عمالة الأطفال شمال شرق سوريا.. الأسباب والآثار
عبارات خطتها يد الطفولة على جدران أحد المدارس أقصى الجنوب السوري، أشعلت نيران الثورة السورية، ليرد النظام ويحرق بلهيبها كل سوريا من أقصاها لأقصاها.
سنوات عشر والنيران تلتهم سوريا الجميلة، وتؤلبها ضد بعضها بعضاً، دمار، قتل، وتشريد، نظم أخلاقية واجتماعية وسياسية وثقافية تداعت، وكان الأطفال الذين أشعلوا شرارتها رغبة في حياة أفضل أكثر ضحاياها.
فبحسب تقارير صادرة عن اليونيسيف فان عدد السكان الكلي في سوريا بعد 2014: 18.4 مليون. المحتاجون من السكان: 11.7 مليون.
المحتاجون من الأطفال: 5 ملايين. العدد التقريبي للأشخاص في المناطق التي يصعب الوصول إليها: 1.1 مليون. عدد الأطفال في المناطق التي يصعب الوصول إليها: 360.000. عدد النازحين: 6.2 مليون.
في الدول المضيفة للاجئين المجاورة لسوريا
العدد الكلّي للأطفال اللاجئين المسجلين في دول الجوار: أكثر من 2.5 مليون.
تعرّض 532 طفلاً للقتل أو الإصابة بجراح، بما فيهم 359 طفل تعرض للقتل أو الإصابة في شمال غرب سوريا.
تجنيد 292 طفل في القتال.
تعرّض أكثر من 4,500 طفلاً للقتل.
تعرّض أكثر من 3,000 طفلاً للإصابة بجراح.
تجنيد أكثر من 3,800 طفل في القتال.
في دول الجوار المضيفة للاجئين: هناك ما يقرب من 10 آلاف لاجئ سوري من الأطفال غير المصحوبين أو المنفصلين عن ذويهم، ما يجعل هؤلاء الأطفال في وضع هشّ وعرضة للاستغلال بطرق مختلفة من بينها عمالة الأطفال، وخاصة حيث بلغ عدد الأيتام في سوريا حوالي 800 ألف يتيم معظمهم عندما يغيب المعيل والوصي يتوجهون الى سوق العمل.
وفي تسليط الضوء على وضع الأطفال شمال شرق سوريا بشكل خاص نرى انتشار هذه الظاهرة وهي في تزايد، رغم أن سوريا وقبل حوالي ثلاثين عاماً وقعت على الاتفاقية التاريخية لحقوق الطفل التي أقرتها الأمم المتحدة بموجب القرار 44/25 المؤرخ بـ 20 تشرين الثاني نوفمبر عام 1989، وأصدرت العديد من التشريعات المتصلة بشأن عمل الطفل ضمن قانون العمل رقم 17 الصادر عام 2010 وتضمنت فصولاً عديدة تهدف لحماية الطفل وحظر عمله بشكل كبير، إلا أنه تبقى المشكلة في بلدنا والعديد من البلاد غير الديمقراطية أنه لا يوجد تطبيق أو مراقبة لأهم القوانين. وكذا الحال بالنسبة لسلطة الأمر الواقع شمال شرق سوريا.
الأسباب العامة لعمالة الأطفال:
الحروب والاحتلال واللجوء والهجرة تأتي في مقدمة الأسباب. حيث تهجير العائلات ونزوحها من مناطق ساخنة إلى المناطق الأكثر أمناً وبقائها دون مأوى، ومصدر دخل ثابت، وفقدان أحد الأبوين أو كليهما، والارتفاع الفاحش في الأسعار. ما يدفع الكثير من العائلات الى زج أطفالها في سوق العمل.
السياسة العامة لسلطة الأمر الواقع، وخاصة المتعلقة بالرقابة على تنفيذ القوانين، التي تنص على عدم تشغيل الأطفال دون سن 13 وفي بعض الأعمال دون 18 وعدم اتخاذ الإجراءات ومحاسبة ومعاقبة المخالفين.
الفقر والوضع الاقتصادي وهو العامل الأساسي الذي يهيئ ويخلق ويبرر كل الأسباب السابقة التي تدفع الأطفال للعمل الظالم مادياً ومعنوياً. عدم وجود معيل ودخل يناسبهم من تحت خط الفقر. يجبر ذويهم على الانخراط في سوق العمل وتوفير أدنى مستوى للمعيشة لديهم. مع عدم اتخاذ الإدارة لإجراءات تضمن لهم الحد الأدنى للمعيشة وتوفير مصدر بديل لهم وتقديم المساعدات.
انهيار العملية التعليمية، ونظرة الكثير من الأهالي بعدم جدواها، وخاصة بالنسبة للنازحين الذين قدموا من المحافظات الأخرى، ولا يستطيعون الدراسة في مدارس تعلم باللغة الكردية وغير معترف بها، فلا جدوى من تلك الدراسة بالنسبة لهم.
(أم أحمد) نازحة من حلب “نزحنا من حلب بسبب الحرب ونقيم منذ سبع سنوات في القامشلي أصيب زوجي هناك ولا يستطيع العمل لذلك كان علي أنا وأطفالي العمل لتأمين لقمة عيشنا واحتياجاتنا الضرورية وعلاج زوجي”
وتتابع “ابني أحمد 12 سنة يعمل في سوق الخضار ينقل سلال الخضار من الصباح للمساء وبأجر زهيد وولدي (علي) يبيع المحارم والبسكويت بين الأحياء، وأنا أغسل السجاد وأنظف البيوت”
الآثار المترتبة على عمالة الأطفال
لتشغيل الأطفال نتائج جمة تعود سلباً عليه وعلى المجتمع ككل. منها انتشار الجهل نتيجة التسرب الدراسي والمتزايد نتيجة الظروف المعيشية السيئة.
انتشار الجريمة وتعرض هؤلاء الأطفال للاستغلال الجنسي والخطف والقتل إضافة إلى اكتساب سلوكيات تظهر على الأطفال كالتدخين والسرقة وفساد الأخلاق وضعف القيم وارتفاع نسبة الجريمة في سن الأحداث.
كما تؤثر سلباً على النمو النفسي والعضوي لدى الأطفال حيث تجاوزوا رغم عنهم مرحلة الطفولة ذات الأهمية الكبيرة في تكوينهم النفسي، وتكوين شخصيتهم، بالإضافة إلى قيامهم بالأعمال المجهدة التي تؤثر على نموهم العضوي.
وعلى الرغم من أن اتفاقية حقوق الطفل 1990 تنص على الحقوق الأساسية للأطفال وهي: الحقّ في البقاء والتطوّر والنموّ إلى أقصى حد والحماية من التأثيرات المضرّة وسوء المعاملة والاستغلال، والحقوق الأسرية الكاملة.
إلا أن تطبيق هذه القوانين وحقوق الأطفال مغيبة في سوريا عموما وشمال شرق سوريا خصوصاً.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”