fbpx

رسالة إلى مؤتمر المانحين

1 286

أعلن وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم منذ أيّام عن نيّة الاتحاد الأوروبيّ عقد مؤتمر المانحين من أجل متضرري الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية، في 16 مارس/آذار القادم.

ولقطع الطريق على النظام السوريّ وحلفائه الروس والإيرانيين واليمين الأوروبي، من الاستفادة من هذا المؤتمر وتحويله فرصة لإعادة تعويمه، والضغط باتجاه رفع العقوبات الدوليّة المفروضة عليه، يقتضي من السوريين الأحرار والمعارضة السوريّة ومنظّمات المجتمع المدني توجيه رسالة للمؤتمر يحذِّرون من ذلك، والطلب إلى المانحين توجيه المساعدات إلى مكانها الصحيح، وأن تُصرَف للمستحقّين الحقيقيين من المنكوبين جراء الزلزال.

لقد شهد العالم حجم الكارثة الإنسانيّة التي خلّفها الزلزال المُدمِّر الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريّة، وقد أودى بعشرات الألاف من الأشخاص وتدمير المُدن، وتشريد الملايين ودفعهم على العراء في ظروف جويّة قاسيّة، وما زال هناك الكثير من الأشخاص تحت الأنقاض، لعدم توّفر الإمكانيات البشريّة والماديّة لدى المنظمات العاملة في مجال الإنقاذ “الدفاع المدني – الإسعاف – الطوارئ – المشافي”.

وبما أن الشمال السوري هو منطقة نزاع مُسلّح بالأصل، ثم جاءت كارثة الزلزال لتضيف عبئا جديداً على السكان مما ينقل الوضع الإنساني من حالة “الغوث الإنساني” بموجب أحكام القانون الدوليّ الإنساني إلى حالة “الوضع الإنساني المُعقّد ” ما يوجب التعامل معه على هذا الأساس وفقاً لأحكام اتفاقيّات جنيف والبروتوكولات الملحقة، وقرارات الجمعيّة العامّة للأمم المتحدّة الخاصّة بتقديم المساعدات الإنسانيّة في حالة الكوارث الطبيعيّة.

وحيث أنّ مبادئ الإنسانية والحيدة وعدم التمييز يجب أن تكون فوق كل اعتبار لدى جميع من يقدمون مساعدة إنسانية، وحيث أنّ منطقة الشمال السوري المنكوبة خارجة عن سلطة النظام السوريّ، وهي الأكثر ضرراً، وأنّ النظام يعمل على استغلال هذه الكارثة لابتزاز المجتمع الدوليّ لرفع العقوبات  وفكّ عزلته الدوليّة المفروضة عليه بسبب جرائمه ضد الإنسانيّة التي ارتكبها بحقّ هذا الشعب، وتحويل المساعدات الإنسانيّة الطارئة إلى مشاريع إعادة إعمار مؤسساته القمعيّة، وبالتالي أعادة إنتاجه وتأهيله دوليّا الأمر الذي يمنحه القدرة على ممارسة المزيد من البطش والإجرام، وانتهاك القانون الدوليّ وتمرّده على المجتمع الدوليّ.

وحيث أنّ الوثيقة الختامية لمؤتمر القمة العالمي للأمم المتحدة لسنة 2005 أكدت على أنّ: مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، يخضع لمسؤولية الحماية الدولية، متى كانت الدولة غير راغبة أو غير قادرة على حماية مواطنيها من خسائر فعلية أو متوقعة في الأرواح، وعلى نطاق واسع، وبنية الإبادة أو بدونها، أو تطهير عرقي واسع النطاق.

وحيث أنّ سيادة الدولة ليست غاية ٌ في ذاتها بل هي وسيلة لغاية، والغاية هي خير شعب الدولة، واحترام كرامة الإنسان، وحقوقه الأساسية في الداخل، وفكرة التزام الحماية أول أهداف الدولة، ومبرر لوجودها، وحيث أنّ النظام السوريّ لم يؤتمن على حياة الناس حتى يؤتمن على المساعدات الدوليّة المقدّمة لضحاياه قبل ضحايا الزلزال، وهو الذي حوّل سوريّة إلى دولة فاشلة، بسبب الفساد المستشري، وغياب القانون، والقتل والتهجير القسري والتدمير والتشريد.

وحيث أنّ أحد أهم مقاصد الأمم المتحدة التي نص عليها ميثاقها، هو تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، ويعتمد المجتمع الدولي الآن على المنظمة الدوليّة في تنسيق عمليات المساعدات الإنسانية الدولية نظراً لطبيعة الكوارث الطبيعية، وتلك التي من صنع الإنسان، مما يتطلب جهداً كبيراً خارج قدرة السلطات الوطنية، وخارج الجغرافيا الوطنية كذلك.

وحيث أنّ ترك ضحايا الكوارث الطبيعية وضحايا الطوارئ الأخرى المماثلة بلا مساعدة إنسانية يمثل خطراً على الحياة الإنسانية وإهانة لكرامة الإنسان، وفقاً لما ورد في ديباجة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم” 43/131″ لسنة 1988.

وبناءً على ما سبق واستناداً إلى قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم “131/43” تاريخ 7 كانون الأول 1988 والقرار رقم “100/45” تاريخ 14 كانون أول 1990 المتعلقان بتقديم المساعدة الإنسانية لضحايا الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ المماثلة، واستناداً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم “770” لسنة 1992، وقرار مجلس الأمن الدولي الخاص بتمديد عمليات تقديم المساعدات عبر الحدود الخاص بسوريّة رقم ” 2672″ لسنة 2023. نلتمس من حضراتكم ما يلي:

  • اعتبار هذه المنطقة منطقة منكوبة بسبب الوضع “الإنسانيّ المُعقّد” والبحث في أليّة تطوير حماية السكّان وإعلانها “منطقة آمنة” في ظل عدم وجود أي أفق للحلّ السياسي في المدى المنظور.
  • فتح الصندوق المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ والاستعجال برصد ميزانية دوليّة خاصّة بالمناطق المنكوبة في شمال وشمال غرب سوريّة، تتضّمن تمكين المنظمات والهيئات العاملة في مجال “الطوارئ”، وتخفيف معاناة المحتاجين إلى المسكن والمأوى اللائق، إضافة إلى تمويل مشاريع تنموية تعيد الحياة لسكّان المنطقة وتؤهّلهم لتجاوز المرحلة الأولى من أثار الكارثة.
  • عدم الانجرار وراء أكاذيب النظام ومنعه من استغلال الكارثة بحجة “السيادة الوطنيّة” لأنّه تخلّى عن هذه السيادة للروس والإيرانيين، ولأنهم يحاصرون سكّان هذه المنطقة، ويقومون بقصفهم حتى أثناء كارثة الزلزال. مما يعني تخلّيه عن واجبه في تقديم المساعدات للمنكوبين، الأمر الذي ينقل المسؤولية عن ذلك إلى الأمم المتحدة، وقطع الطريق عليه ومنعه من سرقة المساعدات الدوليّة أو توظيفها فيما يُعزّز ديكتاتوريته واستبداده، ويزيد في بطشه وإجرامه.
  • نهيب بالدول فرادى ومجتمعة تقديم المساعدات الانسانيّة إلى المناطق المنكوبة دون اشتراط الحصول على موافقة “النظام” استناداُ لقرار مجلس الأمن الدولي رقم “770” لسنة 1992م الذي يطلب من جميع الدول أن “تتخذ فرادى أو من خلال الوكالات والترتيبات الإقليمية جميع التدابير التي تكفل بالتنسيق مع الأمم المتحدة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية”، على غِرار ما قام به حلف الأطلسي في البوسنة والهرسك سنة 1995.
  • كما نلتفت عنايتكم إلى تقديم المساعدة للاجئين السوريّين في تركيا الذين نُكِبوا بهذه الكارثة، والتخفيف عن الحكومة التركيّة هذا العِبء والتي أنهكها الزلزال بما أوقعه من خسائر بشريّة وماديّة واقتصاديّة.
1 تعليق
  1. منجد الباشا says

    اولا..شكرا. للاستاذ عبد الناصر على الجهد المبذول..
    ثانيا..
    النداء يبدو وكانه اطروحة مرافعة عن القضية السورية مطولة..
    ثالثا..
    اعتقد.ان هكذا توجه فيه ماينطبق في قول الشاعر.
    لقد اسمعت لو ناديت حيا.
    ولكن انت تنفخ في رماد..

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني