fbpx

غلال الجزيرة الزراعية وشبح الحرائق والأسعار

0 348

سلة سوريا الغذائية، ومعقل إنتاج القمح والشعير بدأت بموسم الحصاد للمحاصيل الزراعية للموسم الحالي وسط خوف وقلق كبيرين. فصور الحرائق العام الفائت لا تزال ماثلة أمام الأنظار وكوابيسه تقض مضاجع الفلاحين. ففي الوقت الذي استعد الفلاحون لجني محاصيلهم سبقتهم إليها ألسنة اللهب وحصدت ما يقارب 60% من المحاصيل أما الفلاحون فلم يجنوا سوى الرماد والحسرات. 

وبحسب لجنة الاقتصاد في إقليم الجزيرة فقد بلغت مساحة الأراضي التي التهمتها النيران ما يقارب 2141255 دونماً في منطقة القامشلي ريف القحطانية وبلغت 128757 دونماً في الحسكة وريفها وتشمل محاصيل القمح والشعير والعدس والكمون والكزبرة كما احترق ما يقارب 24182 شجرة كانت مزروعة قرب وفي محيط المناطق المحترقة. ولم تقتصر الأضرار على المحاصيل بل حصدت أرواح أحد عشر شخصاً ماتوا. منهم من مات متأثراً بحروقه ومنهم من مات كمداً. وسط تبادل التهم بين جميع الأطراف حول المتسبب بهذه الحرائق. ورغم المطالبات والنداءات الكثيرة لم يتم تعويض خسائر الفلاحين بأكثر من ثمن البذار من قبل الإدارة الذاتية. 

لكن رغم كل هذا باشر الفلاحون استهلال الموسم الزراعي بالأمل وبدؤوا بفلاحة أراضيهم وزراعتها مع بدء أمطار الخير. 

المساحات المزروعة:

بحسب مديرية زراعة الحسكة فقد بلغت مساحة الاراضي المزروعة لهذا العام للقمح ما يقارب 120500 هكتاراً للزراعة المروية، كما بلغت مساحة الزراعة البعلية ما يقارب 341 هكتاراً. أما فيما يخص محصول الشعير فمساحة الأراضي المروية بلغت ما يقارب 19200 هكتاراً والأراضي البعلية بلغت حوالي 433900 هكتاراً. وبالنسبة لمحصول العدس البعلي فبلغت المساحة المزروعة ما يقارب 32 ألف هكتاراً والبعلية 2100 هكتاراً. كما كانت مديرية زراعة الحسكة قد حددت المساحات المخصصة لزراعة أنواع المحاصيل الطبية والعطرية (حبة البركة، كمون، كزبرة) للموسم الحالي ما يقارب 6849 هكتاراً. تتركز في منطقة الاستقرار الزراعي الأولى والثانية منها 5505 هكتاراً للزراعة البعلية 1344 هكتاراً للزراعة المروية.

الحرائق تشارك في الحصاد:

ما إن بدأت عمليات الحصاد حتى بدأت معها الحرائق التي تلتهم المحاصيل الزراعية في مناطق عدة. عن الحرائق التي نشبت في الحقول أكد (عمر علي مزارع من ريف تل تمر) لـ نينار برس عبر اتصال هاتفي: “بدأت الحرائق التي لم تعرف أسبابها في قرى رأس العين وتل تمر في محافظة الحسكة والتهمت مساحات واسعة من حقول القمح والشعير في قرى ( المحمودية، المناخ) ما أدى إلى خسائر مادية كبيرة، وإتلاف المحصول كاملاً. كما شبت حرائق مماثلة في قرى (المالحة، التويمة، السكرية) بريف رأس العين الشرقي وتسببت بأضرار كبيرة في محصولي القمح والشعير. وأضاف علي: “كما وردتنا أخبار الحرائق في قرى (الأهراس والمناجير، العامرية، تل عطاش، عرات، أبو بكر) بريف رأس العين”.
وبحسب مديرية زراعة الحسكة بلغ إجمالي المساحات المتضررة جراء الحرائق للموسم الحالي حتى الآن ما يقارب 1850 هكتاراً من الأراضي المزروعة بمحصولي القمح والشعير.
كما التهمت النيران ما يقارب /270/ دونماً من محصولي القمح والشعير في قرية الظاهرية بريف القامشلي و350 دونماً في قريتي (رشو بريف تل براك، صفيا على طريق تل براك) إضافة لحرائق عدة في قرى (الميلبية، المجرجع، برزان، قرية سيد علي) وتقدر بنحو 1000 دونم مزروعة بالشعير إضافة لحرائق عدة في مناطق ريف الحسكة والشدادي.
وتابع علي: “أما بالنسبة لطواقم وسيارات الإطفاء فقد تم نشر أرقامها على وسائل التواصل الاجتماعي في حال نشوب الحرائق ولكنها غير كافية ولا تستطيع تغطية المناطق الزراعية في المحافظة”.

الإنتاج المتوقع للحبوب في الموسم الحالي:

بدأت أمطار الخير واستمرت طول فترة الشتاء والربيع مما بشر بموسم وفير يترقبه الفلاحون ويخفف من تكاليف الزراعة المروية، لكن انتشار مرض الصدأ لكثرة الأمطار في بعض المناطق وخاصة على طول الخط الواصل من الدرباسية مروراً بعامودا والقامشلي والقحطانية وصولاً إلى المالكية وهو ما يعرف بخط العشرة في المنطقة قد يكون سبباً في ضعف الإنتاج. بالإضافة لظهور حشرة السونة على سنابل القمح في منطقة الجوادية وريفها وللتعرف أكثر حول هذا الموضوع وكميات الإنتاج المتوقعة كان لـ نينار برس استطلاع لآراء مزارعين من عدة مناطق.
(عز الدين حسين) من ريف القحطانية صرح:
“حقولنا لم تصب بأي مرض لكن رغم ذلك فالإنتاج المتوقع ليس بمستوى الأمطار التي هطلت”.
وأضاف حسين: “من المتوقع أن يترواح إنتاج القمح البعل بين( 10-15) للهكتار والقمح المروي بين(20-25) للهكتار. أما الشعير المروي بين (15-20) والبعلي بين (20-25) أما محصول العدس فيتوقع الإنتاج بين (25-35) للهكتار”.
أما في ريف الدرباسية وتل تمر ورأس العين وريفها فقد صرح (كاوا حمو مزارع) من المنطقة: “يتوقع إنتاج الشعير بين (15-20) للهكتار وما يقارب (25-35) للهكتار من القمح المروي وبين (20-25) للقمح البعلي وقد تأثر الإنتاج نتيجة كثرة الأمطار ومرض الصدأ الذي أصاب حقول هذه المناطق”.
وأضاف حمو: “إنتاج العدس والكزبرة جيد بشكل عام أما الكمون فقد بقيت مساحات كبيرة منه دون إنتاج بسبب عمق الفلاحة من جهة والأمراض الفطرية التي أصابت نبتته من جهة أخرى. ويتوقع الإنتاج ما بين(20-25) كغ للدونم الواحد”.
(عمر أحمد خبير زراعي): ” يتوقع إجمالي إنتاج القمح للمنطقة بحدود 600 ألف طن مع العلم أن الحكومة تتوقع أن يكون الإنتاج هذا العام للقمح بحدود 800 ألف طن ولكن أعتقد أن الحكومة متفائلة جداً”.
كما أشار إلى أن: ” المناطق الواقعة جنوب الحسكة لم يصل فيها إنتاج الشعير البعلي التي بدأت عمليات الحصاد فيها بين (7-10) اكياس للهكتار الواحد”.

تكاليف الزراعة:

لا يخفى على أحد أن للإنتاج الزراعي سواء كان مروياً أو بعلياً تكاليف كثيرة وإن كانت الزراعة مروية فتكون لها تكاليف إضافية وبشكل عام فهذه التكاليف تثقل كاهل الفلاحين وتزيد من مشكلة قلة الإنتاج وأسعاره.
في توضيح هذه النقطة يتابع ( كاوا حمو) حديثه: “أما بالنسبة لتكاليف الإنتاج فزيادتها أرهقت الفلاحين مع الانهيار المستمر للعملة السورية مقابل العملات الاجنبية”.
وهو يقدر نسبة تكلفة زراعة الدونم الواحد بين الفلاحة والبذار والأسمدة والأدوية ما يقارب /25/ ألف ليرة سورية هذا للمحصول البعلي يضاف إليها نفقات الري في المحاصيل المروية”
ومن جانبه صرح (سعيد عبدالرحمن – مزارع)
“كلفة الفلاحة مع الأسمدة تجاوزت 1000 ليرة سورية للدونم الواحد إضافة للبذار والأدوية والأكياس والحصاد والنقل والشحن”
ويضيف عبدالرحمن: “يتم حساب تكلفة الحصاد كالتالي /3000/ ليرة سورية للدونم الواحد لحصاد الشعير وتحصل الحصادة 13 كيس شعير عن كل 100 كيس.
أما بالنسبة للقمح فتفرض 3500 ل.س للدونم الواحد و10 أكياس من القمح عن كل 100كيس وهي نسبة غير ثابته تختلف من منطقة لأخرى حيث لا يتقيد أي منهم بأي تسعيرة تضعها الحكومة أو الإدارة الذاتية”
وبالنسبة لسعر الأكياس فقد أوضح عبد الرحمن: “تم تحديد سعر الكيس الخيش الجديد ب2000 ل.س وسعر الكيس القديم 1000 ل.س على أن يتم استرجاع ثمن الأكياس مع الفاتورة بعد التسويق وسعر كيس النايلون 21 سنت وتعادل 380 ل.س وهو في ارتفاع مع ازدياد سعر صرف الدولار يومياً.”
وفي نفس الموضوع أكد (عمر أحمد – خبير زراعي): “تم تسعير أكياس الخيش بين /1000و2000/ ل.س بحسب جدتها. كما تمت الموافقة على السماح ببيع الأكياس للمزارعين وفق المساحة المزروعة بالقمح فقط بما يعادل 3 أكياس للدونم الواحد من القمح المروي و3 أكياس لكل دونمين من القمح البعلي وأفضلية البيع هي لأهالي منطقة الشدادي وريفها ومناطق الجنوب ومركدا لأنها المناطق التي يبدأ فيها الحصاد باكراً على أن يتم البيع تباعاً للمناطق الباقية.”
وعند السؤال عن سبب ارتفاع تكاليف الحصاد ونسبتها وضح (علي ياسر – صاحب حصادة)
نحن أيضا محكومون بالأسعار المرتفعة لكل المواد والتكاليف”
ويقول: “على سبيل المثال منذ يومين اشتريت قشاط للحصادة كان سعره 50 ألف ل.س العام الماضي أما اليوم فسعره 225 ألف ل.س. وسعر البيليا كان ثلاثة آلاف ل.س واليوم عشرة آلاف ل.س وهو في تزايد”.
ويتابع ياسر: “كان سعر الشفرة الواحدة لحصادة العدس 500 ل.س والآن هي 3000 ل.س، سعر الزيت 2000 ل.س واليوم 5000 ل.س وأكثر. سطل الشحم 7000 ل.س والآن 15000 ل.س. كانت أجرة السائق العام الماضي 500 ألف ل.س، وهو العام يتقاضى ما لا يقل عن 800 ألف ل.س أجرة معلم الحصادة كانت 900000 ل.س والعام بحدود 1500000 ل.س إضافة للمحروقات والأعطال وأعمال الصيانة وغيرها من المصاريف، لذلك فنحن أيضاً مضطرون لرفع أجرة الحصاد على الفلاحين.”

أسعار المحاصيل الزراعية وتسويقها:

تم تحديد أسعار المحاصيل الزراعية للموسم الحالي من قبل الحكومة والإدارة الذاتية.
فقد تم تحديد سعر القمح /225/ ل.س من قبل حكومة النظام.
كما تم إقرار السعر نفسه من قبل الإدارة الذاتية للكيلو غرام الواحد وذلك بحسب درجات جودة المحصول وأعلنت الادارة الذاتية في وقت لاحق أنها بصدد دراسة إمكانية تعديل سعر شراء القمح ليتناسب مع الوضع الاقتصادي.
أما بالنسبة لسعر الشعير فتم تحديده بموجب القرار رقم 47 في 17/5/2020 والذي يقضي بالسماح للتجار بشراء محصول الشعير بسعر 150 ل.س للكيلو غرام الواحد والسماح لهم بتصديره خارج حدود الإدارة الذاتية وذلك بحسب جودة المحصول ودرجاته.
أما بالنسبة لتسويق الإنتاج فقد أعلنت الادارة الذاتية عن عدم نيتها شراء محصول الشعير هذا العام وتركت الحرية للتجار في عمليات الشراء والتسويق وسجلت المناطق الجنوبية التي تم الحصاد فيها عن البيع بسعر يتراوح بين (70-80) ل.س للكيلو غرام الواحد من الشعير.
كما بدأت المراكز الحكومية بتسويق إنتاج العام الماضي والذي يقدر بنحو 4720 طن من القمح ليتم البدء بتسويق الموسم الحالي بداية الشهر.
(المهندس أحمد علي) اسم مستعار موظف في مديرية الزراعة صرح لـ نينار برس:
“تم تجهيز أربع مراكز حكومية لاستقبال محصول القمح لهذا العام وهي:
مركز الثروة الحيوانية.
مركز مطحنة القامشلي على طريق قناة السويس.
مركز جرمز.
مركز الطواريج على طريق تل حميس والذي يتوقع أن يستقبل ما يقارب /50/ ألف طن للقرى في تلك المنطقة.
وتوقع أن تشتري المراكز الحكومية بحدود 200 ألف طن. أما الباقي فتشتريه الإدارة الذاتية”.
وعن السؤال عن حقوق الفلاحين ومدى تناسبها مع التكاليف والإنتاج في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة. أضاف: “إذا قمنا بحساب تكاليف الزراعة من فلاحة وبذار وسماد وأدوية وحصاد وأكياس وتكاليف النقل والشحن في ظل تدهور سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الاجنبية فلا بد ألا يقل سعر الكيلو غرام الواحد من الشعير عن 250 ل.س وسعر القمح عن 250 ل.س على أقل تقدير”
كما نوه أنه: “تم تغير مقاييس تحديد الجودة حيث كانت نسبة الأجرام المسموح بها سابقاً 15% تم تعديلها إلى 6%. كما تم تعديل نسبة الأجرام والشوائب من كسور وشعير وعدس من 20% سابقاً إلى 15%.
وتعديل فتحة جهاز الغربلة لتقييم العينة من 1٫62 إلى 1,72. وكل هذه الإجراءات ليست لصالح الفلاحين حيث يتطلب جودة ونظافة عاليتين لعينة الفحص والتقييم لذا أعتقد أن الفلاحين سيتوجهون إلى مراكز الإدارة الذاتية لبيع محاصيلهم”.
الموسم الزراعي بدأ وبدأت معه الحرائق وتدهور الليرة السورية وكل هذا يرمي بظلاله على الفلاح ويثقل كاهله. ومن المعروف أن معظمهم يعتمدون على واردات الزراعة في معيشتهم لذا فإن بقيت هذه الحال دون اتخاذ إجراءات تحقق لهم نسبة مناسبة من الربح في الموسم الزراعي سيدير معظمهم ظهورهم لأراضيهم الزراعية لتتحوّل المنطقة من أرض الخير والعطاء إلى أراض بور ومهجورة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني