلى عالم لا حدود فيه ولا خطوط ولا منعرجات، عالم كله حب وسلام لتعود بنا في آخر القصيدة إلى واقع تتحجر فيه القلوب والعيون ويعم الصمت ليصير التاريخ مسخاً ترفض شاعرتنا أن تخضع لأحداثه.

فالشاعرة “فاطمة العبدي” من خلال كتاباتها تجدها كطفلة مشاغبة تتمرد على كل السلطات والقوانين وتعبث بكل الأوراق وتركض خلف الأحلام، حيث تكتب بأسلوب ساخر أحياناً ومتمرد أخرى لتجعل من قلمها فسحة ينتظرها متابعيها بشغف وحب.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني