fbpx

في المؤتمر الثامن لمجلس هيئة التنسيق المركزي

0 99

في ظروف أمنية ضاغطة، وهواجس الانقسامات المتتالية، تنعقد في دمشق دورة المجلس المركزي الثامنة لهيئة التنسيق الوطنية بعد سنوات من التأخير،[1] وقد تخلل ساعات المؤتمر حوارات ساخنة بين، المستقلين[2] والأحزاب[3]، تناولت قضايا خلافية تنظيمية، لم تنجح في منع خروج أغلب المستقلين من عضوية مكتبه التنفيذي[4]؛ وكان أبرز نتائجه انتخاب مكتب تنفيذي جديد، برئاسة السيّد عزت محيسن،[5] ولجنة رقابة، عقدت لاحقا أوّل اجتماع لها في14/9/2022، ونتخب الأستاذ طلال الحايك رئيساً، إضافة إلى إقرار الوثائق السياسية التي أكّدت الالتزام بثوابت هيئة التنسيق السياسية.

دون الخوض في تفاصيل الخلاف بين المتحزّبين والمستقلين، اعتقد أنّه من مصلحة وحدة جهود قوى النضال الوطني الديمقراطي الإشارة إلى بعض السلبيات التي تكشّفت في نشاط المؤتمر، للوقوف عندها، قبل أن تتحوّل إلى قنابل موقوتة، قد يُحدث انفجارها المزيد من التشظّي في صفوف القوى الديمقراطية.

في تقديري، يأتي في المقدّمة ما بدا من تجاهل لأهمية العمل المؤسساتي الشفاف القائم على مبادئ الديمقراطية وروح الأخوة النضالية سواء بين الحزبيين أنفسهم، او تلك العلاقات التي تجمعهم مع بقية اعضاء المكتب التنفيذي من ممثلي المستقلين، وهنا يطفو على السطح ما يجابه به المستقلين من مقاومة من بعض القيادات الحزبية التي تريد من هيئة التنسيق ان تكون ثوبا على قياسها وقياس طموحاتها الشخصية.

هذه الإشكالية في نهج العمل السياسي الحزبي لا تخفي الأهداف الحقيقية من سعي بعض المستقلين للحصول على أكبر عدد من المقاعد في المكتب التنفيذي – تحت يافطة الحرص على تجاوز الاخطاء، او تطوير آليات العمل، والارتقاء بأداء الهيئة – من أجل تعزيز نفوذ قوى خارجية، تعمل جاهدة، وبجميع الوسائل، للتحكّم بتوجّهات وسياسيات قوى المعارضة، بما يصبّ في خدمة أجنداتها الخاصّة.

في الأسباب الجوهرية، غير المباشرة، ثمّة ما يشيّر إلى عامل الوصي[6]، الذي تمارس دوره قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي وزعيمه التاريخي الأستاذ حسن عبدالعظيم، تحت مبررات عديدة، خاصّة الحالة الأمنيّة الضاغطة التي تعيشها كوادر الهيئة وأحزابها في دمشق. الاستثمار في هذه الذريعة لم يقتصر على المستوى السياسي والإعلامي، بل وصل إلى آليات التعطيل والتحكّم التنظيمية في حياة مؤسسات الهيئة المركزية والتنفيذية.

المشكلة الأبرز في هذا النهج هو أن تتحوّل التزكية إلى قانون، والانتخاب إلى حالة استثنائية عندما تفشل التوافقات في الوصول إلى تزكية.
جاء في إحدى وثائق المجلس المركزي، عن رئيس المجلس: حيث أن النظام الداخلي ينص على انتخاب سبعة أعضاء من المجلس المركزي لعضوية لجنة الرقابة وحيث أنه لم يتقدم سوى سبعة أعضاء، فإنني أعلن فوز الزملاء الواردة أسماؤهم أعلاه بالتزكية.


[1]– عُقد المؤتمر الوطني التأسيسي لهيئة التنسيق في حلبون بتاريخ 17/9/2011، وانتخب في اليوم التالي أوّل مجلس مركزي في ظروف حراك شعبي واسع. تشكّل المجلس من قوى التجمع الوطني الديمقراطي وتيار المستقلين في لجان إحياء المجتمع المدني، بالإضافة إلى أحزاب في الحركة الوطنية الكردية، وبعض ممثلي المكونات القومية الأخرى.

المجلس المركزي، انعقد2017.

عن الأسباب المُعلنة لتأخّر انعقاد الدورة الثامنة الحالية للمجلس المركزي منذ 2018، يقول الأستاذ حسن عبدالعظيم في مقابلة مع ليفنت:

بسبب انسداد آفاق الحلّ السياسي وتوقّف العملية السياسية التفاوضية في مؤتمر جنيف 3 بعد تهرّب الوفد الحكومي من حضور الجولة التفاوضية المباشرة وغير المباشرة.

[2]– عارف دليلة – طارق أبو الحسن – محمد حجازي – مروان قواس – علي الخطيب – عمر مسالمة – سيف حجازي – ناجي جبارة – صفوان مدخنة.

من الجدير بالذكر قيام علي الخطيب بالانسحاب من تجمّع “مستقلون”، حرصاً على البقاء في الهيئة المركزية، وقد مثّل المستقلين، مع مروان قواس، في المكتب التنفيذي الجديد.

[3]– تضم هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي تسعة مكونات:

  • حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي.
  • حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي.
  • تيار سبت.
  • تيار المستقلين في هيئة التنسيق.
  • الجمعية الأهلية لمناهضة الصهيونية ونصرة فلسطين.
  • حركة الاشتراكيين العرب.
  • الحزب الديمقراطي الاجتماعي.
  • الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي.
  • حزب العمل الشيوعي.

[4]– في بيان إلى المؤتمر من تجمّع “مستقلون”، أعلن الموقعون عن عزمهم – احتجاج على مجريات الأمور التي حصلت بالتحضير للمجلس المركزي الثامن ومخالفتها الصريحة للنظام الداخلي- على عدم الترشح أو المشاركة بانتخابات المكتب التنفيذي، وعن اعتذارهم عن المشاركة بأية نشاطات للمكتب التنفيذي القادم، وتأكيدهم على الاستمرار في العمل الدؤوب ضمن هيئة التنسيق الوطنية بغاية إصلاح الهيئة ومأسستها على قاعدة المساواة بالعضوية في الحقوق والواجبات والالتزام بالنظام الداخلي.

[5]– جاء في بيان الأستاذ عزت محيسن، رئيس المجلس المركزي الثامن لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي:

بعد انتهاء أعمال انتخابات المستقلين يوم السبت 10/9 لعضوية المكتب التنفيذي وباستكمال الأحزاب لتسمية ممثليها فإنني أعلن تشكيل المكتب التنفيذي مع حفظ الألقاب على النحو التالي:

حسن عبد العظيم منسق عام، صفوان عكاش أمين سر هيئة التفاوض السورية المعارضة، إياد التقي، هند بوظو، يحيى عزيز، فاتن العطار، منذر إسبر، مصطفى المعلم، علي الخطيب، محمود جديد، محمد فاضل فطوم، أحمد العسراوي، محمد زكي هويدي، حسين نورالدين، علي صايغ، عمر الخطيب، هاشم حسون، عبد القهار سعود، بسام سفر، إدوار حشوة، أنور اليوسف، محمد سيد رصاص، نشأت طعيمة.

[6]– التحق المحامي حسن عبد العظيم، المولود عام 1932 في حلبون بمنطقة التل، بحركة الوحدويين الاشتراكيين، قبل قيام الاتحاد الاشتراكي العربي، 1964، لينضمّ إليه لاحقاً، وليصبح في ظل قيادة الراحل جمال الأتاسي، نائباً للأمين العام خلال المؤتمر السابع للاتّحاد، 1985. انتُخب أميناً عاماً مساعداً في العام 2000، وتم انتخابه لموقع الأمين العام بعد رحيل جمال الأتاسي، وشغل موقع الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي، وساهم بتأسيس هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغير الديمقراطي في سوريا، مع الراحل حسين العودات، والمعتقلين عبد العزيز الخيّر، ورجاء الناصر، وشغل موقع المنسّق العام للهيئة منذ العام 2011 وحتى اليوم.

ظروف وأسباب مختلفة قد تكون ساعدت الأستاذ حسن عبدالعظيم بالوصول إلى حالة الأخ الأكبر، كفشل جهود توحيد شركاء الهيئة في قوى المعارضة الخارجية ؛ وما نتج عنها انسحاب شخصيات بارزة، منافسة، كان لها دور رئيسي في إعلان وثيقة التأسيس، في حزيران 2011؛ برهان غليون وميشيل كيلو وحسين العودات، هيثم منّاع، وحازم نهار، إضافة إلى ما أصاب الهيئات القيادية من نزيف مستمر، وتغييب طبيعي أو قسري لأبرز شخصيات الهيئة، عبد العزيز الخيّر، ورفاقه، رجاء الناصر وإياس عياش وفائق المير؛ علاوة بالطبع، على فشل جهود الحل السياسي، وما واجهته القوى الديمقراطية من تحدّيات في ظل تتابع مراحل الخيار العسكري منذ 2011.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني