fbpx

ضرورات تحرير سوريا من الاستبداد.. إطار عمل مشترك حيوي وضاغط

0 232

‎تحرير سوريا من الاستبداد الأسدي ومن الاحتلالات المختلفة يحتاج من القوى السياسية السورية المختلفة إطار عمل مشترك، يضع نصب عينيه تشكيل كتلة ضغط حيوية، مهمة هذه الكتلة التأثير المباشر وغير المباشر على السياسات الدولية عموماً، وعلى السياسة الأمريكية خصوصاً.

‎تحرير سوريا من الاستبداد والاحتلالات يتلاقى مع شعار “سوريا طريق الحرية”، ولتحقيق ذلك لابدّ من إيجاد صيغة عمل مشترك وفعّال بين مختلف القوى والتجمعات السورية في أمريكا كبداية وخارجها في مرحله لاحقه. هذا العمل لا يعني انصهار القوى والتجمعات في حزب سياسي أو مجموعة سياسية واحدة، بل يعني وضع النشاط الثوري وتحت مظلة تحتضنه وتمثله، وتفعله ببناء خطه عمل واستراتيجية شامله متكاملة تنسق للفعاليات وتنفذها بشكل متمم لبعضه بعضاً دون صهر الكيانات المنضوية، مع احتفاظ كل مكون منها على كيانه الخاص وأدائه.

‎إن اللقاء التشاوري الذي انعقد في واشنطن بتاريخ التاسع والعشرين من أكتوبر رفع شعار توحيد الصف واستعادة القرار المستقل، ودعم مشروع فصل الدين عن الدولة، هذا اللقاء يمكن أن يوظف مستقبلًا لإنشاء تيار يهدف لتوحيد مكونات المعارضة كافة تحت مظلة جامعة للأفراد وللتجمعات السياسية السورية الأمريكية ومن ثم التيارات خارج أمريكا.

‎اللقاء التشاوري دعت إليه مجموعة من الأمريكيين المنحدرين من أصل سوري، هذه المجموعة تعمل لخلق إطار العمل المشترك، أي تسعى مع باقي التجمعات الأمريكية السورية لتوحيد جماعات الضغط السابقة، للوصول إلى تفاهمٍ عريض نحو إقصاء سلطة الأسد، دون انصهار أي جماعة داخل الأخرى.

‎إن توحيد جماعات الضغط الأمريكية السورية سينتج عنه أفق عمل يخدم قضية بناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية في سوريا، وسيوحد جهود هذه الجماعات من خلال الإطار التحالفي لتشكيل مجموعة ضغط في الولايات المتحدة، مهمة هذه المجموعة إعادة إنتاج الموقف الاستراتيجي الأمريكي من القضية السورية، بما يخدم الخلاص من نظام الأسد، هذا النظام أقرّ الكونغرس الأمريكي بحقه ما يسمى “قانون قيصر”، وبتطبيقه سيكون تحت حصار محكم من العقوبات التي ستضطره إلى الإذعان للشرعية الدولية.

‎اللقاء التشاوري لم ير الأمور محصورة بهذا الإطار على مستوى تشكيل اللوبي الأمريكي السوري فحسب، بل إنه سيعمل لخلق حالة جديدة يتكامل فيها دور الجماعات الأمريكية السورية في دعم المؤسسات الشرعية لقوى الثورة والمعارضة، هذا الدعم يتم من خلال الضغط المستمر لتنفيذ القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بتاريخ الثامن عشر من ديسمبر عام 2015.

‎إن العقبات التي تقف في وجه تشكيل إطار عمل للأمريكيين السوريين هي عقبات يمكن تجاوزها من خلال احتفاظ كل جماعة بخصوصيتها الذاتية، ومن خلال إيجاد مربع تفاهمات لعمل الإطار المشترك، بحيث لا تذهب كل مجموعة للقاءات في الكونغرس أو مع مسؤولي الخارجية، فيظهر انقسامها غير المبرر، سيما وأن جميع هذه المجموعات تتلاقى على سلّة أهداف واحدة.

‎إن وجود مظلة عمل مشتركة بين الجماعات الأمريكية السورية سيمنحها احترام الكونغرس الأمريكي، وسيضعها في موقع المؤثر في صنع السياسات بما يخصّ الصراع في سوريا، هذه المظلة ضرورة سياسية هامة، تمّ العمل عليها منذ سنوات قليلة، لكن جائحة كوفيد-19 أوقفت العمل من أجل تحقيق هذه المظلة.

‎إن تغليب الذاتي على الموضوعي لا يخدم الحل السياسي في سوريا، فليس طبيعياً أن تذهب كل جماعة أمريكية سورية بمفردها إلى صانعي القرار الأمريكي، وتطرح عليه ما تراه من ضرورة تغيير الموقف الأمريكي الحالي، الذي لا يزال يضع القضية السورية خارج لائحة أولوياته في منطقة الشرق الأوسط، ثم تأتي الجماعة الثانية وتطرح ذات الرؤية على ذات صانعي القرار الأمريكي، فهذا يكشف تشرذم الجماعات الأمريكية السورية، هذا التشرذم يُضعف التأثير على صانعي القرار الأمريكي بما يخصّ الصراع في سوريا.

‎كما تقدم، من رؤيتنا، هل سيلعب اللقاء التشاوري دوراً في خلق إطار عمل مشترك للأمريكيين السوريين؟ الجواب يمكن لهذا اللقاء مع تطوير بنيته وأدواته ودوره واستراتيجيته أن ينهض بخلق إطار عمل مشترك يرقى إلى دور (لوبي أمريكي سوري).

لا ينبغي أن تشكّل الأيديولوجيا محور خلق إطار العمل المشترك، فالأيديولوجيا تضّيق مساحة التعاون المشترك، وتدفعه باتجاه اختلافات وتناقضات رؤيوية، لا حاجة لها في عمل مشترك، لقضية الخلاص من الاستبداد الأسدي.

‎كذلك، فإن تنشيط عمل منظمات وجمعيات أهلية أمريكية سورية في الولايات المتحدة، من شأنه أن يدعم قوى الثورة والمعارضة السورية ومؤسساتها المعترف بها في تعميق دورها بحياة السوريين، ويمنح لهذه المنظمات والجمعيات شرف المشاركة ببناء سوريا ديمقراطية حقيقية، قاعدتها الرئيسية الحريات التي يصونها دستور عصري يلحظ تجارب الدول المتقدمة ومن بينها تجربة الولايات المتحدة الأمريكية في بناء النظام الديمقراطي، هذا النظام الدينامي الذي يمنع احتكار السلطة من قبل الحكومة أو الرئاسة.

‎بقي أن نقول، إن العمل على تحقيق مظلة عمل مشترك بين الأمريكيين السوريين هو هدف هام، هذا الهدف يدفع القضية السورية إلى طريق الحل واختصار زمن معاناة السوريين المستمرة منذ أحد عشر عاماً، فهل ستذهب الجماعات الأمريكية السورية إلى هذا الخيار الهام؟، أم ستبقى أسيرة ذواتها، ما يُضعفها ويُضعف تأثيرها؟.

نعتقد أن اللقاء التشاوري الذي عُقد في واشنطن، وضع اللبنة الأولى في بناء إطار عمل مشترك للجماعات الأمريكية السورية، لتشكيل كتلتها المؤثرة في صناعة القار السياسي الأمريكي حيال سوريا وكفاح شعبها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني