سوريا والضربة الاستراتيجية الكبرى لخامنئي
فور سقوط دكتاتور سوريا الدموي، انهارت استراتيجية النظام التي امتدت لأربعة عقود في المنطقة. وكتبت صحيفة “هممیهن” في عددها الصادر بتاريخ 9 ديسمبر: “في غضون أسبوع، تبخرت جميع الاستثمارات السياسية والاقتصادية والعسكرية وذهبت هباءً”.
وقبل ساعات من سقوط دمشق، نشر موقع “خبرآنلاین” الحكومي تقريراً أعرب فيه عن القلق قائلاً: “هدفهم هو الوصول إلى سرپل ذهاب في غرب إيران. ومن خلال مراجعاتنا، تبين لنا أن الأمر يتجاوز سوريا والعراق بكثير… لمنع انتقال الحرب إلى إيران، يجب اتخاذ خطوات جادة وشاملة على أعلى المستويات. إننا نشاهد انهيار أعمدة الدفاع في الجيش السوري واحدة تلو الأخرى”.
على مدى جميع مراحل حكم النظام الكهنوتي، بدءاً من فترة حافظ الأسد وهيمنة خميني خلال حربه العدوانية ضد العراق، ومروراً بسنوات الهيمنة الإجرامية التي مارسها قاسم سليماني في العراق ولبنان وسوريا، وحتى يوم سقوط بشار الأسد، كانت دكتاتورية عائلة الأسد التي امتدت لخمسين عاماً تشكل العمود الفقري للنظام الإيراني في المنطقة.
استخدم حسن نصر الله في عام 2019 عبارة “سوريا هي العمود الفقري” نقلاً عن خامنئي. وقال: “إذا أردت الإشارة إلى وصف دقيق عن سوريا، فهي العبارة التي استخدمها السيد القائد [خامنئي]، حيث قال: سوريا هي العمود الفقري. واليوم، بدون سوريا، سيتم تهميش المقاومة في لبنان وفلسطين. فسوريا هي جزء أساسي وكبير ومهم من جسد وفكر وإرادة المقاومة في المنطقة” (موقع خامنئي، 24 سبتمبر 2019).
لم يكن من قبيل الصدفة أن الخليفة المحب للحرب خصص عشرات مليارات الدولارات من عائدات النفط والغاز والضرائب، منتزعة من جلد ولحم الشعب الإيراني، وأرسلها مع آلاف من الحرس ومرتزقته إلى سوريا بهدف إبقاء بشار الأسد في السلطة، لمنع اندلاع الانتفاضات والثورات في سوريا وإيران على حد سواء.
الخليفة الرجعي وفي تبرير تدخلاته المكلفة في دول المنطقة، التي يصفها بأنها العمق الاستراتيجي للنظام، قال مراراً: “إذا لم نقاتل في سوريا ولبنان والعراق ونتحمل التكاليف هناك، فسيتعين علينا القتال في شوارع كرمانشاه وهمدان وباقي المحافظات”.
كما أضاف مبرراً لعناصره في قوة القدس الإرهابية: “من يذهب من هنا إلى العراق أو سوريا ويقف في مواجهة التكفيريين دفاعاً عن حرم أهل البيت، فإنه في الواقع يدافع عن مدنه الخاصة” (موقع خامنئي، 25 يونيو 2016).
وفقاً لهذه النظرية وإقرار الخليفة الرجعي، فإن آثار انهيار العمق الاستراتيجي وكسر “عمود الخيمة” في سوريا ستظهر أولاً في طهران، لأنه عندما يعجز خامنئي عن الحفاظ على عمود خيمته في سوريا، فلن يتمكن من الحفاظ على ولايته في طهران.
في وقت سابق، عبّر مهدي طائب، قائد ما يسمى بـ”مقر عمار”، عن نفس الفكرة بشكل أوضح، قائلاً بصراحة: “إذا هاجمنا العدو وأراد السيطرة على سوريا أو خوزستان، فإن الأولوية تكون للحفاظ على سوريا، لأنه إذا حافظنا على سوريا، يمكننا استعادة خوزستان، ولكن إذا فقدنا سوريا، فلن نتمكن من الحفاظ على طهران” (عصر إيران، 14 فبراير 2013).
الأسبوع الماضي، قال زعيم المقاومة الإيرانية السيد مسعود رجوي في رسالة حول تطورات سوريا: “خامنئي یتلّقی ضربة استراتيجية أخرى في سوريا
سوریا التي كان يعتبرها ذات يوم المحافظة الخامسة والثلاثين لدولته.
کان نهایة شرور بشار الأسد ممکناً قبل تسع سنوات بتطبیق قرار مجلس الأمن رقم 2254، لكن خامنئي وجلاوزته عرقلوا ذلك.
وفقًا لوثائق دامِغة، أنفق خامنئي خلال العقد الأول من القرن الحالي أکثر من 50 مليار دولار قطعها من موائد وأموال الشعب الإيراني، عبر قاسم سليماني الملعون، لقمع وقتل المجاهدين وأحرار سوريا، لإبقاء بشار الأسد في الحکم.
فيما كان المواطنون المحرومون الإیرانیون يصرخون: “اترك سوريا، فكّر في حالنا”.
حقًا، فإن إسقاط ديكتاتور سوريا يشكّل ضربة قاتلة لخامنئي ونظام ولاية الفقيه، وهو من مؤشرات حتمیة لانتصار الثورة الديمقراطية في إيران.“
(مسعود رجوي، 5 ديسمبر 2024).