fbpx

قراءة في تغريدات أنس العبدة الجديدة

0 370

لم تأت تغريدات رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة، التي نشرها على صفحته في تويتر، حيال العلاقة الروسية الإيرانية في سوريا، من فراغٍ، بل أتت من رؤية التعاون والتنسيق المستمرين بين روسيا وإيران للسيطرة على سوريا، ومنع أي تغيير محتملٍ من نظام الاستبداد، الذي يكفلانه، إلى نظام مؤسسات الدولة الديمقراطية.

يقول العبدة في تغريدة له: “بعد أن أمضت طهران قرابة تسع سنوات من إنشاء وتدريب ميليشيات عديدة في سوريا، تخدم مصالحها التخريبية والطائفية، ها هي اليوم تبدأ ترتيب حصتها ونفوذها في مؤسسة النظام العسكرية، وبموافقة من روسيا والنظام، وعلى حساب السوريين ودمائهم”.

حديث العبدة هذا، يحيلنا إلى موضوعة هامة، وهي تتعلق بمدى التناقض المحتمل، والصراع المتوقع، بين الوجودين الإيراني والروسي في سوريا، وبيان مدى التنسيق الميداني أو الاستراتيجي بينهما.

إن طهران مثل موسكو من حيث التخطيط والتنفيذ، للسيطرة على مفاصل الدولة السورية، التي يشكّل الأسد قناعاً شكلياً لها، في وقتٍ، تدير العاصمتان نفوذاً عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، يجعل من احتمال سيطرة السوريين على مؤسساتهم الوطنية ضعيفاً.

يضيف العبدة في تغريدة تالية، فيشرح ما يحدث في مناطق النظام، من قبل إيران، فيقول: “إيران بدأت خلال الشهر الماضي إرسال مئات العناصر من ميليشياتها في سوريا، إلى ريف دمشق، من أجل تسجيلهم رسمياً على أنهم عناصر في جيش النظام، ثم تعيدهم إلى ثكناتهم، ليخدموا الأجندة الإيرانية من جديد، لذلك من ظن أن روسيا تريد تقويض وجود طهران في سوريا هو واهم، وبحاجة إلى النظر في المشهد السوري من جديد”.

لجوء إيران إلى تسجيل عناصر ميليشياتها في صفوف الجيش السوري بريف دمشق، يكشف عن مخططاتها الهادفة إلى توسيع نفوذها داخل مؤسسة جيش النظام، وهو ما يعني إعادة برمجة هذا الوجود مع احتمال تغيراتٍ، قد تحدث في مشهد الصراع باتجاه الحل السياسي.

إن الروس يتابعون عن كثبٍ ما يفعله الإيرانيون بشأن تعميق نفوذهم في سوريا، ولا يبدون أي انزعاج واضحٍ من هذا الأمر، بل هم يتكاملون مع الإيرانيين في عملية السيطرة وتعميقها في سوريا، منعاً لأي احتمال بتهديد مصالحهم في هذا البلد، مع تغيرات متوقعة تتعلق بالحل السياسي في سوريا.

هذه الرؤية دفعت رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة للقول في تغريدة تالية: “ما تفعله موسكو وطهران هو عملية تفكيك وتركيب للمؤسسات السورية، بالطريقة التي تحفظ مصالحهما، وتقتل كل أملٍ للسوري بالحرية والديمقراطية، وكلّ ذلك يتمّ بمساعدة مجرم الكيماوي، الذي لم يكتف بسفك دم السوريين، بل يبيع مستقبلهم أيضاً، مقابل بقائه على كرسي باعه بيديه”.

إن تسليط الضوء على العلاقة الروسية الإيرانية في سوريا، يساعد في فهم، أن هناك تكاملاً في دوري طهران وموسكو في هذه البلاد، من أجل الاحتفاظ بمصالحهما، ليس على المستوى القريب، بل أيضاً لأهداف استراتيجية، وهذا التكامل، ينبغي أن تردّ عليه قوى الثورة والمعارضة، من خلال إعادة إنتاج رؤيتها لهذه الحقائق الخطيرة.

إعادة إنتاج الرؤية لابدّ أن تكون أمامها فرصة وضع رؤية استراتيجية تتعلق بطرد قوات هاتين الدولتين المحتلتين، والعمل على تفريغ سوريا، من أي نفوذ حقيقي لهما، على المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية.

فهل تذهب قوى الثورة والمعارضة إلى التفكير جدياً بإنتاج قدرات ذاتية لمقاومة مشاريع المحتلين الروسي والإيراني، أم ستبقى المسألة قيد ما تجود به القوى الإقليمية والدولية من حلٍ سياسي، يبدو أنه لا يزال بعيد المنال وفق القرارات الدولية؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني